رسالة من الشيخ البيحاني إلى الشيخ ابن باز في التعارف بينهما

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
عدن في 26 جمادى الأولى سنة 1372هـ
حضرة المحترم الأخ في الله الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه قد وصل إلينا أحد الإخوان في الله تلميذكم الشيخ سعيد بن علي العديني اليمني، وحدثنا عنكم الأحاديث المطربة المحببة إلى نفس كل موحد يستنشق نسمات نجد ويترشف من طيب أخباركم ما يبل صداه ويروي ظمأه.
وأحببت أن أكتب إليكم شيئا تعرفونني به، وتعلمون منه أن لكم هنا في عدن المستعمرة الإنجليزية، وثغر اليمن الطبيعي أحبابا وإخوانا في الله؛ وفي كل زاوية خبية، ومن كل طائفة بقية، ونحن إن شاء الله من الظاهرين بالحق على من خالفنا حتى يأتي أمر الله.
والصراع بين الحق والباطل سنة كونية، وطريقتنا في العصر الذي كثر شره ومع الذين يجادلون بالباطل؛ ليدحضوا به الحق - طريقة إلى السلم أقرب منها إلى الحرب، ولكنها مُشَرِّفة من جانب، وعائدة بالخير من جانب آخر، وقد كسبنا في هذه الجهات أكثر من ستين في المائة تنورت أفكارهم، وتفتحت أبواب العلم بين أيديهم؛ فقضوا به على دولة الجهل، وحطموا به الصنم والسادن.
والحق يعلو ولا يُعلى عليه، ولست الآن أذكر شيئا هو أولى بجعله في مقدمة التعارف الحسي بيننا إلا أنني أسأل الله لي ولكم العافية، وأن يجعلنا من المتحابين فيه وله.
وإذا تشرفت باستلام جوابكم فسينفتح الباب للكلام، وتقوى الصلة، وتتوثق الرابطة، ويعرف كل منا الشيء الكثير عن أخيه بل إخوانه.
هذا وفي الختام أكرر لكم تحياتي وسلام الله مني، ومن تلاميذي وزملائي، على جنابكم الشريف وعلى من أردتم له السلام عندكم.
 
أخوكم المخلص/ محمد بن سالم البيحاني[2]
 

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص177)
  2. هو فضيلة الشيخ العلامة محمد بن سالم بن حسين الكدادي البيحاني مؤسس المعهد العلمي الإسلامي في عدن. ولد سنة 1326هـ في بيحان من أعلام عدن، تلقى العلم على يدي والده العالم الفقيه الفلكي العابد، ثم هاجر إلى حضرموت مع أخيه الشيخ عبدالإله؛ حيث أخذ علومه هناك عن أستاذه الكبير الشيخ عبدالله بن عمرو الشاطري العلوي، وعدة شيوخ غيره. وكان رضي الله عنه كفيف البصر، وقد ساعده ذلك على الحفظ.وقد سافر إلى مصر، ودرس في الأزهر، وتخرج فيه حاملا الشهادتين: الأهلية، والعلمية، ثم التحق بكلية الشريعة غير أنه لأسباب قاهرة توقف عن متابعة دراسته الجامعية بعد أن قطع شوطا فيها. وبعد ذلك عاد إلى عدن، وخاض غمار الحياة العلمية، والدعوية، والتربوية. وكان عالما بارعا، وخطيبا مصقعا، وكان ذا حلم، وأناة وأصالة رأي، وصراحة في القول، وثبات على الحق حتى وافاه أجله رضي الله عنه. وقد خلف رضي الله عنه آثارا علمية منها: إصلاح المجتمع، وأستاذ المرأة وغيرها من الكتب.