رسالة من الشيخ الدوسري حول مساوئ القومية وأمور أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم[1]
حضرة الأمجد صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز المحترم حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالنا عن صحتكم لا زلتم مسرورين، ونحن من كرم الله تعالى بخير دمتم به.
أما بعد: فلا يخفي على فضيلتكم مساوئ القومية الوثنية، وما حَمَلَتْهُ وتَحْمِلُه من تحطيم ديننا، وأخلاقنا، وأعراضنا، وأموالنا، زيادة على ما يبذله طغاتها من نشاط كبير في تحطيم كياننا، وتكييف أولادنا بعقيدة إلحادية ومذاهب شيوعية باسم الاشتراكية الزائف المعسول، ويصبغونهم بصبغة ينكرون بها على آبائهم وحكامهم الذين تربوا في أحضانهم؛ بحيث يكونون أداة هدم لدولتهم دون تفكير منهم بسوء المصير الذي ينتظرهم إن تم لهم ما أرادوا والعياذ بالله؛ إذ لم يعتبروا في ثورة العراق المشؤومة، وما جرَّته من بلايا، ومحن عظيمة، فيرتدعوا عن اندفاعهم الأحمق.
وما ذاك إلا لقوة التوجيه، ومواصلة غسل الأدمغة في جميع الأساليب وعلى الأخص التعليم بما يجلبه من الجيش الجرار جيش المعلمين الذين لا يسمح لأحد منهم بالسفر حتى يقدم شهادة حضور التدريب في الرابطة القومية؛ لتركيز البث والتوجيه في الأقطار المنتدب لها، بل إنهم هذه السنة منعوا من سفر زوجة المعلم أو أمه أو أحد أسرته قطعا إلا بعد حضور الدروس للتدريب على خططهم الخبيثة، وأخذ شهادة بها، وقد نشرت هذا الخبر جهارا هذه السنة أغلبُ الصحف بعد أن كان كَسِرٍّ مكتوم.
ومن جملة ما نشرته جريدة (الأهرام) الشبه رسمية في عددها 27288 بتاريخ 17 ربيع الأول 1381هـ.
فأي تصريح أوضح من هذا على استمرارهم في الهدم والتحطيم؛ فعلى فضيلتكم العمل السريع على التقليل من جلب (الجرب) جلب المعلمين وذلك بتقليل المدارس وعلى الأخص المدارس الثانوية بحيث يكتفي بمدرستين فقط في نجد جميعها أحديهما في الرياض، والأخرى في بريدة فقط عاصمة القصيم، وهذا بالنسبة إلى العراق شيء كثير؛ لأن المعارف العراقية تجعل في اللواء الواحد (ثانوية واحدة) واللواء الواحد في العراق يعدل نجد مرتين بالسكان، وعشر مرات من ناحية الإجبار على التعليم مع ملاحظة الاستغناء عن مدرسي الجمهورية غاية الإمكان؛ تفاديا للدين والكيان والأمر المهم جدًّا هو عدم ابتعاث أحد من طلبة المملكة إلى الجمهورية؛ لقوة الدعاية فيها إلى الشيوعية والإباحية، والتحلل، وتحبيذ الخلاعة، والفسوق، وتخبيط الأذهان بالإلحاد، وإفساد القلوب على الحكام، والتقاليد؛ فالمرجو من فضيلتكم رعاية هذه النقطة، والاهتمام بها بحيث لا يسمح ولا بابتعاث مبعوث واحد؛ فإنَّ صرفهم إلى أمريكا أجدى نفعا، وأقل ضررا، بل من الناحية الشيوعية، وفساد الضمير ينعدم الخطر؛ فخذوا حذركم مما يراد بكم، ولا يقع فيكم بيت أبي مسلم الخراساني[2]، أو بيت ابن زريق.
ولا يفوتني قبل الختام تذكيركم بأن القصيم الذي هو ركيزة التوحيد في نجد أصبح الآن فيه شباب ينكرون الخالق و(جريدته) الوسخة صورة بشعة، وما جرى هذا إلا من ثقتكم بأعدائكم، وإسنادكم الأمور إلى غير أهلها عن سلامة صدر كما هي عادة من قبلكم؛ فالله الله التفتوا إلى واقعكم المؤلم، وخذوا من غيركم عبرة، وانظروا في أنجع الطرق للتربية وصيانة الشباب من جديد عن التمادي في الغي، وإبعاد الجرب المصري، والابتعاد عنه غاية ما أمكن.
هذا ما يقضي به الواجب علي نحوكم والسلام عليكم والعزيز لديكم خصوصا الأولاد والحمولة ومنا الأولاد يسلمون والله يحفظكم.

المخلص/ عبدالرحمن بن محمد الدوسري/ 23 ربيع الأول 1381هـ.
 
عندنا رجل من الصلحاء العارفين بحقائق الإسلام جدًّا وللمحاربين للطواغيت تنتفع أبناء السعودية بتعليمه، وهو معلم مغضوب عليه لصلابته في دين الله، ويحب الالتحاق عندكم ولكن لا تسمح الحكومة بدخوله حتى ينتدب رسميا واسمه (توفيق الصانع) فإذا رأيتم له سنع فحبذا والسلام.
يحتمل أنه أراد قوله[3]:
ومن رعى غنما في أرض مسـبعة ونام عنها تولى رعيها الأسـد
                            

  1. الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء (ص257)
  2. لعله يعني بذلك والله أعلم قوله: محى السيف أسطار البلاغة وانتحى  *** عليك ليوث الغاب من كل
  3. بل لعله يقصد بيت ابن زريق في عينيته المشهورة:  أوتيت ملكا فلم أحسن سياسته  *** كذاك من لا يسوس الملك يخلعه.(م)