منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

السؤال:

مجموعة من طلاب العلم بعثوا بهذا السؤال، يقولون في سؤالهم: نود من سماحة الشيخ أن يتحدث عن مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ لأننا اختلفنا كثيرًا مع الإخوان في ذلك حول هذا الموضوع، وجهونا سماحة الشيخ.

الجواب:

مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته: أنهم يؤمنون بها، ويثبتونها كما جاءت في القرآن والسنة، ويمرونها كما جاءت؛ من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، هكذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي ﷺ ومن سلك سبيلهم، يؤمنون بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم، أو في السنة الصحيحة، ويثبتونها لله على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف لها، ومن غير تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، يعني: لا يحرفونها ويغيرونها، ولا يعطلونها كما تفعل الجهمية والمعتزلة.

ولا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفون ويقولون: كيفيتها كذا، كيفيتها كذا، لا، بل يمرونها كما جاءت، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، مثل: الرحمن، نقول: هو موصوف بالرحمة على الوجه اللائق بالله، ليست مثل رحمة المخلوقين، ولا نعلم كيفيتها، ولا نزيد ولا ننقص، وهكذا نقول: إن الله موصوف بالاستواء: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].

أما كيف استوى؟ الله أعلم، ولا نقول كما تقول الجهمية:إنه استولى، لا، نقول: استوى، يعني: ارتفع وعلا فوق العرش، الاستواء هو العلو والارتفاع، لكن على الوجه اللائق بالله، لا يشابه استواء المخلوقين على دوابهم، أو في سطوحهم، لا، استواؤه يليق به، ويناسبه، لا يماثل صفات المخلوقين، ولا يعلم كيفيته إلا هو .

كذلك كونه يغضب، يغضب صحيح هو يغضب -جل وعلا- على من عصاه، وخالف أمره، لكن ليس مثل غضبنا، ولا نكيف ونقول: كيفيته كذا وكذا، لا، نقول: يغضب غضبًا يليق بجلاله لا يشابه صفات المخلوقين، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] قال تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] قال تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا [البقرة:22] يعني: أشباهًا ونظراء.

وهكذا نقول: إنه يعطي ويمنع، وإنه يحب، وأنه يكره، لكن على الوجه اللائق بالله، لا يشابه صفات المخلوقين في محبتهم وكراهتهم وبغضهم وسخطهم، لا، صفاته تليق به، وهكذا نقول: له وجه، وله يد، وله قدم، وله سمع، وله بصر، لكن ليس مثل أسماعنا، ولا مثل أبصارنا، ولا مثل أيدينا، ولا مثل وجوهنا، وجه يليق بالله، يد تليق بالله، سمع يليق بالله، عين تليق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته -جل وعلا-، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] وقد أخبر عن نفسه: إنه سميع بصير، إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:63]: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] يقول النبي ﷺ: لا تزال جهنم يلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قط قط يعني: حسبي حسبي، وهكذا بقية الصفات نمرها كما جاءت، مع الإيمان بها، وإثباتها لله على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، نقول: إنها ثابتة، وإنها حق، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه، كما قال -جل وعلا-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

ولما سئل مالك بن أنس -رحمه الله- عن الاستواء، قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن ذلك بدعة، يعني: عن الكيفية.

وهكذا قال سفيان الثوري، وابن عيينة والأوزاعي، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام إسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة السلف، وهكذا الصحابة والتابعون على هذا الطريق، لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفونها، ولا يقولون: كيف كيف؟ بل يقولون: نثبتها لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل نقول كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.

فتاوى ذات صلة