04 من قوله: (واعلم بأن الإرث نوعان هما)

باب الوارثين من الرجال

والوارثون من الرجال عشره أسماؤهم معروفة مشتهره
الابن وابن الابن مهما نزلا والأب والجدّ له وإن علا
والأخ من أي الجهات كانا قد أنزل الله به القرآنا
وابن الأخ المُدلي إليه بالأب فاسمع مقالًا ليس بالمكذب
والعم وابن العم من أبيه فاشكر لذي الإيجاز والتَّنبيه
والزوج والمُعتق ذو الولاء فجملة الذكور هؤلاء

باب الوارثات من النِّساء

والوارثات من النساء سبع لم يُعطِ أنثى غيرهن الشرعُ
بنت وبنت ابنٍ وأم مُشفقة وزوجة وجدَّة ومُعتقة
والأخت من أي الجهات كانت فهذه عدتهن بانت

الشيخ: لما ذكر المؤلفُ رحمه الله أسبابَ الميراث وموانع الإرث بيَّن الوارثين من الرجال والنساء؛ حتى يكون طالبُ العلم على بينةٍ وعلى بصيرةٍ في هؤلاء الورثة؛ حتى يُعطى كل ذي حقٍّ حقَّه حسبما يأتي من التَّفصيل، فأنت عرفت أسباب الإرث، وعرفت موانع الإرث، فالآن أنت في حاجةٍ إلى معرفة الوارثين من الرجال والنساء، ثم معرفة حقِّ كل واحدٍ، ونصيب كل واحدٍ.

فالوارثون من الرجال على سبيل الاختصار عشرة، ومن النساء على سبيل الاختصار سبع، ومن الرجال على سبيل البسط والإيضاح خمسة عشر، والنساء على سبيل البسط عشر، الجميع خمسة وعشرون بالتفصيل بين ذكرٍ وأنثى، هؤلاء الورثة المتفق عليهم بين أهل العلم؛ خمسة عشر من الذكور، وعشر من النساء على سبيل البسط والبيان، وعلى سبيل الاختصار عشرة من الذكور، وسبع من الإناث، يصير سبعة عشر.

قال رحمه الله: (باب الوارثين) يعني: من الرجال، يعني: باب بيان الوارثين من الرجال، والمراد من الرجال يعني: من الذكور، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا، حتى الطفل، حتى الحمل، كما تقدم.

(والوارثون من الرجال عشره) يعني: على سبيل الاختصار، (أسماؤهم معروفة) يعني: عند الفرضيين، عند أهل العلم في الفرائض، (مشتهره) عندهم.

(الابن وابن الابن مهما نزلا) يعني: ابن الميت أو الميتة، وابنه وإن نزل، سواء كان واحدًا أو عددًا، اثنان: ابن الميت وابن ابنه وإن نزل.

(والأب) أبو الميت، (والجد له وإن علا) يعني: أبو الأب وإن علا، سواء الجد، أو أبو الجد، أو جد الجد، هؤلاء أربعة.

(والأخ من أي الجهات كان) خمسة، سواء كان شقيقًا أو لأبٍ أو لأمٍّ، هذه خمسة.

(قد أنزل الله به القرآن) في قوله جلَّ وعلا: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ الآية [النساء:12]، وفي آخر السورة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ الآية [النساء:176]، أشار إلى هذا: (قد أنزل الله به القرآن).

(وابن الأخ المدلي إليه بالأب) هذا السادس، يعني: المدلي للميت بأبيه، يشمل الشقيق، والذي لأب، بخلاف الأخ لأم؛ فليس من الورثة المتفق عليهم، كما يأتي؛ ولهذا قال: (المدلي إليه بالأب) تحرز من ابن الأخ لأم، ليس من الورثة.

(وابن الأخ المدلي إليه بالأب) يعني: سواء كان شقيقًا أو لأبٍ، (فاسمع مقالًا) يعني: قولًا (ليس بالمكذب) يعني: لا يُكذبه أهلُ العلم، بل يُقرونه ويُصدقونه؛ لأنه مجمع عليه.

(والعم وابن العم من أبيه) العم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب؛ ولهذا قال: (من أبيه) احترازًا من العم لأم، وابن العم لأم، ليس من الورثة، المراد العم من الأب، سواء كان شقيقًا أو لأبٍ، وابن العم الذي يُشاركه في الأب، سواء كان شقيقًا أو لأبٍ، هؤلاء ثمانية.

ثم قال: (والزوج والمعتق ذو الولاء) الزوج التاسع، والمعتق العاشر، فجملة الذكور هؤلاء عشرة على سبيل الاختصار.

وعلى سبيل البسط والإيضاح يكونون خمسة عشر كما تقدم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد -أبو الأب- وإن علا، أربعة، والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، هؤلاء سبعة، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، تسعة، والعم الشقيق، والعم لأب، إحدى عشرة، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، ثلاثة عشر، والزوج، والمعتق، خمسة عشر على سبيل الإيضاح والبيان.

هؤلاء كلهم وارثون بالإجماع، خمسة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل -ولو كان في خامس درجةٍ أو سادس درجةٍ- والأب، والجد وإن علا -وإن كان أبا الجد- والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، سبعة، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، تسعة، يعني: وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا -عم الميت، وعم أبيه، وعم جده- وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا -ابن العم، وابن ابن العم، وابن ابن ابن العم، وهكذا- هؤلاء ثلاثة عشر، والزوج والمعتق، هؤلاء خمسة عشر.

أما الوارثات من النساء فهن سبع على سبيل الاختصار: البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم، ثلاثة، والزوجة، والجدة، والمعتقة، ستة، والأخت من أي الجهات، هذه سبع.

البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم -أم الميت- ثلاث، والزوجة، والجدة، والمعتقة، ست، والأخت من أي الجهات، سبع، (فهذه عدَّتهن بانت) يعني: ظهرت واتَّضحت.

وعلى سبيل الإيضاح والبيان يكن عشرًا: البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، ثنتان، والأم، هذه ثلاث، والزوجة فأكثر، يعني: سواء واحدة أو ثنتان أو ثلاث أو أربع، زوجة فأكثر: أربع، والجدة؛ سواء كانت من جهة الأب، أو من جهة الأم، هذه ست، والمعتقة سبع، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، هذه عشر، وإن فصلت الجدَّات قلت: أم الأب، وأم أبي الأب، صارت إحدى عشرة، لكن الأولى: الجدَّة مطلقًا، الجدة الوارثة، يعني: صارت عشر بنات.

وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم، ثلاث، والزوجة فأكثر، والجدَّة من جهة الأب، والجدة من جهة الأم، هؤلاء ست، والمعتقة سبع، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، عشر، كلهنَّ وارث بالإجماع، فالجميع خمس وعشرون:

الولدان: الابن والبنت.

والأبوان: الأب والأم، هؤلاء أربعة.

والجد والجدة، ستة.

والإخوة الثلاثة، والأخوات الثلاث، هؤلاء اثنا عشر.

وأبناء الأخ أربعة عشر.

والعمَّان، وأبناء العمَّين، والزوجة فأكثر، والمعتقة.

فإذا جمعتهم صاروا خمسًا وعشرين: خمسة عشر من الذكور، وعشر من النساء، كلهم وارث بالإجماع، وتفصيل مواريثهم تأتي إن شاء الله.

فالإخوة ستة، ذكورهم وإناثهم ستة: شقيق، ولأب، ولأم، وأخت شقيقة، وأخت لأب، وأخت لأم.

والأبناء: الابن، والبنت، وابن الابن، وبنت الابن، والأب والأم كذلك، والجد والجدة كذلك، كل مع قرينه، والمعتق والمعتقة، هؤلاء هم جملة الوارثين من الذكور والإناث.

الشيخ: كم الوارثين من الذكور على سبيل البسط؟

الطالب: على سبيل البسط خمسة عشر من الرجال: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد وإن علا.

الشيخ: يعني بمحض الذُّكورة.

الطالب: بمحض الذكورة نعم، والأخ الشَّقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وأبناؤهما وإن نزلا، والزوج، والمعتق.

الشيخ: والوارثات من النِّساء على سبيل البسط؟

الطالب: والوارثات من النساء على سبيل البسط عشر: البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم، والجدة لأب، والجدة لأم، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والزوجة، والمعتِقة.

الشيخ: كم الوارثون من الذكور على سبيل البسط والإيضاح؟

الطالب: خمسة عشر: الأب، والجد وإن علا، والابن وابنه وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا.

الشيخ: عم الأب، وعم الجد، وهكذا.

الطالب: وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا، والزوج، والمعتِق.

الشيخ: والوارثات من النساء على سبيل البسط؟

الطالب: عشرة: البنت وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والجدة من قبل الأب، ومن قبل الأم، والأم، والزوجة فأكثر، والمعتقة.

الشيخ: تمام، عشرة. الورثة من الرجال على سبيل البسط؟

الطالب: الابن وابن الابن وإن نزلا، والأب والجد وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا، وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا، والزوج، والمعتق.

الشيخ: طيب، ومن النساء كم على سبيل البسط؟

الطالب: على سبيل البسط عشرة: البنت وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والمعتِقة، والزوجة.

الشيخ: مَن هم الورثة من الذكور على سبيل البسط؟

الطالب: خمسة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل بمحض الذكورة.

الشيخ: إن نزل الابن وابن الابن.

الطالب: نعم، والأب، والجد.

الشيخ: الجد من جهة الأب أم من جهة الأم؟

الطالب: الجد من الجهتين.

الشيخ: الأب؟

الطالب: نعم.

الشيخ: وإن علا.

الطالب: الجد من جهة الأب.

الشيخ: الجد أبو الأب وإن علا.

الطالب: نعم.

الشيخ: بمحض الذكورة.

الطالب: بمحض الذكورة.

الشيخ: نعم.

الطالب: والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب.

الشيخ: وإن نزلا.

الطالب: وإن نزلا.

الشيخ: والعم الشقيق.

الطالب: والعم الشقيق، والعم لأب.

الشيخ: وإن عليا.

الطالب: وإن عليا، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب.

الشيخ: وإن نزلا.

الطالب: وإن نزلا، والزوج، والمعتق.

الشيخ: والوارثات من النساء على سبيل البسط؟

الطالب: الوارثات من النساء عشرة على سبيل البسط: البنت، وبنت الابن.

الشيخ: وإن نزل أبوها.

الطالب: وإن نزل أبوها.

الشيخ: بنت ابن، وبنت ابن ابن ابن، وهكذا.

الطالب: نعم، وإن نزل أبوها، والأم، والجدة من جهة الأب، والجدة من جهة الأم.

الشيخ: هذه خمس.

الطالب: والأخت من الجهات الثلاث.

الشيخ: هذه ثمان.

الطالب: والزوجة والمعتقة.

الشيخ: كم الورثة من الذكور على سبيل البسط؟

الطالب: خمسة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل بمحض الذكورة.

الشيخ: ما فيها بمحض الذكورة، ابن الابن وإن نزل.

الطالب: والأب، والجد وإن عليا.

الشيخ: والجد أبو الأب وإن علا بمحض الذكورة، بمحض الذكورة احتراز من أبي الأم.

الطالب: والأخ من الأب، والأخ من الأم، والأخ الشقيق، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب.

الشيخ: وإن نزلا.

الطالب: نعم، والعم من الأب، والعم الشقيق.

الشيخ: وإن عليا.

الطالب: وإن عليا، وابنهما وإن نزلا، والزوج، والمعتق.

الشيخ: والوارثات من النساء على سبيل البسط كم؟

الطالب: عشرة: البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والزوجة وإن كثرت.

الشيخ: الزوجة فأكثر: زوجتين أو ثلاثة أو أربعة.

الطالب: نعم، والجدة، والمعتِقة.

الشيخ: أعد، البنت وبنت الابن وإن نزل أبوها، هذه ثنتان.

الطالب: نعم، والأم.

الشيخ: والأم ثلاثة.

الطالب: نعم، والزوجة.

الشيخ: أربعة.

الطالب: والمعتِقة.

الشيخ: خمسة.

الطالب: والأخت من ثلاث جهات.

الشيخ: الأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم.

الطالب: نعم.

الشيخ: ثمان.

الطالب: والجدة.

الشيخ: الجدة من جهة الأم.

الطالب: الجدة من جهة الأم والأب.

الشيخ: عشرة، طيب.

الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن زوجٍ وأمٍّ وابنٍ؟

الطالب: المسألة من اثني عشر: الزوج له الربع، والأم لها السدس –اثنان- والباقي للابن تعصيبًا.

الشيخ: فإن كان مكان الابن بنت وعم شقيق؟

الطالب: إن كانت بنتًا تأخذ النصفَ، من اثني عشر: الزوج له الربع، والأم لها السدس، والبنت لها النصف.

الشيخ: والباقي واحد للعصبة، يُعطى للعم الشَّقيق.

الطالب: نعم.

الشيخ: فإن كان مكان العم الشقيق عم لأبٍ يأخذه؟

الطالب: نعم.

الشيخ: أو ابن عم شقيق، أو ابن عم لأب؟

الطالب: نعم، تعصيبًا.

الشيخ: وإن كان مكان الأم جدَّة؟

الطالب: كذلك تأخذ السدس.

الشيخ: وإن كان مكان البنت بنتُ ابنٍ؟

الطالب: كذلك.

الشيخ: تأخذ النصفَ بدل البنت؟

الطالب: بدلها نعم.

الشيخ: أم وأب وابن؟

الطالب: المسألة من ستة: الأم لها السدس، والأب له السدس، والباقي للابن.

الشيخ: فإن كان مكان الأم جدَّة، ومكان الأب جدّ؟

الطالب: كذلك.

الشيخ: الجدَّة لها السدس، والجد له السدس، والباقي للابن.

الطالب: نعم.

الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن أم وأخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم؟

الطالب: الأم تأخذ السدس.

الشيخ: من ستة: الأم لها السدس، والشقيقة تأخذ النصف –ثلاثة- والأخت لأب: السدس تكملة الثلثين، كما يأتي إن شاء الله، والأخت لأم لها السدس أيضًا –واحد- تمَّت ستة.

الطالب: نعم.

الشيخ: أم وأختين شقيقتين وأخت لأم؟

الطالب: المسألة من ستة: للأم السدس، وللأختين الشقيقتين الثلثان –أربعة- وللأخت لأم السدس -واحد.

الشيخ: فإن كان مكان الأخت لأم أخ لأم ذكر؟

الطالب: كذلك يأخذ السدس هو.

الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن زوجٍ وأم ومُعتِق؟

الطالب: المسألة من ستة: الزوج له النصف –ثلاثة- والأم لها الثلث –اثنان- والباقي للمعتِق.

الشيخ: وإن كانت معتِقةً، ما هو بمعتق؟

الطالب: كذلك تأخذ الباقي.

الشيخ: فإن كان مكان الأم جدَّة أم أم؟

الطالب: كذلك تُعطى السدس، والباقي للمُعتِق أو المعتِقة.

باب الفروض المُقدرة في كتاب الله تعالى

واعلم بأنَّ الإرثَ نوعان هما فرض وتعصيب على ما قسما
فالفرض في نصِّ الكتاب سته لا فرضَ في الإرث سواها البته
نصف وربع ثم نصف الربع والثلث والسدس بنصِّ الشرع
والثلثان وهما التَّمام فاحفظ فكل حافظٍ إمام

الشيخ: فلما ذكر المؤلفُ رحمه الله الأسبابَ والموانع والوارثين من الرجال والوارثين من النساء، شرع يُبين حقوقهم وما لهم في الإرث من فرضٍ وتعصيبٍ، فقال رحمه الله: (باب الفروض المقدرة في كتاب الله) يعني: المنصوص عليها في القرآن، المقدرة يعني: المنصوص عليها في القرآن والمحددة.

والفرض في اللغة أصله: الحزّ والقطع، والإلزام بالشيء يقال له: فرض، فرض كذا ألزم به، فرض كذا حزه وقطعه من حبلٍ أو غيره.

أما في اصطلاح الفرضيين فالمراد به عند الفرضيين: نصيب مُقدَّر شرعًا لوارثٍ مخصوصٍ، لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول. هذا هو الفرض عند الفرضيين.

"نصيب مقدر شرعًا" كالنصف والثلث، "لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول" كالزوج يُعطى النصف عند عدم وجود الفرع الوارث، والزوجة تُعطى الربع عند عدم الفرع الوارث، والأم تُعطى الثلث عند عدم الفرع الوارث، وعند عدم الجمع من الإخوة، يقال له: فرض.

فما قدَّره الشارعُ يُسميه الفرضيون: فرضًا، وما لم يُقدره يُسمونه: تعصيبًا، وكله فرض في المعنى، التعصيب والفرض كله فرض في الشرع، كله مفروض في الشرع، ما يُعطاه المعصب يُسمَّى: الفرض في الشرع، وما يُعطاه أهل الفرض فهو فرض في الشرع، لكن في اصطلاح الفرضيين يُفرقون بين الفرض والتَّعصيب، كما قال المؤلفُ رحمه الله.

(واعلم بأنَّ الإرثَ نوعان) فرض وتعصيب، في اصطلاح الفرضيين أنَّ الإرث نوعان: فرض مُقدَّر، نصيب مقدر يُسمَّى: فرضًا. ونصيب غير مُقدر يُسمَّى: تعصيبًا.

فالفرض في اصطلاحهم: نصيب مقدر شرعًا، لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول.

مثل: إنسان مات عن أمه فقط، ما وراءه عصبة، هي لها الثلث فرضًا، والباقي ردًّا، زاد بالرد، ما لها إلا الفرض وهو الثلث، لكن اثنان من ثلاثة بقيت، تكون لها بالرد على الصحيح.

والعول ينقصها كذلك: كزوج وأخت شقيقة وأخت لأب.

الزوج له النصف من ستة، والشقيقة لها النصف من ستة، والأخت لأب لها السدس تكملة الثلثين، عالت إلى سبعة، صار الزوج نصيبه ناقصًا في العول، والأخت نصيبها ناقص بالعول، ويأتي هذا إن شاء الله في محلِّه.

فالفرض في اصطلاح الفرضيين: نصيب مُقدر شرعًا، لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول.

ثم قال رحمه الله:

واعلم بأنَّ الإرث نوعان هما فرض وتعصيب على ما قسما

(اعلم) أيها الطالب المستفيد (أن الإرث) عند أهل العلم (نوعان) نوع يُسمَّى: فرضًا اصطلاحًا، وهو ما قُدِّر: كالنصف والثلث. ونوع يُسمَّى: تعصيبًا مُقدَّرًا: كالابن، يأخذ المال كله عند انفراده، ومع الزوج أو الزوجة يأخذ الباقي، ومع زيادة الفروض يأخذ الباقي أيضًا، ونصيبه غير مُقدر، وهكذا الأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن العم، والعم، وأشباههم.

واعلم بأنَّ الإرثَ نوعان هما فرض وتعصيب على ما قسما

يعني: على ما قُسم عند الفرضيين، على ما قسمه علماءُ الفرائض.

فإذا قلت: أم وأخ شقيق.

الأم لها الثلث من ثلاثة، والباقي للأخ الشقيق، فهذا فرض للأم، والأخ له الباقي.

فلو كان مع الأم زوجٌ أخذ النصف، والأم أخذت الثلث، ولم يبقَ إلا واحد للأخ تعصيبًا.

فالنصيب يزيد وينقص على حسب وجود الفروض معه.

(فالفرض في نص الكتاب سته) يعني: الفرض الذي نصَّ عليه القرآنُ ستة.

(لا فرض في الإرث سواها البته) يعني: قطعًا، ما نصَّ القرآنُ والسنة إلا على هذه الفروض الستة في القرآن والسنة، وهم: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، هذه ستة.

النصف وهو سهم من اثنين، والربع سهم من أربعة، والثمن سهم من ثمانية، والثلثان سهمان من ثلاثة، والثلث سهم من ثلاثة، والسدس سهم من ستة.

هذه الفروض المنصوص عليها، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11]، فنصَّ على الثلثين ونصَّ على النصف، وقال فيها: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ إلى أن قال: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ يعني: من أمٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12].

وقال في الأخوات: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء:176].

هذه الفروض المقدرة: نصف، وربع، وثمن، وثلثان، وثلث، وسدس، هذه المبينة في القرآن.

(نصف وربع ثم نصف الربع) وهو الثمن.

(والثلث والسدس بنصِّ الشرع) كما سمعتُم في الآيات في حقِّ الأم، وفي حقِّ الإخوة لأم، والسدس في حقِّ الأبوين، وفي حق الإخوة لأم: (والثلث والسدس بنصِّ الشرع).

(والثلثان) كما تقدم في الآية الكريمة: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ للبنات الثلثان، وفي آخر السورة للأختين الثُّلثان.

(والثلثان وهما التَّمام * فاحفظ فكل حافظٍ إمام) هذه هي الفروض: نصف، وربع، ثم نصف الربع، والثلث، والسدس.

(والثلثان وهما التمام)، الثلثان للبنات، وبنات الابن، والأخوات الشَّقائق، والأخوات لأب، يُعطون الثلثان.

(وهما التمام) تمام الفروض.

(فاحفظ) أيها الطالب (فكل حافظٍ إمام) كل حافظٍ إمام بالنسبة إلى مَن لم يحفظ، فالذي يحفظ القرآنَ إمام لمن لم يحفظه، والذي يحفظ السنةَ إمام لمن لم يحفظها، والذي يحفظ الفقهَ إمام لمن لم يحفظه، وهكذا.

فاتَّضح من هذا أنَّ الفروض المقدرة ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، هذه التي نصَّ عليها القرآنُ، وتأتي في أبوابها.

وهناك فرض سابع ثبت بالاجتهاد، وهو ثلث الباقي في العُمريتين، هذا ثبت باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في زوجٍ وأم وأب، وفي زوجة وأم وأب، يُقال لهما: العُمريتان؛ لأنَّ عمر قضى فيهما والصَّحابة.

في زوجٍ وأم وأب: تُعطى ثلث الباقي؛ لأنها لو أُعطيت الثلث ما بقي للأب إلا واحد من ستة، وهذا خلاف الإرث؛ لأنَّ الله أعطاه ضعف ما لها، لها الثلث، وله الثلثان تعصيبًا في قوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، الله جعل للأب مع الأم الثلث عند عدم الولد، والسدس مع وجود الولد، إما أن يُساويها، وإما أن يفضل عليها بالضعف، والعمريتان التي أعطتها الثلث ما بقي لها إلا واحد من ستةٍ -نصف الثلث- وفي الزوجة ما يبقى له إلا ربع، وهذا خلاف ما بيَّن الله من حقِّه؛ فلهذا رأى الصحابةُ رضي الله عنهم أن يكون لها ثلث الباقي في العمريتين؛ وهما: زوج وأم وأب، وزوجة وأم وأب.

فالزوج والأم والأب من ستة: للزوج النصف، والأم لها ثلث الباقي في هذه المسألة، والباقي اثنان للأب تعصيبًا.

وفي الزوجة فأكثر من أربعة: للزوجة فأكثر الربع، والأم ثلث الباقي، واحد من أربعة، والباقي للأب تعصيبًا.