09 من حديث: (لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْرِبَ بِالنَّاقُوسِ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ لِمُوَافَقَتِهِ النَّصَارَى)

بَاب صِفَة الْأَذَانِ

 490- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِرَبِّهِ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَضْرِبَ بِالنَّاقُوسِ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ؛ لِمُوَافَقَتِهِ النَّصَارَى، طَافَ بِي مِن اللَّيْلِ طَائِفٌ وَأَنَا نَائِمٌ: رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَفِي يَدِهِ نَاقُوسٌ يَحْمِلُهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا عَبْدَاللَّهِ، أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّك عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْت: بَلَى، فقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ وقَالَ: ثُمَّ تَقُولُ إذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ، فَكَانَ بِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ وَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: فَجَاءَهُ فَدَعَاهُ ذَاتَ غَدَاةٍ إلَى الْفَجْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَائِمٌ، فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِن النَّوْمِ".

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الحارثي التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ ، وَفِيهِ قال: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فليُؤذِّن به؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ. قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وهو يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي أُري، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا الطَّرَف مِنْهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: حَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

491- وعن أنسٍ قال: "أُمِرَ بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة، إلا الإقامة". رواه الجماعة، وليس فيه للنسائي والترمذي وابن ماجه: "إلا الإقامة".

492- وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: "إنما كان الأذانُ على عهد رسول الله ﷺ مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، فسمعتُه يقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة" وكنا إذا سمعنا الإقامةَ توضَّأنا ثم خرجنا إلى الصلاة". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.

493- وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَّمَهُ هَذَا الْأَذَانَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَذَكَرَ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعًا.

وَلِلْخَمْسَةِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

494- وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ، فَعَلَّمَهُ وَقَالَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ

495- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

496- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عن أبيه: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ لَهُ: إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَع مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شهد لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

بَابُ الْمُؤَذِّنِ يَجْعَلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ

وَيَلْوِي عُنُقَهُ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَلَا يَسْتَدِيرُ

497- عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِمَكَّةَ وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ. قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ. قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ. قَالَ: فَتَوَضَّأَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ. قال: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَالَ: ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْكَلْبُ لَا يَمْنَعُ. وَفِي رِوَايَةٍ: تَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ. ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي ركعتين حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَبِي دَاوُد: رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ، فَلَمَّا بَلَغَ "حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ" لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ.

وَفِي رِوَايَةٍ: رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، أُرَاهَا مِنْ أَدَمٍ. قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْعَنَزَةِ فَرَكَّزَهَا، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

الشيخ: هذه الأحاديث تدل على شرعية الأذان كما تقدم، وعلى صفة الأذان، وأن الأذان شفع، والإقامة وتر، وهذا هو الأفضل، وهو الذي كان يفعله بلال بين يدي النبي ﷺ، وهو كما قال أنس: أن بلالًا أُمِرَ أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة.

وكان الناس قد أشاروا عليه ﷺ بشيءٍ يعلم به الأوقات، فقال بعضُهم: ناقوس من ناقوس النصارى يُضرب حتى يسمع الناسُ ويحضرون. وقال بعضُهم: بوق كبوق اليهود ..... حتى يحضر الناس. فلم يتم شيء في الموضوع حتى جاءت رؤيا عبدالله بن زيد بن عبدربه الأنصاري، وهو مهموم بهذا الأمر، فأراه الله رؤيا الأذان، وهكذا عمر أراه الله رؤيا الأذان، فاتَّفقت رؤياهما جميعًا على أنَّ الأذان شفع، والإقامة وتر، والتكبير في أول الأذان أربعًا، وفي أول الإقامة وآخرها ثنتان.

فأمر النبيُّ ﷺ بأن يُؤذن على ما قال عبدالله بن زيد، وعلى ما وافقه عليه عمر وأرضاه، وهو أن يُكبر أربعًا في أول الأذان، والشَّهادتين مرتين مرتين، والحيعلة مرتين مرتين، ثم يُكبر مرتين، ثم يقول: لا إله إلا الله، كما هو أذاننا اليوم، وهو الذي يُؤذن به بلال بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، والإقامة فُرادى إلا التكبير في أولها وفي آخرها، كما في رؤيا عبدالله بن زيد ورؤيا عمر، وإلا في قوله: "قد قامت الصلاة" فإنه يشفع، أما الشهادة والحيعلة فأفراد، هذا هو الأفضل.

وجاء في تعليم النبي ﷺ لأبي محذورة شفع الإقامة أيضًا، وأنها كالأذان سواء، مع زيادة: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"، رواه مسلم في "الصحيح" وغيره.

وفي رواية أبي محذورة زيادة الترجيع، وهي أن يأتي بالشهادتين سرًّا بعد أن يأتي مرفوعًا بها رفعًا كبيرًا، ثم يرفع بها أكثر ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ويُسمع من حوله، ثم يرفع بها صوتًا أكبر، فكان على هذا أذان أبي محذورة تسع عشرة كلمة، وأما أذان بلال عن عبدالله بن زيد فخمس عشرة كلمة، كما هو أذاننا اليوم خمس عشرة، وأذان أبي محذورة تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة؛ لأنَّ ما فيها ترجيع، ومعنى زيادة "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"، فهذا جائز، وهذا جائز، فإن النبي ﷺ علَّمه أبا محذورة، وكان يُؤذن به أبو محذورة في مكة في حياة النبي ﷺ وبعده، ولكن استمر النبيُّ ﷺ على أذان بلال حتى تُوفي، فأخذ كثيرٌ من أهل العلم بأن أذان بلال أفضل؛ لأنه استمرَّ عليه وبقي عليه حتى توفي عليه الصلاة والسلام .....، وهذا هو الأفضل، ومَن أذَّن بأذان أبي محذورة وكرر الشَّهادتين فلا بأس بذلك؛ لأنه قد أمر بذلك، فهو نوعٌ، وهذا من باب التنوع في رفع الأذان، وكذلك الإقامة الإيتار بها أفضل كما هو يقال ..... على ما يفعله بلال عند النبي ﷺ، ومَن شفعها كما جاء في حديث أبي محذورة فلا بأس.

وفيه من الفوائد: أنه يقول في الإقامة: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة" إشارة إلى حضور الصلاة.

وفيه من الفوائد: أنه يقول في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم"، واختلف الناسُ فيها: هل تُقال في الأول في المنبه أو في الأخير ..... طلوع الفجر؟

والصواب أنه في الأخير كما دلَّت هذه الأحاديث، فإن المقصود صلاة الفجر، تنبيهه على صلاة الفجر، وأنه خير من النوم، ما هي النافلة، المقصود الفريضة أنها خير من النوم، وأن الواجب حضورها، ولهذا بيَّن أبو محذورة أن يقولها في أذان الفجر.

وجاء في حديث عائشة عند البخاري ما يدل على ذلك، قالت: كان إذا أذَّن الأذان الأول كان يقول فيه: "الصلاة خير من النوم"، فإذا سمعه النبيُّ ﷺ صلَّى ركعتين التحية، ثم اضطجع، ثم قام فصلى الصلاة. وسمَّته الأذان الأول، الدعوة الأولى، هذا بالنظر إلى الأذان الثاني وهو الإقامة، فإن الأذانين: هو الأذان الذي يُؤذن به لدخول الوقت، والأذان الثاني هو الإقامة التي أذَّن بها للقيام إلى الصلاة.

ووهم مَن ظنَّ أن الأذان الأول هو الأذان المنبه، وقالوا: إنه ..... في الأذان الأول، والصواب أنه في الأذان الأخير؛ لأنه هو الذي ورد بالنسبة إلى الإقامة، ويُسمَّى أولًا بالنسبة للإقامة؛ لأنها أذان ثانٍ.

وهذا يُسمَّى أول ..... بلال في آخر الليل في رمضان لأجل التَّنبيه؛ ليرجع قائمكم، ويُوقظ نائمكم، هذا هو الأرجح؛ أن تكون في الأذان الأخير، ويكون الأول خالٍ من "الصلاة خير من النوم" حتى يعرف الفرق، حتى لا يشتبه هذا على الناس، ولو أذَّن به أحد في الأول وتركه في الأخير فالأمر واسع، لكن لا يكون في هذا وهذا حتى لا يشتبه، وإنما يكون في الأول حتى لا يشتبه على الناس، أو في أذان الفجر، وهو أفضل، وهو أظهر وأوضح في الأدلة، ويكون الأذان الأول خاليًا من .....، وهو الأرجح والأقرب للأدلة الشرعية.

وفي حديث أبي سعيدٍ وغيره الدلالة على فضل رفع الصوت، وأن المؤذن لا يسمع مدى صوته رطب ولا يابس ولا جنّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة.

وفيه فرض الأذان ولو كان واحدًا، ولو كان في طرف الجبل، ولو كان في الصحراء البعيدة سُنَّ له أن يُؤذن، ولو أنه واحد ..... على مَن أذَّن وهو وحده، وأخبر عن الله جلَّ وعلا أنه يُباهي به .. إلى آخره، وأن الله يغفر له بذلك، ويُدخله الجنة بذلك؛ لإيمانه وتقواه وشهادة ..... إلى ربِّه في محلٍّ لا يراه فيه أحد إلا ربه ومَن كان معه من أهل البيت.

وفيه أيضًا من الفوائد: أنه يلتفت المؤذن عند الحيعلتين عن يمينه وشماله، ويجعل أصبعيه في أذنيه، فهي أندى لصوته .....، لكن في المكبر الآن ما يحتاج إلى ذلك؛ لأن التبليغ حاصل به من الجهات كلها الأربع .....

س: .............؟

ج: ..... في بعض الأحيان، ربما إذا كان يضطجع على الشقِّ الأيمن ربما –يعني- أخذه النوم، ولهذا فعل بهذا ما فعل.

س: .............؟

ج: يحتاج [إلى] تأمل.

س: حديث ..... محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن جده، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالله بن زيد بن عبدربه، رواه أحمد، وأبو داود، ..... التيمي، عن محمد بن عبدربه .....؟

ج: يحتاج [إلى] تأمل؛ لأن أبا إسحاق إذا ...... له السماع روايته معلولة ..... رفع صوته ...... إن صحَّت رواية ابن إسحاق؛ لأنها معلولة ......، لكن يحتاج إلى مراجعةٍ ..... في هذا الدرس إن شاء الله.

س: الالتفات في الحيعلتين: يكون في كلِّ حيعلةٍ التفات أو التفاتان؟

ج: التفاتان يمين وشمال.

س: يعني "حي على الصلاة" هل يلتفت فيها عن اليمين والشمال أو عن اليمين؟

س: يعني "حي على الصلاة" يمين، و"حي على الفلاح" شمال، في الحيعلتين؟

س: ..... سمعنا الإقامة خرجنا إلى الصلاة؟

ج: ............

س: إذا تنازع قومٌ الأذان يُقدّم الأحسن صوتًا أم .....؟

ج: يُقرع بينهم إذا استووا، وإذا ما استووا يُقدّم مَن هو أفضل وأندى صوتًا، وأحسن صوتًا، وأندى صوتًا، وأطيب صوتًا، يُقدّم مَن هو أفضل في رفع الصوت، في حُسن الصوت، ويُطابقه في إقامة الألفاظ، فإن استووا فيُقرع.

مداخلة: تكلَّم عن السند في الحديث: وقال ابنُ خزيمة: صحيح، هذا الحديث ..... لأنَّ محمدًا سمع من أبيه، وابن إسحاق سمع من ..... وليس هذا ......

الشيخ: يحتاج [إلى] تأمل.

الطالب: ..... وقال الحافظ في "الفتح": وإنه لم يُخرجه البخاري؛ لأنه على غير شرطه .....؟

الشيخ: يتأمّل إن شاء الله.

س: والجدة: أم الأم، وأم الأب، وبالضم الطريقة والعلامة والخطة في ظهر الحمار يُخالف ...؟

ج: .............

س: وضع الأصبع في الأذان؟

ج: الأفضل لأجل [أن] يُعينه على رفع الصوت

س: أي أصبع؟ هل السبابة؟

ج: السباحة.

س: ...... اللهم ربَّ هذه الدَّعوة التامَّة بعد الإقامة؟

ج: مثل الأذان؛ لأن هذا ..... بعد الأذان.

س: المُؤذن يقول هذا؟

ج: يقولها المؤذن نعم، لكن ما هو مع الأذان يُكثر ..... ثم يقولها لا يرفع صوته الأعلى بها ..... يُسمع مَن حوله فقط ..... إذا قال: "لا إله إلا الله" ..... يقفل المكبر ثم يقول ..... اللهم ربّ هذه الدعوة التامَّة.

س: حكم أذان الفاسق؟

ج: المشهور عند العلماء أنه لا يصح، لا بدّ من العدالة .....؛ لأنه يُخبر عن الوقت، وأخبار الفاسقين لا تُقبل، فلا بد أن يكون عدلًا، لكن إذا كان معه مُؤذنون فالأمر أسهل، لو كان معه مؤذنون في البلد يُسمعون ويُكتفى بهم عنه فالأمر واسع، وجوده كعدمه، لكن لا ينبغي أن يولى في محلٍّ يُعتمد عليه، وبكل حال لا يجوز أن يُولى مَن ظهر فسقه، لا يجوز أن يُولّى.

س: الأذان يُعتبر وحيًا مع أنَّ الذي رآه غير الرسول عليه الصلاة والسلام؟

ج: نعم؟

س: الأذان يُعتبر وحيًا مع أن ما رآه الرسول، رآه غيرُه؟

ج: ...........

بَابُ الْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً

498- عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إذَا زَالَت الشَّمْسُ لَا يَخْرُمُ، ثُمَّ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

وفيه أن الفريضة تُغني عن تحية المسجد.

499- وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ؛ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ -أَوْ قَالَ: يُنَادِي- بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمكُمْ، وَيُوقظَ نَائِمكُمْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

الشيخ: ليرجع قائمكم يعني: يرد.

الطالب: تُناسبها مع .....

الشيخ: ..... وجه، يُقال: أرجعه ورجعه ..... أرجعه يرجعه .....، لكن رجع أصح .....: ليرجع قائمكم، ثم ردَّ .....

500- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا، يَعْنِي: مُعْتَرِضًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُمَا: لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُوركُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَكِن الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ.

501- وَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ: فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ.

وَلِمُسْلِمٍ: "لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا".

الشيخ: وهذه الأحاديث كلها دالة على أن السنة أن الأذان يكون عند أول وقت؛ حتى يعلم الناس الوقت، وحتى يحضروا للصلاة، إلا في وقت الإبراد؛ فالسنة الإبراد كما أمر النبيُّ ﷺ في حديث أبي ذرٍّ: أبرد، أبرد، أبرد حتى رأوا فيء التلول، وإلا فالأفضل هو أنه يُؤذن على أول الوقت، إذا أول هذا كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس، وهكذا قال أبو برزة: كان يُؤذن للظهر إذا دحضت الشمس –زالت- فهذا هو المشروع، وإذا كان هناك حاجة إلى التأخير كما في الصيف وشدّة الحر أخَّر؛ حتى لا يشقَّ على الناس في الحضور ويبُرد، ولو كان في الصحراء، ولو كانوا في محلٍّ مجتمعين ..... والأسفار يُبرد.

وفيه من الفوائد: أن الإمام إذا كان بينه وبين المؤذن علامة -وهو الخروج- أنه يُقيم إذا رآه، ولا حاجة إلى أن يأمره، إذا كان من عادة الإمام أنه يخرج للإمامة أو يأتي ..... محلّ الإمامة، إذا رآه وقد أقبل على محل الإمامة أقام، من دون حاجةٍ إلى أن يقول: أقم، فالعلامة الفعلية تكفي عن الأمر القولي، وهو مثلما قال المؤلفُ: أن الفريضة تكفي عن تحية المسجد، فإذا دخل الإنسانُ وقد أُقيمت الصلاة كفته الفريضةُ عن تحية المسجد، ولهذا النبي ﷺ إذا جاء ما يُصلي تحية المسجد، يقصد محل الإمامة ويُكبر، وتكون الفريضة قائمةً مقامه، وهكذا يوم الجمعة يقصد المنبر ويخطب ثم يُصلي، وتكون هذه الجلسة التي على المنبر في حكم العدم، فإنها جلسة مُرادة للقيام، وليست مرادة للذات، ولهذا سقطت التحيةُ واكتُفي بالفريضة.

وفيه من الفوائد: أنه يجوز أن يُؤذن الفجر قبل طلوع الفجر؛ للمصالح التي أشار إليها النبيُّ ﷺ، وهي: إيقاظ النائم، وردّ القائم، فإن المؤذن إذا أذَّن الفجر قبل الفجر انتبه الذي يتهجَّد فرجع عن قيامه، وبادر بالإيتار، واستيقظ النائم حتى يعلم أن الفجر قد قرب فينتبه.

واختلف العلماء: هل هذا جائز مطلقًا أو بشرط أن يكون هناك مَن يُؤذن على الفجر؟ على قولين، أرجحهما أنه لا بدّ من وجود مُؤذن آخر، وإلا فلا، إن كان هناك مؤذن آخر جاز أن يكون مؤذن قبل الفجر لهذه المصلحة: ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم، ويجوز "يُرجع" بضم الياء من الرباعي، لكن رواية ..... بالفتح كما قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوج [التوبة:83] مُوبِّخًا لهم.

فإن كان هناك مَن يُؤذن على طلوع الفجر جاز ذلك وإلا فلا؛ لأنَّ الأذان قبل الفجر يُوهم الناس، وليس كل أحدٍ يعلم، فقد يُصلي المريضُ، وقد تُصلي المرأة قبل الوقت، فلا يجوز أن يكون المؤذنُ للفجر قبل الفجر إلا إذا كان هناك مَن يُؤذن للفجر، أو هو يُعيد أذان الفجر نفسه؛ حتى يعلم الناس أنَّ الأول قبل الفجر، وهذا هو أذان الفجر، فلا يغترون، وهذا هو المعتمد.

وقد تنازع الناس أيضًا في مسألة تقدم البحث فيها، وهي: هل "الصلاة خير من النوم" في الأذان الأول أو في الأخير؟

والأرجح أنها في الأخير؛ لأنها هي الصلاة التي خير من النوم بكل حالٍ، ولأنها الفريضة، ولأنه علَّم أبا محذورة ذلك في أذان الفجر، ولم ينقل أن أبا محذورة كان يُؤذن قبل الفجر، بل كان يُؤذن أذانًا واحدًا للفجر إذا طلع الفجر.

وسُمي الأذان الأول لأنَّ بعده الإقامة، وهي أذان ثانٍ، ولهذا جاء في "صحيح البخاري" عن عائشة: أن النبي ﷺ كان بعدما يُنادى بالدعوة الأولى يقوم فيُصلي ركعتين، ثم يضطجع، ثم يُؤذنه بلال، وذكرت أنه يُصلي السنة بعد الدَّعوة الأولى، يعني: بعد الأذان الأول الذي هو الأذان على الفجر، أما الثاني فهو الإقامة.

فالصواب والأفضل أن يكون هذا في الفجر في الأذان الأخير، ولو أذّن في الأول وترك في الأخير لم يضرّ، لكن الذي ينبغي -وهو الموافق للأدلة- أن يكون في الأخير، الذي هو الأذان الأول بالنسبة إلى الإقامة، أما الأول الذي قبل الوقت ..... ليس فيه ذكر "الصلاة خير من النوم"، بعد أذان الحيعلة يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله؛ ليعلم الناس أنه الأول، حتى لا يشتبه عليهم الأمر، ولا تُقال في هذا وهذا، بل في أحدهما حتى لا يشتبه الأمر، والأفضل أن تكون في الأخير.

س: سنة الفجر تكون بعد الأذان الأول؟

ج: بعد الأخير، بعد الأذان الذي هو على طلوع الفجر.

س: الفرق بين الأذانين حوالي كم؟ السنة؟

ج: يكون ليس ببعيد، أما قوله: "يرقى هذا، وينزل هذا" هذا مبالغة في القرب، وبينهما مسافة تحصل بها الفائدة لردِّ القائم، وإيقاظ النائم، ليست طويلةً، يعني: نصف ساعة أو حولها، أو ساعة، يعني: يحصل به المقصود للمُستيقظ حتى يتوضَّأ ويكمل وتره، يختم صلاته التي صلَّاها من أول الليل، وحتى يتمكَّن أيضًا القائم من إتمام صلاته.

س: ..... هل الأولى للإمام أن يُصلي السنة الراتبة في البيت؟

ج: السنة أنه يُؤديها في البيت كما [كان] النبيُّ يفعل، يُؤديها ثم يأتي ..... النوافل كلها في البيت أفضل، كما قال النبيُّ ﷺ: أفضل صلاة المرء في البيت إلا المكتوبة، إلا النافلة التي شرع الله لها جماعة: كالتراويح، وصلاة الكسوف، والاستسقاء، هذه جماعة مشروعة تُصلَّى في الصحراء، أما النافلة التي ليس لها جماعة فالأفضل في البيت.

س: في البلاد الإسلامية يقرأ المُؤذن آيات من القرآن بدون تلحين؟

ج: ما يقال، هذا بدعة، السنة ألا يكون قبله شيء ولا بعده شيء .....، لا يسبق بشيءٍ، ولا يلحق به شيء، حتى الصلاة على النبي ﷺ لا يرفع بها الصوت مع الأذان، بل إذا قال: "لا إله إلا الله" قفل المكبِّر وانتهى الأذان، ثم يُصلي على النبي ﷺ بينه وبين نفسه، فيُسمعه لمن حوله؛ حتى لا يكون زائدًا في الأذان.

س: قول المؤلف هنا ترجمة، وتقديمه عليه في .....، يعني مع أذانٍ آخر؟

ج: ما عدا الفجر لا يجوز الأذان قبل الوقت أبدًا، إنما هذا جائز في الفجر خاصةً، لكن لا نعلم خلافًا في أنه لا يجوز في صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

س: لكن لا بد من أذانٍ ثانٍ على الفجر؟

ج: نعم؟

س: لا بد من أذانٍ ثانٍ على الفجر إذا قدَّمه، إذا قدَّم الأذان في الفجر على الوقت لا بد من أذانٍ ثانٍ؟

ج: هذا الصواب.

س: ظاهر كلام الفقهاء أنه ولو لم يوجد ثانٍ؟

ج: .....، لكن الصواب أنه لا بد من أذانٍ ثانٍ.

س: ولو ..... في رمضان؟

ج: ما أعلم أنه إلا في رمضان، لكن ليس بخاصٍّ به، لو فعل في غير رمضان لا بأس، لكني لا أعلمه ..... في رمضان.

بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَبَعْدَ الْأَذَانِ

502- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا سَمِعْتُم النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

503- وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، فقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.

504- وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَنْ قَالَ: "قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ" قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، وَقَالَ فِي سَائِرِ الْإِقَامَةِ بِنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْأَذَانِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وفيه دليل على أنَّ السنة أن يُكبر الإمامُ بعد الفراغ من الإقامة.

505- وَعَنْ جَابِرٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَه، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا.

506- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله ﷺ يَقُولُ: إذَا سَمِعْتُم الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شفاعتي رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ.

507- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث في إجابة المؤذن، وفي الدعاء بين الأذان والإقامة، وأن يقول مثل ما يقول المؤذن، وهي دالة على شرعية إجابة المؤذن، وأنها متأكدة؛ لقوله ﷺ: إذا سمعتُم المؤذن فقولوا مثل ما يقول متفق على صحته، وهذا يدل على تأكد الإجابة، وقد ذهب بعضُهم إلى وجوبها، ولكن الصواب أنها سنة؛ لأنه ﷺ في بعض أسفاره سمع مَن يُنادي قال: الله أكبر، الله أكبر، فقال: على الفطرة، وإلى آخره، ولم يُجبه، فدلَّ على أنها ليست واجبة.

المقصود أن السنة إجابة المؤذن، وأن هذا متأكد، ويقول مثل قول المؤذن سواء بسواء: إذا سمعتُم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، فهذا عام، إلا حديث عمر، على استثناء حديث عمر، وحديث معاوية أيضًا في الصحيح، وأحاديث أخرى دلَّت على استثناء الحيعلة، فإنه لا يقول: "حي على الصلاة"، ولكن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والقاعدة في الشريعة: أن الخاص يقضي على العام، والمطلق يُقيد بالمقيد، وهذا في القرآن والسنة كثير.

فقولوا مثل ما يقول يعني: إلا في الحيعلة، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، والحكمة من ذلك والله أعلم أنَّ الحيعلة أمر ودعوة ليست ذكرًا خاصًّا، بل أمر ودعوة، والإنسان لا يدري: هل يُجيب أو ما يُجيب؟ هل يوفق أو لا يوفق؟ فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا حول لي على هذه الإجابة، ولا قوة لي على تنفيذ هذا الأمر وهذه الدَّعوة إلا بالله ، وهو الموفق، وهو الهادي، فقد يسمع ويتأخَّر ولا يُجيب المؤذن، كما هو حال الكثير من الناس، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، المعنى: لا حول لي ولا قوة لي على إجابة المؤذن والحضور مع المصلين إلا بالله ، وهذا يذكره بالله وحاجته إلى الله، وأن كل شيءٍ بيده، وأنه المعين ، وأن العبد ضعيفٌ بالنسبة إلى نفسه، فليستعن بالله ..... القوة في ذلك.

وقال بعضهم: يجمع بينهما، فيقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يجمع بين الأمرين؛ عملًا بالحديثين: حديث أبي سعيد وما جاء في معناه، وفي حديث عمر، والأظهر الأول، حديث عمر مُقيد ومُخصص لحديث أبي سعيدٍ.

وفي هذا من الفوائد -حديث عمر: أن العبد إذا قالها من قلبه أدخله الله الجنة، إذا أذَّن المؤذنُ صدقًا من قلبه بتوحيده وتعظيمه أدخله الله بهذا الجنة؛ لأن التوحيد ليس له جزاء إلا الجنة، فمَن قال هذه الكلمات صدقًا من قلبه وإخلاصًا من قلبه فقد وعده الله الجنة، وهو الصادق بوعده ، والمعنى: إن لم يأتِ بعد ذلك بما يُوجب النار، هذا وعد الله له إن لم يأتِ بما يُوجب النار بعد ذلك.

وكذلك في حديث عبدالله بن عمرو: أن النبي ﷺ قال: إذا سمعتُم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ، فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمَن سأل لي الوسيلة حلَّت عليه الشفاعة، وهي شفاعة النبي ﷺ.

وهكذا في حديث جابر عند البخاري: مَن قال حين يسمع النِّداء: اللهم ربَّ هذه الدَّعوة التامَّة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته هكذا في رواية البخاري، وفي روايات أخرى عند غير البخاري: المقام بالتعريف، حلَّت له شفاعتي يوم القيامة، هذا فيه فضل عظيم، وأن هذه الزيادة من أسباب دخول الإنسان في شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة.

وفيه دلالة على أن الرسول ﷺ موعود بالمنزلة العظيمة التي هي أعلى الجنة، ويقال لها: الوسيلة، ويقال لها: الفضيلة، وهي درجة عظيمة رفيعة في الجنة.

وقد فهم بعضُ الناس أنه يقال: "والدرجة الرفيعة" يحسبونها في الرواية، وليست في الرواية، إنما هي من تفسير بعض الرواة، ولعلها وقعت في بعض الحواشي فأُدخلت في بعض الكتب، كما في بعض النسخ: هي القاعدة الجليلة، فإن فيها "والدرجة الرفيعة"، وهذا غلط، ليست من الحديث، وإنما هي مدخلة، ولعلها كانت حاشية لتفسير الوسيلة والفضيلة، والوسيلة هي الفضيلة، هي الدرجة الرفيعة، فإنه يقول: "اللهم آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته"، وليست الدرجة هنا من لفظ الحديث، وإنما تفسير للوسيلة، فهذا فيه دلالة على أنَّ مَن دعا بهذا الدعاء بعد الصلاة على النبي ﷺ أنه يُعطى هذا الفضل العظيم والخير الكثير، وأنه ينال شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام.

وفيه شرعية الصلاة على النبي ﷺ بعد الأذان، يقول مثل ما يقول المؤذن، ثم يُصلي على النبي، ثم يقول: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامَّة، زاد البيهقي: إنك لا تُخلف الميعاد ...... الذي وعدته زاد ..... بإسنادٍ جيدٍ: إنك لا تُخلف الميعاد، وهذا مكمل للإجابة.

أما الإقامة فالأفضل أنها كالأذان، يُقال فيها كما يُقال في الأذان؛ لأنها أذان ثانٍ، لكن ما يُقال: "أقامها الله وأدامها"؛ لأن الحديث ضعيف، الحديث الذي ذكره المؤلفُ حديث ضعيف، والمؤلف رحمه الله سكت عن ضعفه، وهو يدل على أن المؤلف قد يتساهل في بعض الروايات فلا يذكر ضعف الحديث، بخلاف صاحب "البلوغ" فإنه قد حرر كتابه واعتنى ببيان الضعيف والصحيح، أما المؤلف فلم يعتنِ بها من جهة التحرير ..... وهذا الحديث أن الرسول قال: أقامها الله وأدامها ضعيف؛ لأنه من رواية مبهم، عن رجلٍ، عن شهر، والمبهم لا يُحتجُّ به، فالحديث ضعيف، ولكن يقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة".

وهكذا في الفجر يقول: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"، وقول بعض الفقهاء: يقول: "صدقتَ وبررتَ" ليس له أصل، ولا دليل عليه، بل يقول: "الصلاة خير من النوم" مثلما قال المؤذن ..... بقوله: إذا سمعتُم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، فيقول: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"، ويقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله"، هذا هو المعتمد، وهذا هو الأفضل الموافق للأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.

وحديث أنسٍ فيه الدلالة على أنَّ الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُردُّ، وأنه يُستحب الإكثار من الدّعاء، وهو حديث حسن جيد لا بأس به، يدل على شرعية الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنها تُرجى إجابته، فينبغي للمؤمن أن يُكثر من الدعاء بين الأذان والإقامة رجاء أن يُجيب الله دعوته، مع الصدق في ذلك، والإخلاص في ذلك، والبدء بالصلاة على النبي ..... لعلَّ الله يُجيب دعوته.

س: بعد الإقامة يدعو؟

ج: ما ورد شيء، مَن دعا فلا بأس، ومَن ترك فلا بأس، ما هو مشروع، لكن مباح، مَن فعله فلا بأس، لم يرد فيه شيء.

س: حديث سعد في مسلم يقول فيه .....؟

ج: ..... يقول: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا رواه مسلم في "الصحيح" عن سعدٍ، قال: ..... أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله مثله، وهي له ..... إذا قال: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا عليه الصلاة والسلام ..... يقول عند الشَّهادتين: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا عند الشَّهادتين.

س: من المعلوم أنه يسمع أكثر من مُؤذن، هل يُجاب كل المُؤذنين؟

ج: نعم، نعم، يُجاب ..... ولو مئة.

س: ........ الأجر؟

ج: عليك بأعمال الخير مُطلقة، ولو كلمة؛ لعلَّ الله ينفعك بشيءٍ.

س: ..... هذا يدل على أنه خاصٌّ لمعنى الأذانين: ليرجع قائمكم، ويُوقظ نائمكم؟

ج: يعني: الذي يتهجد يرجع عن تطويله، ويعلم أنَّ الوقت قد قرب؛ حتى يُنهي الصَّلاة.

س: يمنع من ..... سبحانك؟

ج: لا، يكفي الوضوء ..... أحاديث الاستنجاء ..... الأطراف ..... إذا في خارج الحمام نعم.

س: حديث أقامها الله وأدامها ما يُؤخذ به في فضائل الأعمال؟

ج: لا، ضعيف جدًّا.

س: شهر بن حوشب إذا انفرد هل يكون حُجَّةً؟

ج: شهر هذا له أوهام، ولكنه صدوق جيد يُحتجُّ به إذا لم يوجد ما يُخالفه.

بَاب مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ

508- عَنْ زياد بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

الشيخ: إذا خاطبوا النبيَّ ﷺ قالوا: يا محمد، أو: يا أبا القاسم؛ لأنهم لا يقرون بأنه رسول الله، ولهذا إذا خاطبوه قالوا: يا أبا القاسم، يا محمد.

يَا أَخَا صُدَاءَ، أَذِّنْ، قَالَ: فَأَذَّنْتُ، وَذَلِكَ حِينَ أَضَاءَ الْفَجْرُ، قَالَ: فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُقِيمُ أَخُو صُدَاءَ؛ فَإِنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ.

509- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أُرِيَ الْأَذَانَ، قَالَ: فَجِئْتُ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فَأَلْقَيْتُه، فَأَذَّنَ، فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا رَأَيْتُ، أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ، قَالَ: فَأَقِمْ أَنْتَ، فَأَقَامَ هُوَ وَأَذَّنَ بِلَالٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

الشيخ: وهذا الذي جاء من حديث أخي صُداء، ومن حديث عبدالله بن زيد احتجَّ به بعضُ أهل العلم على أنَّ مَن أذَّن فهو يُقيم، وأنَّ هذا هو الأفضل، وإن أقام غيرُه فلا بأس، ولكن كلا الحديثين ضعيف عند أهل العلم: حديث أخي صُداء، وحديث قول النبي لعبدالله: فَأَقِمْ أَنْتَ كلاهما ضعيف عند أهل العلم، كما نبَّه عليه الحافظُ في "البلوغ"، ونبَّه عليهما غيرُه.

والصواب في هذا أنَّ مَن أذَّن فهو أولى بالإقامة، ولا بأس أن يُقيم غيره؛ ولهذا استمرَّ بلالٌ هو الذي يُقيم، ولم يكن عبدالله بن زيد يُقيم، بل كان بلال هو الذي يُؤذن وهو الذي يُقيم، وهذا قد تواترت به الأخبار عن رسول الله ﷺ، وليس في هذا إشكال أنه كان يتولَّى الأذان والإقامة.

وقوله ﷺ هنا: فأقم أنت ليس بصحيحٍ، بل كان بلال هو الذي يُقيم، وهو الذي يُؤذن، وهكذا أبو محذورة هو الذي يُؤذن، وهو الذي يُقيم.

وحديث أخي صُداء كذلك ضعيف، لكن لو أقام غير المؤذن فلا حرج، لو أذَّن زيدٌ، وأقام عمرو لا حرج ولا بأس، الأمر في هذا واسع، لكن الأولى بالإقامة هو مَن تولى الأذان، هذا هو الأولى والأفضل، إلا إذا احتيج إلى خلاف ذلك.

س: هل وقع أن أقام غيرُ بلالٍ؟

ج: لم يثبت فيما نعلم، لم يثبت أن أحدًا أقام غير بلال، إلا هذا الحديث الضَّعيف.

س: ما يقال بالمنع؟

ج: لا، الأصل الجواز، هذا الأصل؛ لأنهما ..... مُنفردتان مُستقلتان ..... لا بأس أن يتولَّى هذه شخص، وهذه شخص، كالإمامة.

س: إذا كان الإمامُ جالسًا مع المأمومين في المسجد، فأقام ..... متى يستحلّ له القيام؟

ج: لا يُقيم إلا إذا أمره الإمام.

س: لكن المأمومين متى يستحلّ لهم القيام؟

ج: موسع لهم، يُقام في أول الأذان، أو في وسط الأذان، أو في آخره، ما في شيء محدود، كان بعض السلف يقوم عند قوله: "قد قامت الصلاة"، لكن ليس عليه دليل، والأمر واسع، إذا قاموا عند أوله، أو قاموا في أثنائه، أو قاموا في آخره؛ فالأمر واسع في هذا، ليس له حدٌّ محدود، وقول بعض الفقهاء: يقومون عند قوله: "قد قامت" ليس عليه دليلٌ.

س: إذا كان المُؤذن مُبتدعًا يُريد [أن] يُقيم الصلاة عليه حرج؟

ج: ما في بأس، لكن ما ينبغي أنه يخلي المبتدع، يُزيله، ما هو فقط الأذان، إذا ما استطاع: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: إذا حضر الجماعة ولا أذن أحدٌ، مَن أولى بالإقامة: الإمام أو غيره؟

ج: نعم؟

س: إذا حضر الجماعة ولم يُؤذِّنوا، مَن يُقيم الإمام أو شخصٌ آخر؟

ج: الأمر واسع، إن أقاموا أو أمر أحدًا أن يُقيم ما في بأس، الأمر واسع في هذا، الحمد لله.

بَابُ الْفَصْلِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ بِجِلْسَةٍ

510- عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺقَالَ: لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ -أَوْ قال: الْمُؤْمِنِينَ- وَاحِدَةً، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِن الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لَمَّا رَجَعْتُ لِمَا رَأَيْتُ مِن اهْتِمَامِك، رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلَهَا، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: "قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

الشيخ: وهذا هو السنة، أن تكون بين الأذان والإقامة فترة؛ ليتمكَّن الناسُ من حضور الصلاة، كان النبي ﷺ يتأخَّر عن الإقامة فترةً حتى يجتمع الناسُ ويتلاحق الناس، جاء من حديث جابر: النبي قال لبلال: إذا أذَّنْتَ فترسّل، وإذا أقمتَ فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله، والمتوضّئ من وضوئه، لكنه ضعيف، لكن من حيث المعنى هذا هو السنة؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يُقيم حالا، بل كان يتأخَّر بعض الوقت حتى يتلاحق الناسُ، وهذا هو السنة، وكان بعد أذان الفجر يتأنَّى حتى يتأكّد من طلوع الفجر، ثم يُصلي ركعتين، ثم يضطجع على شقِّه الأيمن حتى يأتيه بلال فيُؤذنه للصلاة، وهكذا كان في الأوقات الأخرى ما يعجل عليه الصلاة والسلام، فإذا كان حَرٌّ أخَّر الظهر بعض الشيء، فإذا رآهم في العشاء قد تأخَّروا أخَّر حتى يجتمعوا، والمشروع للإمام أن يُراعي الأمور، فلا يعجل ولا يتباطأ، يتحرَّى الوسط الذي ينفع الناس، ولا يشقّ عليهم.

س: سند الحديث هذا؟

ج: هذا أصلح من رواية عبدالله بن زيد، لكن ما أعرف الرواية، أيش قال المحشي عليه ..؟

الطالب: قال الزيلعي: رواه أبو داود، عن شعبة بن عبد بن مرة قال: سمعتُ عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا. وذكر الحديث، وتمامه: حتى لقد هممتُ أن أبثَّ رجالًا في الدور يُنادون بحين الصلاة، وحتى هممتُ أن آمر رجالًا يقومون على الآكام يُنادون بحين الصلاة حتى نقسوا، أو كادوا أن ينقسوا –يعني: يضربون بالناقوس- قال: فجاء رجلٌ من الأنصار. وساق الحديث، وقال رسولُ الله ﷺ: لقد أراك الله خيرًا، فمُرْ بلالًا فليُؤذِّن، قال عمر : أما إني قد رأيتُ الذي رأى.

الشيخ: هذا جزء من رواية عبدالله بن زيد، والمشهور أن ابن أبي ليلى رحمه الله لم يُدرك عبدالله بن زيد بن عبدربه، ولم يُدرك بلالًا أيضًا، ولا معاذ بن جبل، وكان أدرك جماعةً من الصحابة ممن تأخَّرت وفاته، فالحاصل أنَّ هذا يرجع إلى أذان عبدالله بن زيد.

بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ

511- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: "آخِرُ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا" رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

الشيخ: وهذا هو الأفضل، الحديث صحيح جيد، ويدل على أنه إذا تيسر مَن لا يأخذ أجرًا فهو أفضل، ولا يدخل في هذا مَن يُعطى من بيت المال؛ فإن بيت المال لمصالح المسلمين، ويُدفع للأئمة والمدرسين والمؤذنين وخُدام المساجد والقائمين على مصالح الناس، كل هذا حقّ من بيت المال، كان الصحابة يأخذون ما يُعطون من بيت المال، كما أنَّ عمر رتَّب لهم الراتب من بيت المال ، ولهذا قال ﷺ: ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرفٍ ولا سائل فخذه.

فالحاصل أنَّ دفع مرتبات أو مُساعدات أو قواعد سنوية أو شهرية من بيت المال للمسلمين أو لمن يعمل أعمالًا في مصلحة المسلمين أو المؤذنين أو الأئمة أو المدرسين أو المجاهدين أو الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إلى غير هذا كله لا بأس به، لكن يُكره أن يتعاقد على شيءٍ، يقول له: تُؤذن على كذا وكذا، أو تؤم على كذا وكذا، ولهذا قال: واتَّخذ مُؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا؛ لأن الذي لا يأخذ على أذنه أجرًا أقرب في الإخلاص، وأكمل في الإخلاص، لكن لو لم يتيسر إلا بأجرٍ فلا بأس، تزول الكراهة حينئذٍ، إذا لم يتيسر مَن يتطوع زالت الكراهة.

س: المؤذن في مسجدٍ يبيتُ، هل يكون داخلًا فيمَن يتَّخذ أجرًا؟

ح: ما في بأس؛ لأنه من حقِّ بيت المال، حق لهم، والسكن كذلك يُعينه على طاعة الله.

س: الحديث صحيح؟

ج: لا بأس به، حديث عثمان جيد، ولو كرهت، الآن هذه المساعدات تعطلت المساجد بالكلية، ولا أذن أحد إلا ما شاء ربّك.

بَابٌ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَأَنَّه يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْأُولَى وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا

512- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَت الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَت الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَجْدَتَي الْفَجْرِ، وَقَالَ فِيهِ: "فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى".

513- وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رسول الله ﷺ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ مِن اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ، إلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِاللَّهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث فيها الدلالة على أنَّ السنة لمن نام عن الصلاة أو نسيها أن يُؤذن لها ويُقيم، ولهذا لما نام النبيُّ ﷺ والصحابةُ عن الصلاة فلم يستيقظوا إلا بحرِّ الشمس أمرهم النبيُّ ﷺ أن يتحوَّلوا عن مكانهم؛ لأنه مكان قد حضر فيه الشيطان، وقد تقدَّم البحثُ في هذا، ثم أمر بالأذان، فأذَّن بلال، ثم صلى الركعتين، ثم صلى الفريضة، فدلَّ ذلك على أنَّ السنة في مثل هذا أنهم يفعلونها كما يفعلونها في الوقت سواء بسواء، فإذا لم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، وهكذا لو نام فلم يستيقظ إلا بعد خروج وقت الظهر؛ أذَّن وصلَّى بإقامتين: إقامة للظهر، وإقامة للعصر، وهكذا ما أشبه ذلك، وهذا ما جرى يوم الأحزاب، فإن يوم الأحزاب المشهور فيه في "الصحيحين" أن المسلمين شُغلوا عن صلاة العصر فلم يُصلوها إلا بعد المغرب، فصلى النبيُّ العصر، ثم صلَّى بعدها المغرب.

وقد جاء في عدة روايات أنهم شُغلوا أيضًا عن الظهر، وقال بعضُهم: ولعلَّ ذلك لأنَّ الخندق صار له مدة طويلة، فلعلهم في بعض الأيام شُغلوا أيضًا عن الظهر مع العصر والمغرب والعشاء، والحكم واحد، فإن شُغلوا عن الظهر والعصر، أو عن العصر والمغرب، أو عن المغرب والعشاء، الحكم واحد.

وكان هذا قبل فرض صلاة الخوف في المشهور، وبعد أن فُرضت صلاة الخوف يجب أن تُصلَّى الصلاة على حالها في وقتها حسب الطاقة: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، وكما فعلها النبيُّ ﷺ على أنواع الخوف، وتقدم أن الصواب أنه غير منسوخٍ، وأن هذا يُفعل حسب القُدرة، يُصلي المسلمون صلاةَ الخوف حسب القُدرة، فإن لم يستطيعوا أخَّروها وصلُّوها بعد الوقت حتى يُؤدُّوها كما أمر الله، وعلى هذا لا يكون منسوخًا عمل النبي ﷺ في يوم الأحزاب.

وتقدم أن القاعدة المعروفة عند أهل العلم وفي مصطلح الحديث وفي أصول الفقه: أن الجمع يُقدَّم على النسخ ولو عُلم التاريخ، وإنما يُصار للنسخ عند تعذر الجمع، والجمع غير متعذر، ويدل على هذا أن الصحابة يوم تستر في قتال الفرس أخَّروا صلاة الفجر حتى ارتفعت الشمسُ، وكان سبب ذلك أنهم اشتبكوا مع عدوهم عند الفجر، وصار بعضُ المسلمين على السور، وبعض المسلمين قد نزل في البلد، وبعض المسلمين على الأبواب -أبواب المدينة- فاشتبك الأمرُ، فعظم القتال، فلم يستطيعوا أن يُؤدُّوا صلاة الفجر، فأخَّروها حتى تم الفتح واستولوا على المدينة، قال أنس: "صليناها ضُحًى، وما أحب أن يكون لي بها كذا وكذا"؛ لأنهم في أمر الله، وفي جهاد أعداء الله، وفي سبيل الله، فأخَّروها عن غير قصدٍ بالتهاون، ولكن لعظم الأمر، واشتباك القتال، فلا يتصور الإنسان أنه يستطيع [أن] يُصلي، لا قائمًا، ولا راكبًا، ولا غير ذلك.

فالحاصل أن هذا هو الصواب؛ أنه يجوز التأخير عند الحاجة إلى ذلك وعدم تمكن المسلمين من صلاة الخوف، وإذا صليت ثنتان أو الثلاث أو الأربع يكفي أذان واحد، ثم يُقام لكل صلاةٍ، هذا هو السنة.

س: الأذان عند رفع الصوت ما يُشبه على بعض الناس؟

ج: رفع يُباح لهم.

س: ....... وقت المُسايسة ما يجوز لك [أن] تُصلي على .....؟

ج: إذا استطاعوا جاز، لكن إذا ما استطاعوا جاز التأخير.

س: أقصد بالنسبة ..... اشتبكوا ..... يعني: مضي عليهم وقت .....؟

ج: ما يضرّ، ما يضرّ، إذا لم يتمكَّنوا ما يضرّ، عبادة في عبادة، دخلت عبادة .....

س: لماذا يُصلي كل واحدٍ على حاله؟

ج: إذا استطاع يُصلي ولو وحده، ألا يستطيع؟

أَبْوَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

بَابُ وُجُوبِ سَتْرِهَا

514- عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: إن اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ رَوَاهُ الْخَمْسةُ إلَّا النَّسَائِيَّ.

بَابُ بَيَانِ الْعَوْرَةِ وَحَدِّهَا

515- عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تُبْرِزْ فَخِذَك، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

516- وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: يَا مَعْمَرُ، غَطِّ فَخِذَيْكَ؛ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ".

517- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْفَخِذُ عَوْرَةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذُهُ خَارِجَةٌ، فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَيْكَ؛ فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ.

518- وَعَنْ جَرْهَد الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ، وَقَد انْكَشَفَ فَخِذِي، فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَك؛ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأ"، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ.

الشيخ: وهذه الأحاديث الخمسة كلها تتعلق بالعورة: حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن النبي ﷺ لما قال له معاوية بن حيدة -جدّ بهز: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينُك، قال: الرجل يكون خاليًا؟ قال: الله أحق أن يُستحيا منه.

هذا يدل على أنَّ الواجب حفظ العورة وسترها إلا من زوجة الإنسان عند جماعه لها، ونومه معها، ونحو ذلك، أو ملك يمينه؛ جاريته التي تحلّ له، وهكذا عند الحاجات الأخرى: عند البول والغائط، ونحو ذلك، إذا احتاج إلى كشف العورة، وهكذا إذا دعت الضَّرورةُ إلى ذلك، دعت الحاجةُ عند العلاج.

فالمقصود أنه يحفظها إلا من حاجةٍ وأسبابٍ، ولهذا قال: إن استطعتَ ألا يراها أحدٌ فلا يرينَّها، فالمقصود أن الواجب عليه حفظها إلا من حاجةٍ، وفي الأوقات التي يُباح كشفها: كما يكشفها عند الغسل، وعند الاستنجاء، وعند قضاء الحاجة.

والأحاديث الأربعة: حديث علي، وحديث محمد بن جحش الأسدي، وحديث ابن عباس، وحديث جرهد كلها تدل على أنَّ الفخذ من العورة، وأن العورة يدخل فيها الفخذ، كما يأتي بقية الكلام في ذلك في الأبواب الآتية.

وهذه الأحاديث الأربعة -وإن كان في سند كل واحدٍ منها بعضُ الكلام، وبعضها حسَّنه بعضُ الأئمة، وصحَّحه آخرون- فهي بمجموعها حُجَّة قائمة، ويشدّ بعضها بعضًا، وهي من قبيل الحسن لغيره، وقد تلحق بالصحيح؛ لكثرتها وتعاضدها واختلاف مخارجها، ويأتي بقية الكلام عليها عند حديث أنس فيما يتعلق بكشف الفخذ، المقصود أنها في نفسها حُجَّة قائمة في وجوب ستر الفخذ وعدم إبرازها إلا حيث تبرز العورة في قضاء الحاجة ونحوها.

ومعمر المذكور هذا هو معمر بن عبدالله العدوي، ابن عم عمر .

س: .............؟

ج: لا ..... فتجمع للضَّرورة، العصر تقدّم مع الظهر، والعشاء تقدّم مع المغرب جمع تقديم، ما يُخالف في السفر.

س: تقدّم قبل الوقت؟

ج: لا، لا، ما تقدم الوقت، لا، الظهر ما تقدّم قبل وقتها، المغرب ما تقدم وقتها، العشاء ما تقدم قبل وقتها، المجموعة، المجموعة؛ العصر يتقدم مع الظهر، العشاء تقدم مع المغرب، أو يُؤخّر الجميع، خلاف التأخير، والتقديم على الوقت، لا، ما أحد يقول بتقديمه على الوقت، إنما الكلام في التأخير: هل تُؤخر أو ما تُؤخّر؟

س: صلّوا ..... هل يُؤمر بالإعادة؟

ج: إذا كان شيئًا يسيرًا ما تعمَّده يُعفى عنه إن شاء الله.

س: ..... يختلف باختلاف الناس ..... إذا كان مثلًا شابًّا ..؟

ج: لا، ما يختلف باختلاف الناس، الحكم واحد.

بَابُ مَنْ لم يَرَ أن الْفَخِذَين مِنَ الْعَوْرَةِ

وَقَالَ: هِيَ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ

519- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ جَالِسًا كَاشِفًا عَنْ فَخِذِهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَأَرْخَى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، فَلَمَّا قَامُوا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فَأَذِنْتَ لَهُمَا وَأَنْتَ عَلَى حَالِكَ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ أَرْخَيْتَ عَلَيْكَ ثِيَابَك! فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَلَا أَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ وَاللَّهِ إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَحْيِي مِنْهُ؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَرَوَى أَحْمَدُ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ نحو ذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، وَفِيهِ: فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ تَجَلَّلَ بِثَوْبِهِ.

520- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ حَسَرَ الْإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ، حَتَّى إنِّي لَأَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ فَخِذِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَقَالَ: حَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدَ أَحْوَطُ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث احتجَّ بها مَن رأى أنَّ الفخذ ليس بعورةٍ: حديث عائشة، وحديث حفصة، وحديث أنس.

في حديث عائشة: أن الرسول ﷺ كان عندها ذات يومٍ كاشفًا عن فخذه، فدخل الصديقُ وهو على حاله، ثم عمر وهو على حاله، ثم استأذن عثمانُ، فأرخى عليه ثيابه، فسألته عائشةُ بعد ذلك فقال: ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة؟، وفي اللفظ الآخر -وهو الصحيح- أنه قال: إن عثمان رجل حيي، لو دخل عليَّ وأنا على حالي لم أخشَ ألا يبلغ حاجته، وحديث حفصة كذلك: دخل عليها، فكان عندها، وقد جعل ثوبه بين فخذيه، فدخل الصديق ثم عمر ولم يتغير، ثم لما استأذن عثمان تجلل ثوبه.

هذان الحديثان -حديث عائشة وحديث حفصة- كلاهما ضعيف، ويرحم الله المؤلف؛ كان ينبغي له التَّنبيه، فإن أحمد رواهما بإسنادين فيهما مجهول: روى حديث عائشة بإسنادٍ فيه مجهول، وهو عبيدالله بن سيار، وهو مجهول لا يُعرف، لا تُعرف حاله، وهكذا حديث حفصة فيه شخص يُقال له: عبدالله بن أبي سعيد البجلي، وفيه المزني مجهول الحال أيضًا، فكلاهما ضعيف.

والمحفوظ من حديث عائشة أنه كان في بيتها مضطجع، وعليه مرط لعائشة قد تغشى به، فدخل عليه الصديق فكلَّمه، ودخل عمر فكلَّمه وهو على حاله، فلما استأذن عثمان جلس عليه الصلاة والسلام وسوى عليه ثيابه، فقيل له في هذا فقال: إن عثمان رجل حيي، فلو دخل عليَّ وأنا على حالي أخشى ألا يبلغ في حاجته، فلهذا تهيَّأ له عليه الصلاة والسلام.

أما رواية كشف الفخذ فليست صحيحةً، جاء في بعض الروايات عنها: "وكان كاشفًا عن فخذيه –أو: ساقيه" بالشك، ومع الشك لا تقوم الحُجَّة.

أما في حديث حفصة فهو ضعيف، ومع هذا ليس فيه صراحة بأنه .....، بل قالت: "قد جعل ثوبه بين فخذيه"، ولم تقل: وكشف فخذيه، فليس صريحًا لو صحَّ، وإنما الصريح في هذا حديث أنسٍ من قصة خيبر، وهو الصحيح في هذا، والأقرب في هذا والله أعلم، مثلما تقدم أنه منسوخ، أو مقدّم عليه روايات الجماعة: أن الفخذ عورة، ويحتمل أنه حصل ذلك بسبب حركة المطية في غارتهم على العدو ..... مُغيرين على اليهود لقتال اليهود في خيبر في أول سنة سبع، فيحتمل أن ذلك كان بسبب حركة المطية والحرب والاشتغال بمهمة القتال والحرب، يحتمل أنه كان سائغًا ثم نُهي عنه.

ولهذا ثبت ما تقدم من حديث علي، ومحمد بن جحش، وجرهد الأسلمي، وابن عباس، هؤلاء الأربعة جاء عنهم النَّهي عن كشف الفخذ، وأن الفخذ عورة، وإن كان في سند كلٍّ منهما بعض المقال وبعض الحسن؛ تقدم أنها بمجموعها حُجَّة من باب الحسن لغيره، أو الصحيح لغيره، فهي حُجَّة تقدم على رواية أنس، رواية أنس فعل محتمل، وهذه رواية قول غير محتملة، فوجب تقديمها: إما أن تكون ناسخةً أو مقدمةً عليه، وقد عُلم أنَّ الأحاديث المتعارضة يجب أن يعمل فيها المجتهد ما قرره العلماء: أولًا: الجمع بينها حيث أمكن، فإن لم يتيسر فالنسخ إن توافرت شروطه بعلم التاريخ، فإن لم يتيسر فالترجيح، وهذه المسألة فيها الترجيح؛ لأن احتمال النسخ ممكن، والأقرب أنها متأخّرة؛ لأن محمد بن جحش صغير، وإنما عقل عن النبي ﷺ في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، وابن عباس كذلك إنما كان في آخر حياة النبي ﷺ مُراهقًا، وقصة خيبر في أول السنة السابعة، فلما روى البخاري حديث جرهد قال: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط.

فالحاصل أن القول المقدم الذي عليه الجمهور هو أن الفخذ عورة، وأن النظر إليه وكشفه لا يجوز، وهو وسيلة إلى فتنةٍ.

وجمع بعضُ أهل العلم -كما ذكره ابنُ القيم وجماعة: أن العورة عورتان: عورة مُشددة وهي السَّوأتان، وعورة مُخففة وهي الفخذان، فيُكره كشفهما للأحاديث الأربعة المذكورة، ولا يحرم لحديث أنسٍ؛ جمعًا بين الروايات، ولكن في هذا الجمع نظر؛ لأن ظاهر الأدلة التي من أحاديث الجماعة تدل على أنها عورة لا تُكشف أبدًا، هذا هو الأقرب والأظهر إن شاء الله، وهو قول الأكثر.

س: ما يكون الجمع أولى؟ يُحمل حديث أنسٍ على أنَّ هذه قضية عين يدخلها الاحتمال؟

ج: الأظهر والله أعلم أنَّ المنع أولى؛ لأنها وسيلة إلى الفتنة، والفخذ شأنه عظيم، والأحاديث قولية، والقول أشد في الأمر في الشرع؛ لأنه لا يحتمل، بخلاف الفعل قد يحتمل أنه خاصٌّ، ويحتمل أنه بأسباب الحرب، ويحتمل أنه منسوخ.

س: القول بالنسخ قضية عين لها أسباب، كشف النبيُّ ﷺ فخذه قضية عين لها أسباب، أو مقدم عليه يكون أولى من النسخ؛ لأنَّ النسخ يحتاج إلى ..؟

ج: الترجيح أولى، إذا تعذَّر النسخ الترجيح أولى.

بَابُ بَيَانِ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَتَا مِنَ الْعَوْرَةِ

521- عَنْ أَبِي مُوسَى : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، فَكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ –أَوْ: رُكْبَتِهِ- فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

522- وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ: "أَرِنِي أُقَبِّلْ مِنْك حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُ"، فَقَالَ بِقَمِيصِهِ فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

523- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَغْرِبَ، فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ، وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، قَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمْ، يَقُولُ: انْظُرُوا إلَى عِبَادِي قَدْ صَلَّوْا فَرِيضَةً، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

524- وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

والحُجَّة منه أنه أقرَّه على كشف الركبة ولم يُنكره عليه.

الشيخ: ومجموع الأدلة هنا تدل على أنَّ الركبة ليست بعورةٍ، وأنها النهاية، فمن السرة والركبة هو محل العورة، وأن السرة ليست من العورة، وهكذا الركبة، وهذا واضح، وفيما رواه عمير بن إسحاق، عن الحسن، لم أقف على بقية سنده، والمحشي ما أوضح ما ينبغي.

هل تتبعتَه يا محمد؟

الطالب: نعم؟

الشيخ: عمير بن إسحاق، عن الحسن؟

الطالب: لا.

الشيخ: ما تتبعته، نعم ينبغي أن يُلتمس.

الطالب: إن شاء الله –يعني- في سماعه نظر؟

الشيخ: نعم؟

الطالب: في سماعه عن الحسن؟

الشيخ: لا، بقية السند ما قبل عمير، وبكل حال السرة ليست من العورة، وهكذا الركبة.

الطالب: يقول: الحديث في إسناده عمير بن إسحاق الهاشمي مولاه، وفيه مقال، وقد أخرجه الحاكم وصحَّحه بإسنادٍ آخر من طريق غير عمير المذكور، وفي الأخير قال: وقد استدلَّ به مَن قال إنه ..

الشيخ: ولا ساق السَّند؟

الطالب: ليس ...

الشيخ: إذا سكت هو معناه التَّسكين، وهذه قاعدة؛ إذا كان ما قال "بالتحريك" معناه نسي.

بَابُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا

525- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ.

526- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّهَا سَأَلَت النَّبِيَّ ﷺ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ؟ قَالَ: إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

527- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُر اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا، فقلت: إذَنْ تنكشف أَقْدَامُهُنَّ، فقَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: إنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلْنَهُ عَن الذَّيْلِ، فَقَالَ: اجْعَلْنَهُ شِبْرًا، فَقُلْنَ: إنَّ شِبْرًا لَا يَسْتُرُ مِنْ عَوْرَةٍ، فَقَالَ: اجْعَلْنَهُ ذِرَاعًا.

الشيخ: هذا الباب فيه أنَّ المرأة عورة إلا وجهها وكفّيها، يعني: في الصلاة، فليس لها أن تُبدي شيئًا من بدنها: كالشعر، والذراع، والساق، والقدم، ونحو ذلك، بل عليها أن تستر ذلك في الصلاة، والمقصود هنا البحث في الصلاة، وذكر حديث عائشة: لا يقبل الله صلاةَ حائضٍ إلا بخمار، والخمار من شأنه أن يستر شعرها، فدلَّ ذلك على أنها قبل البلوغ لو صلَّت وشعرها مكشوف صحَّت صلاتها؛ لأنها لم تبلغ الحلم، فعورتها ما بين السرة والركبة في صلاتها، فإذا بلغت الحلم وجب عليها ستر شعرها وقدميها وبقية جسدها ما عدا الوجه والكفين.

وهكذا حديث أم سلمة أنها سألت النبيَّ ﷺ: أتُصلي المرأة في درعٍ وخمارٍ؟ فقال ﷺ: إذا كان الدرعُ سابغًا يُغطِّي ظهور قدميها، وذكر القدمين يدل على أنه لا بأس بظهور الوجه والكفّين.

وقد اختلف العلماء في الكفّين على قولين: أحدهما أنهما يُستران، والثاني أنه لا مانع من كشفهما؛ لأن بهما الأخذ والعطاء وتصريف ما تحتاج إليه، فهما كالوجه، وإلى هذا ذهب جمعٌ من أهل العلم في التَّسامح بالكفّين في الصلاة، أما الوجه فهو محلّ إجماعٍ كشفه في الصلاة، إذا لم يكن عندها أجنبيٌّ فإنها تُصلي مكشوفة الوجه، أما إن كان عندها أجنبي فإنها تستره في الصلاة، والكفَّان سترهما أولى خروجًا من الخلاف، فإن لم تسترهما فلا حرج؛ لأنَّ ظاهر قوله: إذا كان الدرع سابغًا يُغطي ظهور قدميها العفو عن الكفّين.

والحديث فيه نظر؛ فإن الأئمة صحَّحوا وقفه على أمِّ سلمة كما قال المؤلفُ هنا، وكما قال الحافظُ في "بلوغ المرام"، لما ذكره قال: رواه أبو داود، قال: وصحح الأئمة وقفه، فالحُفَّاظ على أنه موقوف على أم سلمة، وقال بعضُهم: لعله في حكم المرفوع؛ لأنَّ مثل هذا لا يُقال من جهة رأيها حين قالت: "نعم إذا كان الدرع سابغًا يُغطِّي ظهور قدميها"، ويحتمل أنه باجتهادها؛ لأنَّ هذا يدخله الاجتهاد والتَّفقه، لكن الحديث من رواية محمد بن زيد بن مهاجر .....، عن أمه، عن عائشة، وبمراجعة كتب الرجال عن أم محمد لم نجد مَن وثَّقها، لا في "التهذيب"، ولا في غيره، ولكن الغالب على التابعيات الخير، الغالب على التابعيات ومجالسات أمهات المؤمنين الغالب عليهن الخير.

فالحديث في سنده بعض النظر والضعف، لكن العموم يقتضي ذلك، فإنَّ المرأة عورة، وستر قدميها وكفّيها هو الذي ينبغي، وقد جاء في الحديث: المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطانُ، فالمقصود أن كونها تستر كفيها وقدميها، أما القدمان فلا شكَّ في ذلك، وأما الكفَّان فهما محل الاجتهاد، وسترهما أولى خروجًا من الخلاف، واحتياطًا للصلاة، فإن صلَّت وأظهرتهما فلا حرج؛ لحديث أم سلمة هذا، وإن كان فيه ما فيه، ولحديث: "إذًا تبدو أقدامهنَّ"، حديث أم سلمة ذكرت القدمين ولم تتعرض للكفين، فهذا يدل على أن القدمين أغلظ في الجملة، ولهذا رخَّص لهن بالشبر والذراع لستر القدمين وقت خروجهن إلى حاجاتهن في الأسواق.

وفيه الحذر من الإسبال للرجال، وتحريم الخيلاء، فالإسبال محرم، وإذا كان عن خيلاء وعن تكبُّر كان أشد في الإثم، ولهذا قال ﷺ: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار، فعمّم عليه الصلاة والسلام وقال: مَن جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، هذا فيه تشديد فيما إذا كان عن قصد الخيلاء والتَّكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: المرأة التي تلبس ..... حيث يرى عنقها وشعرها؟

ج: ..... ما يُجزئ، لا بد من سترٍ كاملٍ.

س: تبطل صلاتُها أو ..؟

ج: نعم، ما تصحّ الصلاة إلا بسترٍ كاملٍ، شفاف ليس بسترٍ.

س: ..... الذِّراعين للمحارم؟

ج: الأمر واسع في هذا، لكن سترهما أفضل، الوجه والكفان للمحارم أفضل وأولى، ولا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه الفُسَّاق، وقلَّ فيه الخوف من الله ، واحترام المحارم، كونها تتستر وتبتعد عن أسباب الفتنة أولى، ما عدا الوجه والكفّين، نعم.

س: حديث عائشة بعضهم ..؟

ج: حديث صحيح لا بأس به، والثقة إذا وصل مُقدّم.

س: ستر القدمين في الصلاة؟

ج: واجب.

س: الصلاة بالثوب الذي ..؟

ج: نعم؟

س: يُصلي وثوبه طويل؟

ج: على كل حال عليه التوبة، وصلاته صحيحة، وعليه التوبة إلى الله جلَّ وعلا، لا يجوز الإسبال في الصلاة ولا في غيرها، لكن صلاته صحيحة، وعليه التوبة إلى الله والاستغفار.

س: .............؟

ج: ولو مقارب؛ لأنَّ الغالب على التَّابعيات .....

س: مَن كان ديدنه إطالة إزاره في الصلاة وفي غيرها؟

ج: يُعلَّم، يُنصح، يُنكر عليه المنكر.

س: ألا ينقص ثواب الصَّلاة؟

ج: المعصية تنقص الصلاة فيها .....، لكن الكلام في صحَّتها وعدم صحَّتها.

س: أحسن الله إليك، الحديث الذي فيه تصريح بأنَّ الله لا ينظر إلى صلاة مَن جرَّ ثوبه أو أسبل إزاره؟

ج: كل هذا الوعيد ما يمنع من صحة الصلاة في الإسبال؛ لأنَّ هذا محرم عام، ما هو في الصلاة خاصة، المحرمات العامَّة ما تُبطل الصلاة، يُبطلها الشيء الخاص بها.

س: أقصد نفس الحديث أتى في الصلاة في حديثٍ خاصٍّ بالصلاة؟

ج: المعروف أنه عام، معروف أنه محرم في الصلاة وخارجها.

بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَجْرِيدِ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الصَّلَاةِ

إلَّا إذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَحْدَهَا

528- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ لَكِنْ قَالَ: عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ اللَّفْظَانِ.

529- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بِطَرَفَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَزَادَ: عَلَى عَاتِقَيْهِ.

530- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا صَلَّيْتَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ آخَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا مَا اتَّسَعَ الثَّوْبُ فَلْتُعَاطِفْ بِهِ عَلَى مَنْكِبَيْكَ ثُمَّ صَلِّ، وَإِن ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ فَشُدَّ بِهِ حَقْوَيْكَ، ثُمَّ صَلِّ مِنْ غَيْرِ رِدَاءٍ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على أن الإزار عند الضيق يكفي، وأنه إذا اتسع الثوبُ فينبغي له أن يُخالف بين أطرافه على عاتقيه، وأن هذا هو الأكمل في الصلاة، فإن عجز ولم يتيسر شدَّه على حقوه، ولا حاجة إلى ستر المنكبين.

وفي حديث أبي هريرة المتقدم الأول: لا يُصلِّين أحدُكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء، والجمع بينهما أنه متى تيسر ذلك وجب أن يستر عاتقيه أو أحدهما حسب التيسير، فإن ضاق الثوبُ أجزأ أن يُصلي في الإزار وكتفاه مكشوفتان؛ لحديث جابر وما جاء في معناه.

وقد ثبت في بعض الروايات أنَّ جابر صلَّى ورداؤه ..... صلَّى في الإزار، قال: "ليعلم مثلك الحكم"، أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه.

فالحاصل أن الأفضل والأولى إذا تيسر أن يُصلي وعلى عاتقيه شيء من الرداء، أو من طرف الإزار إذا كان طويلًا، فإن لم يتيسر ذلك -كان الإزار ضيقًا ليس فيه طول- صلَّى ..... بإزاره وكفى.

وذهب قومٌ من أهل العلم إلى أن الواجب ستر الكتفين مع القُدرة أو أحدهما؛ لحديث أبي هريرة: لا يُصلّ أحدُكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، وظاهره التحريم؛ لأنَّ النهي أصله التحريم، فيجب عليه إذا استطاع أن يستر عاتقيه أو أحدهما، فإن لم يستطع أجزأه المئزر من دون ستر العاتقين أو أحدهما.

وبكل حالٍ فهذا الذي قاله مَن قاله من أهل العلم -وهو مذهب أحمد رحمه الله وجماعة- أحوط للمؤمن؛ أخذًا بظاهر النَّهي: لا يُصلِّ أحدُكم في الثوب الواحد، فإذا كان عنده يُسر فليجعل الرداء على عاتقيه، والمئزر على حقويه، ويُصلي فيهما جميعًا، أو في قميص يسترهما جميعًا.

أما حديث جابر وما جاء في معناه: إن كان ضيقًا فاتَّزر به، فهو محتمل، فإن مفهومه أنه يُجزئ ولو ليس على عاتقه شيء، ولو كان عنده رداء، ولكن ليس بظاهرٍ، وليس بمُتيقن، فالأخذ بحديث: لا يُصلِّ أحدُكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء أولى بالمؤمن، وأحوط له، وهو الأقرب والأظهر جمعًا بين النصوص، فيكون قوله ﷺ: فليتَّزر به يعني إذا كان عاجزًا، ما عنده شيء يجعله على عاتقيه، بدليل رواية: لا يُصلِّ أحدُكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، هذا هو الأحوط للمؤمن والأقرب والأظهر جمعًا بين الروايات، فيجب ستر العاتقين أو أحدهما عند القُدرة ولو بغير الإزار، ولو بالرداء المنفصل، فإن لم يتيسر ولم يحصل عنده رداء ولا ما يستر به عاتقيه أو أحدهما فإنه يُجزئه الإزار حينئذٍ، والله جلَّ وعلا أعلم.

س: إذا كان واجدًا ولم يستر عاتقيه؟

ج: الأحوط له القضاء خروجًا من الخلاف.

س: إذا صلَّت المرأةُ مكشوفة القدمين تُعيد الصلاة؟

ج: هذا الأظهر، نعم تُعيد الصلاة.

س: ..... رجال تغطية وجهها؟

ج: نعم تُغطي وجهها وكفّيها، نعم.

س: في الحديث: الرحم ..... حقوي الرحمن؟

ج: كسائر الصفات؛ أمرُّوها كما جاءت، تنزيه الرب عن مُشابهة خلقه في كل شيء .

س: لو تكتب رسالة في هذا ..... الشفافة؛ لأنَّ كثيرًا ما يصدق هذا الأمر؟

ج: إن شاء الله ينظر في هذا، بارك الله فيك.