18 من حديث: (كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ )

بَابُ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ لِرَدِّ السَّلَامِ أَوْ حَاجَةٍ تَعْرِضُ

840- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: قُلْتُ لِبِلَالٍ : "كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: يُشِيرُ بِيَدِهِ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ: "صُهَيْبًا" مَكَان "بِلَالٍ".

841- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، عَنْ صُهَيْبٍ : أَنَّهُ قَالَ: "مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عليه، فَرَدَّ إلَيَّ إشَارَةً"، وَقَالَ: "لَا أَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ إشَارَةً بِأُصْبُعِهِ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وكِلَا الْحَدِيثَيْنِ عِنْدِي صَحِيحٌ، وَقَدْ صَحَّتِ الْإِشَارَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي حَدِيثِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما لَمَّا صَلَّى بِهِمْ جَالِسًا فِي مَرَضٍ لَهُ، فَقَامُوا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا.

بَابُ كَرَاهَةِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ

842- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

843- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ التَّلَفُّتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صلاةِ الْعَبْدِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

844- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

845- وَعَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: "ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ –يَعْنِي: صَلَاةَ الصُّبْحِ- فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ: وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إلَى الشِّعْبِ مِن اللَّيْلِ يَحْرُسُ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلِّم على محمدٍ.

الباب الأول في الإشارة في الصلاة، وقد ثبت في ذلك أحاديث بالإشارة، وأنها جائزة في الصلاة، فرضًا كانت أو نفلًا، قد سلَّم عليه الأنصار في مسجد قباء عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عمر، فكان يُشير إليهم بيده هكذا عليه الصلاة والسلام كأنه ..... وجهها إلى الأرض، وظهرها إلى السماء، وفي حديث صهيب أنه أشار بأصبعه، فالأمر في هذا واسع، فالأفضل أن يُشير هكذا، وإن أشار بأصبعه فلا بأس للرد على المسلم.

وثبت في حديث جابر وحديث عائشة وحديث أم سلمة الإشارة: حديث أم سلمة لما صلَّى ركعتين بعد العصر أرسلت إليه جارية تسأله، فقالت: قولي له: إنك تنهى عنها بعد العصر، وإنك تُصليها الآن! فأشار إليها أن تأخَّري، ثم أخبرها أنها ركعتا الظهر، وشُغل عنها وصلَّاها بعد العصر، فقالت له أم سلمة: أفنُصليهما إذا فاتتا؟ قال: لا، دلَّ على أنها من خواصِّه عليه الصلاة والسلام قضاء ركعتي الظهر بعد العصر إذا فاتت، أما الأمة فلا تقضي سنة الظهر إذا فاتت، سنة فات محلها، وإنما تُقضى سنة الفجر إذا فاتت، تُقضى ولو بعد طلوع الشمس.

كذلك في حديث جابر وعائشة لما صلَّوا خلفه قيامًا، لما جُحش شقه صلَّى جالسًا، وقاموا خلفه، أشار إليهم أن اجلسوا، قال: لا تُعَظِّموني كما تُعظِّم فارس والروم ملوكَها، والإشارة تكون بالمفهوم، يُشير بما يُفهم، فالجلوس هكذا والقيام هكذا والمنع هكذا، أو بالرأس هكذا، فيُشير بما يُفهم ولا بأس عند الحاجة.

وكل قومٍ لهم إشارتهم، ولهم فهمهم، فيُشير المصلي إلى مَن يُخاطبه أو يُكلِّمه بما يفهم من منعٍ أو إذنٍ أو غير ذلك، ولا حرج في ذلك، وهذا من رحمة الله؛ لأن العبد قد تدعوه الحاجة إلى الإشارة: قد يستأذن عليه، يتكلم حوله، تدعو الحاجة إلى أن يعرف رأيه هو فيُشير بما يرى.

والأحاديث الأخيرة في الكراهة فيما يتعلق بالالتفات في الصلاة، جاء في ذلك أحاديث كثيرة: من حديث عائشة، ومن حديث أنس، ومن حديث أبي ذر، ومن حديث الحارث الأشعري، ومن حديث سهل ابن الحنظلية، ومن أحاديث أخرى.

والصواب فيها التفصيل، وأن الالتفات لا بأس به عند الحاجة، وهكذا جاء من حديث أبي هريرة في ذهاب النبي إلى بني عمرو بن عوف والصلح بينهم، فصلَّى الصديقُ، فجاء النبي والناس قد صفّوا خلف الصديق، وقد كبَّر، فشقَّ الصفوف حتى قام خلف الصديق، فلما أكثر الناسُ التَّصفيق التفت الصديقُ فرآه، فأراد أن يتأخَّر، فأشار إليه أن مكانك، فحمد الله الصديقُ ثم تأخَّر، وتقدَّم النبيُّ ﷺ، وقال بعدما سلَّم: ومَن نابه شيء في الصلاة فليُسبِّح، فإن التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، وقال: إن أحدكم إذا سبَّح التفت إليه، فهذا يدل على الالتفات للحاجة، وأنه لا بأس للحاجة بالرأس، هكذا حديث سهل ابن الحنظلية لما التفت إلى الشعب بعدما أرسل ربيعة يحرس، وهو سنده صحيح، وهو يدل على الجواز عند الحاجة.

وأما حديث عائشة: فهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيدل على الكراهة عند عدم الحاجة. وهكذا حديث أبي ذرٍّ: أن العبد إذا قام فإنَّ الله ينصب وجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت. وهكذا حديث الحارث الأشعري: إذا قام في صلاته فلا يلتفت؛ فإنه ينصب وجهه إلى وجه عبده.

كل هذا يدل على أنه ينبغي الإقبال على صلاته، وعدم الالتفات، والخشوع فيها.

والالتفات يكون بالقلب واللسان كما ذكر ابنُ القيم رحمه الله في "الوابل"، فينبغي للمؤمن أن يكون مُقبلًا بقلبه على صلاته، خاشعًا فيها إلى ربه، وهكذا لا يتلفت ببصره ورأسه إلا عند الحاجة للالتفات كما تقدم، وكما في حديث سهل ابن الحنظلية، فلا بأس بذلك، هذا هو أصح ما قيل في ذلك.

وذهب قومٌ إلى تحريم الالتفات، وهذا ليس بشيءٍ، بل هو ضعيف، والصواب أنه لا يحرم، فيجوز عند الحاجة، ويُكره عند عدمها.

س: الذي صرف النَّهي؟

ج: فعل النبي ﷺ.

أما حديث أنس: إياك والالتفات؛ فإنه هلكة فهذا لو صحَّ لكان دالًّا على التحريم، لكنه ضعيف؛ لأنه من رواية علي بن زيد بن عامر، وهو ضعيف لا يُحتج بروايته، وإن صحَّحه الترمذي، الترمذي رحمه الله حسن الرأي في عليٍّ، والجمهور على التَّضعيف، فلا يُحتج به إذا انفرد، لا سيما هنا، فقد خالف الأحاديث الصحيحة، فإنه يقول: هلكة منكر؛ لأنه لو كان هلكة كان المحرم .......

س: الالتفات في النافلة والفريضة؟

ج: في النافلة والفريضة نعم، النبي التفت في صلاة الصبح في الفريضة.

س: ...........؟

ج: بالرأس هكذا وهكذا حسب الحاجة: يحتاج يمينًا، أو يحتاج شمالًا.

س: النظر بالعين؟

ج: النظر بالعين أسهل، السنة أن ينظر إلى موضع سجوده، وإذا دعت الحاجةُ إلى العين لا بأس، أسهل من الالتفات.

س: ............؟

ج: لا يجوز له قطعها، لكن الأفضل أن يكملها ....... إلا الحج والعمرة، قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، أما النافلة فيجوز قطعها، صومًا أو نفلًا، لكن الأفضل إكمالها، إلا الحج والعمرة فيجب إكمالهما، إذا أحرم بهما وجب إكمالهما.

س: المراد بالاختلاس أحسن الله إليك؟

ج: الأخذ بالخفية، يُزين له الالتفات حتى ينقص صلاته.

س: ...........؟

بَابُ كَرَاهَةِ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ وَفَرْقَعَتِهَا وَالتَّخَصُّرِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ إلَّا لِحَاجَةٍ

846- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ؛ فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

847- وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ.

وقد ثبت في خبر ذي اليدين أنه ﷺ شبَّك أصابعه في المسجد؛ وذلك يُفيد عدم التحريم، ولا يمنع الكراهة؛ لكونه فعله نادرًا.

848- وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَفَرَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

849- وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا تُفَقِّعْ أَصَابِعَك فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ.

850- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الخصر فِي الصَّلَاةِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

851- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يعتمد عَلَى يَدِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: "نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ".

852- وَعَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مُحَصِّنٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْحَصَى وَتَسْوِيَتِهِ

853- عَنْ مُعَيْقِيبٍ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ: إنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَة رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

854- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى سَأَلْتُه عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ: وَاحِدَة أَوْ دَعْ.

الشيخ: هذه الأحاديث في مسائل: منها تشبيك الأصابع، التَّشبيك هكذا، وهو جائز، لكن يُكره في الصلاة، وعند قصد الصلاة؛ لأنَّ الرجل إذا خرج إلى الصلاة وعمد إليها فهو في صلاةٍ، ويُكره التَّشبيك فيها عند السير إليها أو انتظارها؛ لحديث كعب بن عجرة وأبي سعيدٍ، أما خارج الصلاة وبعد الصلاة فلا بأس ولا كراهة.

والمؤلف يحمل حديث أبي هريرة على الكراهة، والبقية على الجواز، وهذا ليس بجيد، والصواب أن الكراهة تختص بالصلاة أو ما قبل الصلاة عند القصد إليها، أما إذا كان في غير ذلك فلا بأس ولو في المسجد؛ ولهذا لما صلَّى في حديث ذي اليدين شبَّك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث الصحيح : المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضُه بعضًا وشبَّك بين أصابعه. فالتشبيك أصله جائز، وقد يرتاح له في بعض الأحيان.

واختلف في العلَّة: قيل: لأنه نوع من العبث. وقيل: لأنه من عمل الشيطان.

وبكل حال، فالمؤمن مأمور بامتثال الشريعة وإن لم يعرف العلة، فالأفضل له ألا يُشبك في حال الصلاة، ولا عند القصد إليها، ويُكره له ذلك، ولا بأس به في غير المسجد، وفي غير الصلاة، وبعد الصلاة لا بأس.

وهكذا الفرقعة تُكره؛ لأنها عبث، وإن كان حديثها ضعيفًا؛ لأنها من رواية الحارث الأعور عن عليٍّ، والحارث لا يُحتج به، وله شاهد آخر ضعيف أيضًا، لكن فيه نوع من العبث، الفرقعة في الصلاة مكروهة لأنها نوع من العبث، والفرقعة ...... الأصابع يعني ...... الأصابع حتى يكون له صوت؛ لأنه نوع من العبث يُكره.

وهكذا جميع العبث يُكره: كالحركات التي لا حاجةَ إليها، والعبث بالشعر، أو باللحية، أو بالملابس، كل ذلك مكروه في الصلاة، وكلما كثر وتوالى أبطلها؛ لأن المؤمن مأمور بالخشوع في الصلاة، والإقبال عليها والسكون، والله يقول سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1- 2]، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: اسكنوا [في] الصلاة، فالسنة للمؤمن الخشوع والركود والسكون في الصلاة وعدم العبث.

كذلك الاختصار في الصلاة: كونه يضع يديه على خاصرته، السنة أن يضع يمينه على شماله على صدره، وقال آخرون: على سُرَّته، وقال آخرون: تحت سرته؛ لأن ذلك مما يحفظها عن العبث، والأفضل أن يكون على الصدر، هذا أحسن ما جاء في ذلك، كونه يضعها على خاصرته الشاكلة -الخاصرة الشاكلة هكذا- هذا مكروه، ورُوي أنه من فعل اليهود في صلاتهم، فيُكره فعل ذلك إلا من حاجةٍ: كأن يتألم فيضطر إلى وضع يده لتسكين الألم فلا بأس بذلك.

أما حديث أم قيسٍ أنه اتَّخذ عمودًا يتَّكئ عليه: فهذا لا بأس به، وإن كان يحتاج سنده إلى نظرٍ، لكن بكل حالٍ الاتكاء على العصا عند الحاجة في صلاة النافلة وطول القيام -كما جاء من فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لما طال القيام- لا بأس به، وهكذا في النافلة عند الحاجة إلى ذلك، وفي الفريضة إذا احتاج إلى ذلك فلا بأس بذلك، وإلا فالسنة ألا يتَّكئ، بل يضع يده اليمنى على يده اليسرى، لكن إذا احتاج إلى ذلك لضعفه ومرضه فلا بأس، أو بالنافلة إذا احتاجه لطول القيام أو لضعفه فلا كراهةَ في ذلك.

وحديث أبي ذرٍّ وحديث مُعيقيب كلاهما يدل على أن السنة الإقبال على الصلاة، وعدم مسّ الحصى  عند السجود، لا يمسح الحصى، لكن إذا دعت الحاجة فواحدة كما قال في الحديث: إن كان فواحدة، وفي اللفظ الآخر: أو دع، فالأفضل ألا يُكرر، إذا كان لحاجةٍ يمسح لمرةٍ واحدةٍ، فتكون مثلًا خشونة أو حجر في موضع السجود فيُزيله، أو شوكة أو ما أشبه ذلك فواحدة؛ لأن المؤمن مأمور بالخشوع، وكما في حديث أبي ذرٍّ: فإن الرحمة تُواجهه، فالسنة له ألا يعبث بالمصلَّى، لكن إذا دعت الحاجةُ فلتكن مسحة واحدة، وإن لم تكفِ المسحة فلا بأس بالزيادة للحاجة إذا كانت تشقّ عليه، إذا كان الموضع يشقّ عليه السجود: كشوك يُؤذيه، فإما أن يُزيله، وإما أن يضع عليه شيئًا، يطرح عليه ثوبَه أو كُمَّه أو شيئًا آخر حتى يخشع في صلاته، والله أعلم.

س: الحكمة من النَّهي عن تشبيك الأصابع؟

ج: الله أعلم، ذكر الشوكاني أنه قيل: من البعث. وقال قوم أنه من عمل الشيطان، فيحتاج إلى دليلٍ.

س: تعليل: فإنه في صلاةٍ؟

ج: عند خروجه إلى الصلاة في صلاة ...... ما يُناسب الصلاة، ولا يخفى أن الحكمة ما هو لازم العلم بها، عليه الامتثال ولو ما عرف الحكمة.

س: لكن ما في رواية: فإنه في صلاةٍ؟

ج: يعني عند الخروج، فدلَّ ذلك على أنه يترك في الصلاة، لكن الحكمة في كراهته هل العبث أو من عمل الشيطان ...... ما يظهر فيه عبث واضح، مثلما قال: لو قال كذا، لكن الشارع أعلم وأحكم.

س: في الصلاة؟

ج: في الصلاة، أو القاصد إليها قبل، والجالس ينتظرها؛ لأنَّ الجالس ينتظرها في صلاةٍ، والقاصد لها في صلاةٍ.

س: ...........؟

ج: خارج الصلاة ما فيه شيء، المكروه في الصلاة فقط.

س: ...........؟

ج: لا، ما له حاجة، يُكره له ذلك، إذا كان ما فيه حاجة لا يمسح ولا مرة.

س: إذا كان ينتظر الصلاة في المسجد؟

ج: لا يُكبر، يُكره له، ما يضرّ، لكن يُكره، تركه أولى.

س: ورد عن عبدالله بن عمر أنه قال: "من صفات المغضوب عليهم تشبيك الأصابع في الصلاة"؟

ج: الله أعلم، إن صحَّ عنه .......

س: إذا سجد على ثوبه؟

ج: ما يضرّ، إذا سجد على ثوبه ما في بأس.

س: إذا سجد على شوكٍ؟

ج: إذا كان ما يُؤذيه، بعض الناس جبهته خشنة، إذا كان ما يُؤذيه فلا بأس.

س: هل يرفع رأسه ويُزيل هذا الشيء ويرجع للسجود؟

ج: نعم، يرفع رأسه ويُزيل ما أذاه ثم يضع رأسه –جبهته.

س: السجود على وسادةٍ؟

ج: الأفضل في الهواء، إذا كان يعجز فلا يحط وسادةً ولا غيرها يُومئ إيماءً إذا عجز عن السجود.

بَابُ كَرَاهَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعْقُوصَ الشَّعْرِ

855- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ رَأَى عَبْدَاللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ من وَرَائِهِ، فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، وَأَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا لَك وَرَأْسِي؟! قَالَ: "إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إنَّمَا مَثَلُ هَذَا كَمَثَلِ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

856- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ.

بَابُ كَرَاهَةِ تَنَخُّمِ الْمُصَلِّي قِبَلَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ

857- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَتَّهَا وَقَالَ: إذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَيَدْفِنُهَا.

858- وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَبْزُقَنَّ قِبَلَ وجهه، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ نَحْوُهُ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

بَابٌ فِي أَنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْمَشْيَ الْيَسِيرَ لِلْحَاجَةِ لَا يُكْرَهُ

859- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

860- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَجِئْتُ، فَمَشَى حَتَّى فَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَقَامِهِ"، وَوَصَفَتْ أَنَّ الْبَابَ فِي الْقِبْلَةِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

الشيخ: هذه الأحاديث: الحديث الأول حديث ابن عباس وأبي رافع فيما يتعلق بالعقص، وأنه ينبغي للمؤمن إذا دخل في الصلاة أن يحلّ ما عقص من رأسه أو ثيابه، وأن يسجد معه ذلك؛ لما ثبت في "الصحيحين" عن ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما، عن النبي ﷺ أنه قال: أُمِرْتُ أن أسجد على سبعة أعظم، وألا أكفَّ شعرًا ولا ثوبًا؛ ولهذا لما رأى ابنُ عباس عبدالله بن الحارث معقوص الشعر حلَّ شعره.

والظاهر أنه عبدالله بن الحارث، يعني: ابن نوفل، وزعم الشوكاني أنه عبدالله بن الحارث بن زيد الهمذاني الصحابي المعروف، والأقرب أنه عبدالله بن الحارث بن نوفل التابعي.

المقصود أنَّ العقص هو عقد الشعر، يأخذ الحمائل -وهي الضفائر- يعقصها على رأسه ويعقدها على ظهره، كل هذا يُكره في الصلاة، بل إذا أراد الصلاة حلَّ ذلك، هكذا أكمامه أو عمامته –أطرافها- فلا يعقدها، وليسجد معه: ولا أكفّ شعرًا ولا ثوبًا، فإذا كانت أكمامه مطويةً هكذا يُرخيها، وقد يكون طواها لبعض العمل أو للوضوء، لكن إذا أراد الدخول في الصلاة فإنه يحلّ كميه، وهكذا لو كان رداؤه مكفوفًا يتركه حتى يسجد معه.

والأحاديث الأخرى: حديث أبي هريرة وأنس وما جاء في معناهما، كلها تدل على تحريم البصاق في المسجد، ولا سيما إلى القبلة، فإنه أشنع إلى قبلة المصلين؛ ولهذا أنكر النبيُّ ذلك وغضب وحكَّ ذلك من الجدار وقال: فإن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنه يُناجي ربه، فإنَّ الله قِبل وجهه، فنهاهم عن هذا الأمر، فلا يجوز أن يبصق أمامه قبلة المصلي وهو يُصلي، ولا في المسجد أيضًا؛ لأن النبي ﷺ قال: إنه خطيئة، ولكن عن يساره تحت قدمه إذا كان خارج المسجد، أو في ثوبه كما فعل النبيُّ ﷺ، فإنه أخذ طرف ردائه وبصق فيه وقال: أو ليقل هكذا؛ لأنَّ البصاق تقذير، فإن كان في قبلة المصلي فذاك شين يُؤذي المصلين، وإن كان في الأرض كذلك قد يُؤذيهم في ملابسهم وأقدامهم، ومتى وجدت وجب دفنها بتراب المسجد أو رمله حتى يزول أذاها أو تُنقل ......

واختلف أهلُ العلم في هذا: هل يجوز البصاق في المسجد مع الدفن، وإنما يحرمه من غير دفنٍ؟

والصواب أنه لا يجوز؛ لأنَّ النبي ﷺ حكم عليه بأنه خطيئة، لكن متى وقعت هذه الخطيئة فكفَّارتها دفنها إذا أمكن ذلك، أو نقلها عن المسجد؛ حتى لا يحصل الأذى.

أما في خارج المسجد: كالذي يُصلي في الصحراء أو نحو ذلك، فإذا بصق عن يساره فلا بأس، فلا ينبغي أن يبصق عن يمينه ولا قدامه.

وظاهر النَّهي التحريم: أنه لا يجوز أن يبصق أمامه وهو يُصلي، ولا عن يمينه، واختلفوا: هل يجوز خارج الصلاة؟ الصواب أنه يجوز إذا كان خارج الصلاة، لكن تركه أفضل، وفي بعض الروايات الإطلاق؛ إطلاق النهي عن البصاق عن اليمين أو قدام، فأخذ بعضُ أهل العلم من ذلك أنه يمنع حتى في خارج الصلاة. وقال آخرون: إنَّ هذا في الصلاة؛ لقوله: إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فالصواب أنه يمنع في داخل الصلاة، أما إذا كان خارج الصلاة فبصق عن يمينه أو قدامه فلا حرج، لكن ترك ذلك أفضل؛ خروجًا من الخلاف، وعملًا ببعض الأحاديث المطلقة.

أما حديث أبي هريرة في قتل الأسودين وحديث عائشة في فتح الباب فهو يدل على أنه لا بأس بالعمل اليسير في الصلاة للحاجة والمصلحة، إذا دعت الحاجةُ فلا بأس أن يعمل، مثل: أن يتقدم أو يتأخَّر أو يقتل الحية أو العقرب فلا بأس؛ ولهذا قال: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب، وهو محمول على [ما] إذا أمكن ذلك بدون عملٍ كثيرٍ؛ لأنَّ الأحاديث يُفسر بعضها بعضًا، والسنة يُفسر بعضها بعضًا، فإذا أمكن قتلها بدون عملٍ كثيرٍ قتلها؛ لئلا تُؤذيه أو تُؤذي غيره.

وكذلك ما يتعلق بفتح الباب إذا تيسر فتحه للمُستأذن فلا بأس، إذا كان قريبًا يمشي إليه ويفتحه، كما فتح النبيُّ ﷺ لعائشة، وكان الباب أمامه.

وحديث عائشة سنده جيد، وهو يدل .......، ولا بأس به، وحمله العلماء على أنه إذا كان العملُ ليس بالكثير؛ جمعًا بين الأحاديث الدالة على النَّهي عن العبث في الصلاة والحركة والأعمال الزائدة، لكن إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك صار عملًا زائدًا كما تقدَّم عن النبي ﷺ في قصة عرض الجنة والنار عليه، لما عرضت الجنة عليه تقدَّم، ولما عرضت عليه النار تأخَّر، فهذه لا تضرّ الصلاة؛ لأسباب شرعية: كونه يتقدم لفتح بابٍ، أو لقتل حيةٍ أو عقرب، أو لمكانٍ مناسبٍ؛ لأنه في مكانٍ غير مناسبٍ، كل هذا لا حرج فيه.

س: ..............؟

ج: هذا مُطلق، حمله بعضُهم على داخل الصلاة؛ لعموم ما في "الصحيحين": إذا كان أحدُكم في صلاةٍ فإنه يُناجي ربَّه، هذا قريب، والمطلق يُحمل على المقيد ........ كره مطلقًا ..

س: القاعدة ما يحمل المُطلق على المُقيد خارج الصلاة، الأحاديث واضحة في التَّقييد؟

ج: ........ الصلاة أشد.

س: التعليل: فإنَّ الله قبل وجهه؟

ج: نعم.

س: ...............؟

بَابٌ فِي أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ طَالَ

861- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ: إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عُمَرُ: "إنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ".

بَابُ الْقُنُوتِ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدَ النَّوَازِلِ وَتَرْكِهِ فِي غَيْرِهَا

862- عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ، إنَّك قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ هَاهُنَا بِالْكُوفَةِ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، أَكَانُوا يَقْنُتُونَ؟ قَالَ: "أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟

وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ: قَالَ: "صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْنُتْ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا بُنَيَّ، بِدْعَةٌ".

863- وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِي لَفْظٍ: "قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

وَفِي لَفْظٍ: "قَنَتَ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ، فَمَا رَأَيْتُه حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

864- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

865- وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

866- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا بَعْدَمَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ إلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ [آل عمران:128]. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

867- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِن الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، قَالَ: يَجْهَرُ بِذَلِكَ. وَيَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا حَيَّيْنِ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ الْآيَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

868- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الْعِشَاءَ إذْ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ: اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

869- وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: "لَأَقْرَبَنَّ بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ"، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَمَا يَقُولُ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: "وَصَلَاةِ الْعَصْرِ" مَكَانَ "صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ".

870- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو عَلَيْهِمْ؛ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَحْمَدُ وَزَادَ: "أَرْسَلَ إلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُمْ"، قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ هَذَا مِفْتَاحَ الْقُنُوتِ.

الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.

في الباب الأول الدلالة على أنَّ ما يقع للمُصلي من الأفكار في بعض شؤونه أو في أمور الآخرة لا يضرُّ صلاته ولا يُبطلها، وإن كان ينقص ثوابها في بعض الأحيان؛ لقوله ﷺ: ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها، لكن قد تتداخل العبادات، قد تكون الأفكار بما يتعلق بالآخرة، أو بأمر المسلمين وجهادهم ونحو ذلك.

وبكل حالٍ، هذه الأفكار التي تعرض للإنسان في أمر دينه أو في أمر دنياه وهو يُصلي لا تُبطل صلاته، لكن  يجوز له أن يعمل ما شرعه الله من سجود السهو ...... إلى غير ذلك، ويدل على هذا ما ثبت في الحديث المذكور عن أبي هريرة: أنه ﷺ قال: إن الشيطان إذا سمع الأذانَ أدبر وله ضراط حتى لا يسمع التَّأذين، والضراط معروف، وهو ما له صوت يخرج من الدبر، وإن كان بلا صوتٍ سُمي: الفساء، هذا يدل على أنَّ الشياطين يقع منهم هذا، كما تقع لبني آدم، فالذين يأكلون ويشربون يقع منهم ما يقع لبني آدم، فإذا انتهى التأذين رجع؛ للتلبيس والتَّخييل والإيذاء، فإذا سمع الإقامة أدبر، أي: التثويب بالإقامة، وسُمي: التثويب لأنه ...... للأذان الثاني، ثوَّب: نادى إلى الأذان، فإذا انتهت الإقامةُ رجع حتى يخطر بين المرء وبين قلبه، يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكره، حتى يضل الرجلُ لا يدري كم صلى ......: إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا [يونس:68]، إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:52] يعني: ما لبثتم، ما عندكم من سلطانٍ، فإن تأتي نافية بمعنى "ما" في القرآن وفي لغة العرب.

فإذا وجد ذلك فليسجد سجدتين هذا الحديث مجمل، فسَّرته الأحاديثُ الأخرى، وأن المقصود من هذا أنَّ الشيطان يلبس عليه صلاته ويُؤذيه ويشغله بالوساوس والأفكار، لكن ما قال النبيُّ ﷺ: يُعيد صلاته، فليسجد سجدتين فدلَّ ذلك على أنَّ هذه الوساوس لا تُبطلها، ولكن على صاحبها أن يتأدَّب بالآداب الشرعية، وأن يعمل بما شرعه الله في علاج الوسوسة: من التَّعوذ بالله من الشيطان كما أمر النبيُّ ﷺ عثمانَ بن أبي العاص لما قال: يا رسول الله، إنَّ الشيطان لبَّس عليَّ صلاتي؟ أمره أن يتفل عن يساره ثلاثًا، ويتعوَّذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، ففعلها فعافاه الله.

فالإنسان إذا ابتُلي بذلك يستعيذ بالله من الشيطان، ويجمع قلبه ويحرص ويُجاهد نفسه، هذا من الجهاد، فهو عدو، والأعداء يحتاجون جهادًا، والله يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فهو عدو شديد العداوة، فلا بدّ من جهادٍ له وأنت في الصلاة للحرص على إقامة صلاتك، وجمع قلبك، والتَّذكر بأنك بين يدي الله، والتعوذ بالله من الشيطان، إلى غير هذا من أنواع الجهاد لعلك تسلم من شرِّه.

فإذا حصل شيء من النسيان تعمل بما جاءت به الأحاديث، فإذا نسيت: هل أنت في الثالثة أو في الرابعة؟ اجعلها الثالثة، نسيت هل أنت في الثانية أو الثالثة؟ اجعلها الثانية، وكمل الصلاة واسجد للسهو سجدتين كما جاء في الأحاديث الأخرى عن أبي سعيدٍ: إذا شكَّ أحدُكم في صلاته فلم يدرِ كم صلَّى: ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشكَّ وليَبْنِ على ما استيقَنَ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يُسلِّم، وحديث ابن مسعودٍ: إذا شكَّ أحدُكم في صلاته فليتحرَّ الصوابَ فليتمَّ عليه، ثم يُسلِّم، ثم يسجد سجدتين.

فالحاصل أنه في هذه البلية يعتني بأسباب السلامة، ويحرص على أسباب السلامة من عدو الله، فإذا التبس عليه الأمر يعمل بما بيَّنه النبيُّ ﷺ، فإن كان شكُّه [في] العدد بنى على اليقين والأقل، وإن كان ترك التشهد الأول أو التَّسبيح في الركوع أو في السجود سها عن ذلك يسجد للسهو، وإن كان زاد ركعةً سجد للسهو، وإن كان نقص قام وكمل ويسجد سجدتين، يُعالج الموضوع بما بيَّنه النبيُّ ﷺ في هذا الحديث، هذا الحديث مجمل، والأحاديث الأخرى مُفصَّلة.

والشاهد من هذا أنَّ الرسول ما أمر بإعادة الصلاة، كثير من الموسوسين كلما صلّوا أعادوا، لعب عليهم الشيطان، تجده يُصلي خمس مرات، وعشر مرات، كلما صلَّى قال: ما صحَّت صلاتي! أنا عندي وساوس! هذا يقع في النساء كثير، وفي بعض الرجال، ينبغي أن يحذر هذا، وهذا ما يجوز، هذا تلاعب، ولكن يبني على اليقين، أو يتحرى ويبني على غالب الظن -كما في حديث ابن مسعودٍ- ويُكبر ويسجد للسهو.

وهذا عمر -وهو أفضل الصحابة وخيرهم بعد الصديق- يقول: إنه يُجهز الجيشَ في الصلاة؛ للاهتمام بالجهاد، وحرصه على الجهاد، قد يخطر له بعض الأحيان أنه أمر بكذا وكذا في الجيش وهو في الصلاة، فالإنسان يخطر له أشياء في الصلاة: تارةً يخطر له أنه سيُسافر إلى كذا، سيفعل كذا، سوف يمر بكذا، إلى غير هذا، ولا سيما من لهم شؤون: كالأمراء والقضاة والعلماء، ومَن لهم شؤون قد تخطر لهم أشياء كثيرة، فينبغي للمؤمن إذا خطر له شيء مثلما بيَّن النبيُّ ﷺ يجتهد، ويبني على اليقين، ويعمل ما شرعه الله من سجود السَّهو.

أما الأحاديث الأخرى فيما يتعلق بالقنوت، فقد جاء في القنوت أحاديث كثيرة، وكلها تكون في النوازل، النبي ﷺ ثبت عنه من طرقٍ كثيرةٍ عن جماعةٍ من الصحابة: كأبي هريرة، وأنس، وابن عمر، والبراء بن عازب، وغيرهم؛ القنوت في النوازل، كان يدعو على أحياء من العرب، ويدعو على بعض العرب لما عاندوا، أو قتلوا بعض المسلمين، أو أذوا بعض المسلمين، يدعو عليهم في صلواته، وكان الغالب أن قنوته في الفجر والمغرب، أطراف النهار: أول النهار وأول الليل، وربما قنت في العصر والعشاء وفي الظهر، لكن الغالب في الفجر والمغرب، أو في الفجر وحده، أو في الفجر والمغرب والعشاء في الصلاة الجهرية، يدعو على أحياء، وعلى أفراد، وفي بعض الأحيان يدعو لهم كما قال: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، اللهم أنجِ سلمة بن هشام، اللهم أنجِ عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنجِ المستضعفين في مكة كان هذا قبل الفتح، وكذلك لما بعث جماعةً من القراء إلى الدَّعوة إلى أصحاب بئر معونة فقتلوهم، فدعا عليهم شهرًا، ودعا على رعل وذكوان وعصية، ودعا على بني لحيان لما قتلوا العشرة: عاصم بن ثابت وأصحابه.

المقصود أنه ﷺ وقع له هذا كثيرًا، لكنه لا يدوم، أيام معدودة ثم يترك، لا يستمر، فالذي أنكره العلماء هو الاستمرار؛ أن يقنت في الصبح أو غيره مُستمرًّا، هذا لم يفعله النبيُّ ﷺ، إنما يقنت لأسبابٍ ثم يدع، أما ما يفعله بعضُ العلماء من القنوت دائمًا في الفجر فهذا قاله جماعةٌ من العلماء، والصواب أنه ليس بمشروعٍ، الصواب أنه لا يُستحب الدوام في هذا، وإن كان فعله بعض الصحابة فتأسَّى بهم بعض العلماء: كالشافعية وجماعة، ولكن الصواب أنه لا يُستحب القنوت دائمًا في الفجر ولا في غيرها، ومن أدلة ذلك: ما ثبت عنه ﷺ أنه ما كان يُداوم، وفي بعض الروايات: "قنت شهرًا"، وفي بعضها: "قنتَ على أحياء وترك"، في حديث سعد بن طارق، عن أبيه طارق الأشيم أنه قال: "صليتُ خلف أبي بكر فلم يقنت، وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي ....."، وقال: "أي بني، محدث"، هذا يُبين لنا أن الاستمرار على القنوت: "اللهم اهدنا فيمَن هديتَ" أو بأي ألفاظٍ في الفجر أو في المغرب أو في العشاء فهذا بدعة، أما إذا فعله ولي الأمر، أو مَن ينوب [عن] ولي الأمر، أو فعله المسلم باجتهاده يدعو على المشركين، أو يدعو للمُجاهدين، أو للمُستضعفين من المسلمين في بعض الأحيان؛ فلا بأس به تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.

س: .............؟

ج: اللهم العن اليهود، اللهم العن النصارى، اللهم العن الشيوعيين، هذا معناه: اللهم العنهم، اللهم قاتلهم، اللهم شتت شملهم، اللهم انصر المسلمين عليهم، وهكذا.

س: ............؟

ج: ...... النبي ﷺ، وقد لعن الكفَّار، ولعن العُصاة: لعن الله السارق يسرق ..... فتُقطع يده، ولعن شارب الخمر، ولعن المصورين، وهو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام ...... المعين لا ينبغي لعن المعين، النبي لعن العموم ......

س: لم يأتِ إلا بسجدةٍ واحدةٍ ثم قام إلى الركعة، هل يرجع؟

ج: إن رجع قبل أن يستتم ..... لا يرجع، لكن لا يعتدّ بها، وإن رجع فلا بأس ......

س: حديث: حيثما مررتَ بقبر كافرٍ فبَشِّره بالنار فيه تلازم مع اللَّعن هنا وهو مُعين؟

ج: ...... إذا صحَّ فالعمدة على ما قاله النبيُّ ﷺ، الخلاف في العاصي المعين، العاصي الفاسق، منهم مَن قال: يُلعن. ومنهم مَن قال: لا يُلعن ....... قال: لا يُلعن؛ لأنه قد يهديه الله .....، والنبي ﷺ تارةً يدعو لهم، وتارةً يدعو عليهم، قال في دوس: اللهم اهدِ دوسًا وأْتِ بهم ......

س: ..........؟

ج: إذا كان لشدة أذاهم .......

أَبْوَابُ السُّتْرَةِ أَمَامَ الْمُصَلِّي وَحُكْمُ الْمُرُورِ دُونَهَا

بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ إلَى السُّتْرَةِ وَالدُّنُوِّ مِنْهَا

وَالِانْحِرَافِ قَلِيلًا عَنْهَا وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهَا

871- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

872- وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي فَقَالَ: كَمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

873- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ يَأْمُرُ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

874- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ بِلَالٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَمَعْنَاهُ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

875- وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي وَالدَّوَابُّ تَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ.

876- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

877- وَعَن الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى إلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْسَرِ أَوِ الْأَيْمَنِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا".

878- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

الشيخ: هذه الأحاديث العديدة فيما يتعلق بالسترة تدل على أحكام منها: شرعية السترة، وهذا أمر مجمع عليه، يُشرع للمؤمن أن يُصلي إلى سترةٍ، والسترة تكون جدارًا أو عمودًا أو عنزةً -وهي العصا المركوزة- وما أشبه ذلك ..... مثل: مؤخرة الرحل، كما في حديث أبي ذرٍّ، وحديث عائشة، وغيرهما.

مؤخرة الرحل: عصا تكون خلف الراكب يستند إليها، وتكون أمام الرفيق، تُقارب الذراع، أو الذراع إلا قليل، وينصبها المصلِّي أمامه وتكفيه، ومثل ذلك: الكرسي، وما أشبه ذلك يكون أمامه.

وفي هذا -حديث أبي سعيدٍ- الدلالة على تأكُّدها: إذا صلَّى أحدُكم فليُصلِّ إلى سترةٍ، وليَدْنُ منها رواه أبو داود، وابن ماجه، وإسناده جيد وحسن، وهو يدل على تأكيد السترة، وعلى شرعية الدنو منها، وألا يكون بعيدًا منها، وأقصى ذلك ثلاثة أذرع كما فعل النبيُّ ﷺ لما دخل الكعبةَ؛ صلَّى إلى القبلة وبينه وبين الجدار نحو ثلاثة أذرع، يقول في حديث سهل: "كان بين الجدار وبين مُصلَّاه قدر ممر الشاة"، يدل على القرب منها، وهذا والله أعلم لأنه بين موضع السجود، ممر الشاة هو موضع السجود، طرف المصلَّى يعني، حتى لا يسجد في الجدار يجعل بينه وبين السترة قليلًا؛ حتى لا يصطدم فيها بالسجود ويضربها بوجهه، فيتأخَّر عنها قليلًا ممر الشاة، نحو شبر أو أقل من ذلك.

وفي حديث أبي ذرٍّ وحديث عائشة -كما تقدم- الدلالة على أنَّ مؤخرة الرحل كافية، وهكذا جاء في عدة أحاديث، وأنه إذا كان جسم قائم كمؤخرة الرحل كفى في السترة، ويكون الجدار والعمود والكرسي أمامه، وأشباه ذلك مما يكون له جسم قائم، ولا يضرُّه ما مرَّ من وراء ذلك من دوابٍّ، أو من بني آدم، كما في حديث طلحة وغيره.

وكان ﷺ -كما قال ابنُ عمر- تُنصب له العنزة، وهي العصا في طرفها حربة تُنصب له في الصحراء فيُصلي إليها، فالسنة الاقتداء به في ذلك عليه الصلاة والسلام، وألا يُصلي إلى غير سترةٍ، فإن صلَّى إلى غير سترةٍ صحَّ، ولكن لا يدفع إلا مَن كان قريبًا منه بثلاثة أذرع فأقل، لا يدفع البعيدين، أما المارّ بين يديه يدفعه ويمنعه، ومَن كان بعيدًا لا يضرُّه.

والمعروف عند أهل العلم أنها سنة مؤكدة، وليست واجبة، ومما استدلُّوا به حديث ابن عباس أنه صلَّى في الفضاء وليس بين يديه شيء، وفي سنده الحجاج بن أرطأة؛ فيضعف.

وفي "الصحيحين" من حديث ابن عباس: أنه رأى النبيَّ ﷺ يُصلي في منى إلى غير جدارٍ، ولم يذكر سترةً أخرى: لا عنزة، ولا غيرها، واحتجَّ به أيضًا بعضُ مَن قال بعدم وجوب السترة.

وحديث ابن عباس ليس بصريحٍ، إنما ذكر: إلى غير جدار، ولم يذكر شيئًا آخر، وأما حديثه هذا أنه ليس أمامه شيء، فهو معلول بالحجاج.

وحديث المقداد بن الأسود وما أشار إليه المؤلف في الترجمة أنه يجعل السترة على حاجبه الأيمن أو الأيسر احتجَّ به بعضُ أهل العلم على ذلك: أنه لا يصمد إليها صمدًا، بل يجعلها على حاجبه الأيمن أو حاجبه الأيسر، وهذا الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية المهلب بن عمرو البهراني، عن بضاعة بنت المقداد، عن أبيها، قال العلماء في المهلب أنه مجهول، وقالوا في بضاعة أنها لا تُعرف؛ فالحديث ضعيف من أجل جهالة الراويين، والعجب أن بعض الناس اعتمده وقال: إنه إذا صلَّى إلى سترةٍ يجعلها على حاجبة الأيمن أو الأيسر، مع ضعفه لجهلة رواته.

والصواب أنه يجعلها أمامه، يصمد إليها، هذا هو الصواب؛ لأنها سترة، والسترة تكون سترةً إذا صمد إليها، فالعنزة تكون أمامه، والجدار يكون أمامه، والعمود يكون أمامه، هذا هو ظاهر الأحاديث الصحيحة الكثيرة: منها حديث أبي هريرة: إذا صلَّى أحدُكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، "تلقاء" ما قال: عن يمينه، قال: تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصًا، فإن لم يجد فليخطَّ خطًّا، ثم لا يضرُّه مَن مرَّ بين يديه، رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه.

واختلف أهل العلم في تضعيفه وتصحيحه: قال جماعةٌ: إنه مضطرب. وضعَّفوه، وقال ابن المديني وأحمد رحمهما الله وجماعة: إنه صحيح. وقال الحافظ في "البلوغ" رحمه الله: ومنهم مَن زعم أنه مضطرب، بل هو حسن، فهو دليل على أنها تكون أمامه كالأحاديث الأخرى الدالة على أنَّ السترة تكون أمامه، لا على حاجبه الأيمن، ولا على حاجبه الأيسر، بل أمامه.

والشيخ محمد رحمه الله في "آداب المشي إلى الصلاة" تبع فيها كلام المتأخرين من الحنابلة، يجعلها على حاجبه الأيمن أو الأيسر، وكأنه لم ينظر الحديث، ولم يطلع على ضعفه.

وفيه أنَّ مَن لم يجد سترةً يخطُّ خطًّا في الصحراء، إن كان ما وجد شيئًا يخطّ خطًّا في التراب كالهلال هكذا، وقال بعضهم: هكذا طولًا، والأقرب مثلما قال أحمد: خطًّا أمامه معترض كالهلال، أي: محدب، بدلًا من العصا والجدار ونحو ذلك، ويكفي.

والأصوب في هذا الحديث أنه حسن، وليس بضعيفٍ؛ لأن بعض أسانيده جيدة كما قال الحافظ رحمه الله، وتأتي بقية أحاديث المرور بين يدي المصلي في الباب الذي بعده إن شاء الله.

وفَّق الله الجميع.

س: .............؟

طالب: ما هو مستور، يستدرك على الحافظ؛ لأنه وثَّقه ابن حبان، وقال النَّسائي: لا بأس به، راجعناه قبل ذلك، وأظن العجلي أيضًا وثَّقه.

الشيخ: .......

الطالب: حديث ثلاثة لا تقربهم الملائكة أتيتُ به من كتاب "آداب الزفاف" للألباني.

الشيخ: أيش يقول؟

الطالب: أتى به من حديث عمار بن ياسر .

الشيخ: في أي محلٍّ؟

الطالب: في "المسند" من حديث عليٍّ.

الشيخ: اقرأ سنده عن عليٍّ؟

الطالب: قال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا سفيان، عن جابر، عن عبدالله بن بجيد، عن عليٍّ قال: "كنتُ آتي رسول الله ﷺ كل غداةٍ، فإذا تنحنح دخلتُ، وإذا سكت لم أدخل"، قال: "فخرج إليَّ فقال: حدث البارحة أمرٌ؛ سمعتُ خشخشةً في الباب، فإذا أنا بجبريل عليه السلام، فقلت: ما منعك من دخول البيت؟ فقال: في البيت كلب، قال: فدخلتُ فإذا جرو للحسن تحت كرسيٍّ لنا، فقال: إنَّ الملائكة لا يدخلون البيتَ إذا كان فيه ثلاثة: كلب، أو صورة، أو جنب.

الشيخ: ........

الطالب: ذكر حديث عمار بن ياسر : أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمُتضمّخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضَّأ.

قال: حديث حسن؛ أخرجه أبو داود في "سننه" من طريقين، وأحمد، والطحاوي، والبيهقي من أحدهما، وصححه الترمذي وغيره، وفيه نظر بيَّنتُه في كتابي "ضعيف سنن أبي داود" برقم، لكن متن الطريق الأولى -وهو هذا- له شاهدان أوردهما الهيثمي في "المجمع"؛ ولهذا حسَّنته، وأحدهما عند الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عباسٍ.

نقلنا الإسنادين من "سنن أبي داود": الأول يقول أبو داود في "سننه" في كتاب "الترجل" باب "الخلوق للرجال": حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر، وذكر قصةً، ثم قال النبيُّ ﷺ: إنَّ الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخيرٍ، ولا المُتضمخ بالزعفران، ولا الجنب، قال: ورخَّص للجنب إذا نام أو أكل أو شرب أن يتوضأ.

الإسناد الآخر: حدثنا هارون بن عبدالله: حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي: حدثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عمار بن ياسر، به مرفوعًا، قال: ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمُتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضَّأ.

الشيخ: ...... يشدُّ بعضُها بعضًا؛ لأنَّ الحسن يُخشى أنه ما سمع من عمار، وعطاء الخرساني يضعف، وقول الشيخ ناصر طيب، يشدّ بعضُها بعضًا .......: إلا أن يتوضَّأ، هذا لو صحَّ عن عليٍّ، وهذا مع هذا يشدّ بعضُها بعضًا ......

س: .............؟

ج: إذا كان المارُّ امرأةً أو حمارًا أو كلبًا أسود قُطعت الصلاة، وإن كان المارُّ من غيرهم: رجل، أو كلب غير أسود، أو شاة ما تقطع الصلاة، لكن يكون فيها نقصٌ، النبي حصر القطع في ثلاثةٍ: المرأة، والحمار، والكلب الأسود فقط، ما سواها لا يقطع، لكن يكون فيها نقصٌ، لكن لا تبطل الصلاة.

س: ...........؟

ج: ...........

س: مرور الرجل بين يدي المرأة يقطع؟

ج: ما يقطع، لا المرأة، ولا الرجل، المرأة تقطع صلاة المرأة وصلاة الرجل ......

س: يُعيد الصلاة؟

ج: يُعيد، تلزمه الإعادة إن كانت فريضةً، وإن كانت نافلةً إن أعاد فهو أفضل.

س: في الحرمين إذا قطعت المرأة؟

ج: لا، في المسجد الحرام يُعفا عنه للضَّرورة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]؛ ولهذا الصحيح عند العلماء أنها لا تقطع الصلاة في المسجد الحرام؛ للزحام .......

س: الأصل في القطع نقص الصلاة وليس الإبطال؟

ج: الصواب الإبطال، أما حديث لا يقطع الصلاة شيء فهو ضعيف ........

بَابُ دَفْعِ الْمَارِّ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ

وَالرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ

879- عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ.

880- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ.

881- وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

882- وَعَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُمَا: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ إذَا فَرَغَ مِنْ سُبْعِهِ جَاءَ حَتَّى يُحَاذِيَ بِالرُّكْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ أَحَدٌ".

بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَ يَدَيْهِ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ

883- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وهو حجَّة في جواز الصلاة إلى النائم.

884- وَعَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا لَا تُصَلِّي، وَهِيَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَتِهِ، "إذَا سَجَدَ أَصَابَنِي بَعْضُ ثَوْبِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

885- وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "زَارَ النَّبِيُّ ﷺ عَبَّاسًا فِي بَادِيَةٍ لَنَا، وَلَنَا كُلَيْبَةٌ وَحِمَارَةٌ تَرْعَى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّه ﷺ الْعَصْرَ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُؤَخَّرَا، وَلَمْ يُزْجَرَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلِأَبِي دَاوُد مَعْنَاهُ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأول كلها تدل على وجوب منع المار بين يدي المصلي؛ لأنَّ الرسول أمر بذلك وشدد فيه، فالواجب عدم المرور بين يدي المصلي، والواجب على المصلي أن يدفع أيضًا؛ لقوله: فليدفعه، فإن أبى فليُقاتله، فالسنة للمُصلي أن يمنع المار، وأن يُصلي إلى سترةٍ، فإذا كان المارُّ بينه وبينه منعه، إن كان قريبًا منعه، وإن كان بعيدًا لا يضرُّه، وأحسن ما قيل في ذلك: ثلاثة أذرع، كما فعل النبيُّ ﷺ في الكعبة، فإنه صلَّى وبينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع.

وفي حديث أبي جهيم الدلالة على تحريم المرور؛ لهذا قال: لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه –يعني: من الإثم- لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه، فهذا يدل على أنه لا يجوز المرور ....... صلاة المصلي من نقصٍ أو الإبطال إن كان المارُّ ممن يقطعها كالمرأة.

فينبغي للمؤمن توقِّي ذلك، وألا يمرَّ بين يدي أخيه، وربما قد يحدث شيء في النفوس من البغضاء والشَّحناء، فينبغي التوقف عن ذلك، وأن يتحرى الشيء الذي يبرئ ذمته بأن يُقدِّم أخاه، أو يمر من ورائه، أو يلتمس طريقًا آخر، ولا يمر بين يديه؛ حذرًا من الإثم، وحذرًا مما يقع بين المؤمن وأخيه من التَّساهل في هذا.

وقد جاء في الصحيح من حديث أبي سعيدٍ: أنه كان يُصلي في المسجد الأموي، فأراد بعض بني أمية أن يمرَّ ومنعه، ثم أراد أن يمر فمنعه بدفعةٍ قويةٍ، فاشتكاه إلى مروان، فلما دخل أبو سعيدٍ على مروان أخبره مروان، فقال أبو سعيدٍ: أن النبي ﷺ قال: إذا صلَّى أحدكم إلى شيءٍ يستره .. الحديث.

فالمقصود أنَّ هذا قد يُؤثر أيضًا في النفوس، فينبغي توقِّي هذا، مع ما فيه من توقِّي الإثم .......

وفي حديث عائشة الدلالة على أنه لا مانع من أن يُصلي الإنسان إلى نائمٍ أو مضطجعٍ غير نائمٍ، لا يضرُّ، المضرة في المرور، أما إذا كان مُضطجعًا أو نائمًا أو جالسًا فلا يضرُّ.

وهكذا حديث ميمونة: أن النبي ﷺ يُصلي بجوار زوجته: عن يمينه، أو عن شماله، ولو كانت حائضًا لا يضرُّ، ولو وقع طرفُ الثوب عليها وهو يُصلي لا يضرُّ هذا؛ لأنَّ المقصود منع المرور، أما كونه في جواره أو مُضطجعًا أمامه أو جالسًا أمامه كل هذا لا يُسمَّى: مرورًا.

وكذلك حديث المطلب بن أبي وداعة فيه الدلالة على أنَّ المرور في المسجد الحرام لا يضرُّ، والسبب في ذلك أن المسجد الحرام مظنة الزحمة للطواف والداخلين والخارجين، فمن رحمة الله أن عفا عن السترة في ذلك، وأن الإنسان يُصلي أينما كان في المسجد الحرام، ولا تلزمه السترة، ولم يُحفظ عنه ﷺ أنه اتَّخذ سترةً في المسجد الحرام ولا أصحابه، كان يُصلي قرب المطاف والناس يمرون بين يديه وهو يُصلي.

وحديث المطلب هذا صريح، لكنه ضعيف؛ فإنه وقع في إسناده جهالة، قال: "حدَّثنا بعضُ أهله" يعني: من أهل المطلب، فالمقصود في سنده مبهم، وهو ضعيف، لكن يتقوَّى بآثار الصحابة، ويتقوَّى أيضًا بالمعنى؛ فإنَّ المسجد الحرام مظنة العجز عن السلامة من المرور، وهكذا في المسجد النبوي عند الزحمة، وهكذا أمثالهما إذا اشتدَّ الزحام، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإذا لم يتيسر وضع السترة، ولم تتيسر السلامة من المرور عُفي عن ذلك كما في المسجد الحرام.

وحديث الفضل لو صحَّ يُحمل على أنه كان بينه وبين الكلب والحمار سترة، فإن الرسول ﷺ كان يضع السترة بين يديه، وأخبر أنه يقطع الصلاة: الحمار، والكلب الأسود، والمرأة، ما لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل، حديث الفضل لو صحَّ محمولٌ على ما كان بينه وبينه سترة.

أيش قال المحشي عليه؟ يحتاج إلى تتبع طرقه، ما تكلَّم عليه، لا بد [أن] يُراجع إن شاء الله، والبحث فيه في الدرس الآتي إن شاء الله، يُراجع.

وهذا ولو صحَّ فالمحمول أنه كان بينه وبين الكلب والحمار سترة، ولو صحَّ أنه ليس هناك شيء فهو دليل على أن السترة ليست واجبةً، وأنه يجوز أن يُصلي إلى غير سترةٍ كما تقدم، والمعروف عند أهل العلم أنها سنة مؤكدة، ولا يمنع من قطع الثلاثة لصلاته إذا كانت قريبة منه بين يديه، كما تقطع ذلك إذا كانت بينه وبين السترة، أو مرت ......، إذا مرت قريبًا بين يديه بثلاثة أذرع أو أقل، وتأتي بقية البحث عليه إن شاء الله.

س: ...........؟

ج: عام للطائفين وغير الطائفين .......

الطالب: يقول: الحديث استدلَّ به على أنَّ الكلب والحمار لا يقطعان الصلاة، وقد اختلف في ذلك، وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا، وليس في هذا الحديث ....... الكلب بكونه أسود، ولا ذكر أنهما مرَّا بين يديه، وكونهما بين يديه لا يستلزم المرور الذي هو محل النِّزاع.

الشيخ: ..........

الطالب: الحديث في إسناده عن أبي داود والنسائي محمد بن عمر .......، والعباس بن عبيدالله بن عباس .......

س: ............؟

ج: المعروف عند أهل العلم أنها سنة مؤكدة .......

س: السترة للمُصلي: الأحاديث كلها تدل على الوجوب، مع أن القول بالسنية قول الجماهير! أصحّ ما يُقال في صرف هذه الأحاديث.

ج: ........... حديث ابن عباس في "الصحيحين" ......

س: الحجة للقائلين بوجوب السترة في هذا؛ لأنه قال: "إلى غير جدار"، نفى الجدار، ما نفى الغير، القصد هنا المنفي ما هو المثبت.

ج: محتمل ........