وعن سعيد بن جبير قال: (من قطع تميمة كان كعدل رقبة) رواه وكيع ..، وسعيد هذا هو ابن جبير تابعي جليل من أصحاب ابن عباس، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم سنة 94 أو 95 من الهجرة ظلمًا وعدوانًا، وهو ممن عرف بالعلم والفضل والفقه في الدين رحمه الله، يعني سعيد رحمة الله عليه يقول: (من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة) هذا يدل على فضل قطع التمائم، وأنها تخليص من الشرك، إذا كان عتق الرقبة فيه فضل عظيم فتخليص الناس من الشرك كذلك فيه فضل عظيم، بل هو أعظم من عتق الرقاب، دعوة الناس إلى التوحيد وتخليصهم من الشرك أعظم من عتق الرقاب؛ لأن الشرك يوقع في النار نعوذ بالله، فالذي يسعى في تخليص الناس من الشرك ويبين لهم التوحيد ويدعوهم إلى ذلك ويصبر على الأذى في ذلك فهو خير عظيم وفضل كبير حتى قال سعيد: إنه كعدل رقبة، كعتق رقبة، بل الأمر أعظم من ذلك، وهذا قد يقال في حكم المرسل لأن سعيد قد لا يقوله من جهة رأيه، ويحتمل أنه من تفقهه، وأنه شبه عتق الناس من الشرك بعتق الرقاب، ولكن عند التحقيق والتأمل والنظر يكون أعظم من عتق الرقاب، يكون إعتاقهم من الشرك وتخليصهم من الشرك أعظم وأكبر من عتق الرقاب التي يكون بها الإنسان حرًا طليقًا بعيدًا عن مشابهة البهائم، فهؤلاء إعتاقهم فيه تخليصهم من النار ومن غضب الله عز وجل، فالأمر أعظم فتعليق التمائم من الشرك وإن كان أصغر لكن خطره عظيم ويجر إلى الأكبر.
وفي هذا فضل الدعوة إلى الله وبيان ما لأهلها من الخير العظيم، وأنهم يسعون في إعتاق الناس من النار وتخليصهم من النار، ولهذا جعل الله لهم فضلًا عظيمًا حتى قال النبي ﷺ: لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم، وقال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئًا، وقال : من دل على خير فله مثل أجر فاعله فالدعوة إلى الله، وهداية الناس إلى الخير فيه فضل عظيم، وخير كثير، والعاقبة الحميدة، والنفع العام.