23- من حديث (هي لك أو لأخيك أو للذئب)

949- وعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ وجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، ولْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا ووِكَاءَهَا، ثم لَا يَكْتُمْ، ولَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، والْأَرْبَعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ الْجَارُودِ، وابْنُ حِبَّانَ.

950- وعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

951- وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، ولَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، ولَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث أيضًا كلها تتعلق باللُّقطة الثلاثة:

الحديث الأول: حديث عياض بن حمار المجاشعي، وهو صحابي معروفٌ ، والعرب تتساهل في الأسماء، ولهذا سُمِّي أبوه بهذا الاسم مثل الحيوان، وهم معروفون بالتَّساهل في الأسماء.

يقول رضي الله عنه: عن النبي ﷺ: مَن وجد لُقطةً فليُشهد ذوي عدل، ثم لا يكتم، ولا يُغيِّب، فإن جاء صاحبُها فهي له، وإلا فمال الله يُؤتيه مَن يشاء، هذا الحديث يدل على أنه لا بدّ من التعريف، وحفظ العفاص والوكاء، العفاص هنا بمعنى: الوعاء، والوكاء: الرباط، وعليه مع هذا أن يعتني بكتابتها وضبطها، وإشهاد ذوي عدلٍ؛ حتى لا تُنْسَى، وحتى لا تخونه نفسُه، أو يُزين له الشيطان كتمانها؛ فإنها مع الإشهاد والكتابة تبعد الخيانة بعد ذلك والجحد، ثم عليه أن يتَّقي الله في التَّعريف، لا يكتم، ولا يُغير، بل يعرفها سنةً كاملةً كما تقدَّم، فإن عرفت وإلا فهي له، ومتى جاء طالبُها يومًا من الدهر -ولو بعد ذلك- دُفعت إليه إذا عرفها، أو قامت بها البينة.

والحديث الثاني حديث عبدالرحمن بن عثمان التيمي: أنَّ النبي ﷺ نهى عن لقطة الحاج، هذا ابن أخي طلحة بن عبيدالله التيمي.

ويدل الحديث على أن لقطة الحاج لا تُملك بالتَّعريف كلُقطة الحرم؛ لأنَّ الحاج يتكرر، وتقع منهم السواقط، فالواجب أن تُحفظ لهم، فإما أن يُعرِّفها دائمًا، وإما أن تُوضَع عند اللجنة الخاصَّة في مكة -المحكمة الخاصة- أو في المدينة، حتى يجدها ربها، ولقطة الحاج تكون بين مكة والمدينة في الغالب، أو في طريق مكة، يعني التي يغلب على الظن أنها من مال الحاج، وهذا ما كان من الحرم، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، فهي لا تحلّ ساقطتها إلا لمعرِّفٍ، لقطة الحرم لا تُملك، بل لا بدّ من تعريفها دائمًا، وهذا شيء خاصٌّ بلقطة الحرم، أما لقطة الحاج فبعضهم حملها على لقطة الحرم، وبعضهم عمَّم ذلك، يعني: إذا عرف أنها من سواقط الحاجِّ لا تُملك، تُعرَّف على ظاهر الحديث، ويعرف ذلك بالقرائن الدالة على أنها من لقطة الحاج، فإن لم يعرف ذلك فهي مثل غيرها تُعرَّف سنة.

الحديث الثالث حديث المقدام بن معديكرب: يقول النبيُّ ﷺ: ألا لا يحلّ ذو نابٍ من السباع، ولا الحمار الأهلي، هذا فيه الأدلة كثيرة، الأحاديث كثيرة تدل على تحريم ذي النَّاب من السباع: كالذئب، والأسد، والنمر، والهرّ، والكلب، وأشباهها، كلها محرَّمة، والحمار الأهلي كذلك ثبتت فيه الأحاديث الصَّحيحة، ولما ذبحها الناسُ يوم خيبر وطبخوها أمرهم بإكفاء القدور، وغسلها، قالوا: نغسلها؟ قال: اغسلوها، وأخبر أنها محرَّمة، وأنها رجسٌ.

أما لُقطة المعاهد فهذا محل نظرٍ، إلا أن يستغني عنها، فمحل نظرٍ، ويحتاج إلى مراجعة الحديث، والنظر في إسناده في الدرس الآتي إن شاء الله؛ لأنَّ إلا أن يستغني عنها كلمة فيها إبهام، يحتمل أنها تكون يعني: يستغني عنها لكونها حقيرةً، كما تقدَّم في التَّمرة، إن كانت اللقطة حقيرةً لا تحتاج تعريفًا: كالعصا التي لا قيمةَ لها، والحبل الذي لا قيمةَ له، والتمرة، والتمرتين، والفاكهة، وأشباه ذلك مما لا قيمةَ له، فقوله: إلا أن يستغني عنها يحتمل أنَّ المراد به الشيء الحقير الذي لا يطلبه المعاهَد، ولا يحتمله، ويحتمل غير ذلك، لكن هذا هو الأقرب إن صحَّ الحديث، فالأقرب أنَّ المراد إلا أن يستغني عنها يعني: أن تكون حقيرةً، مثلها لا يُطلب، ومثلها يُستغنى عنها .....

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: إذا وجد مالًا في الطريق، وسلَّمه إلى جمعية خيرية بنية أن يتصدَّق عن هذا الشخص؟

ج: لا، ما يصحّ، لا بدّ أن يُعرّف، وإلا يُعطيه للمسؤول عن اللّقطات، إن كانت هناك جهة مسؤولة يُعطيها إياه، وإلا يُعرّفها هو.

س: وإذا كان الشرطة؟

ج: الشرطة غير مسؤولة عن اللّقطات ....

س: الإشهاد واجب؟

ج: ظاهر الحديث .....: فليُشْهِد، الأصل في الأوامر الوجوب، لكن قد يُقال: سكوته في أحاديث كثيرة يدل على الاستحباب؛ لأنه في حديث زيد بن خالد في "الصحيحين" وأحاديث أخرى كثيرة ما فيها الأمر بالإشهاد، فقد يُقال: إنَّ هذا يدل على أن المراد بالإشهاد الاستحباب والأفضلية.

س: إن وجد لقطةً ثمينةً وتركها يأثم؟

ج: لا، ما يأثم، ما هو بلازمٍ .....

س: حاجة لما تعرفها ما تكون في العراء؟

ج: قد تكون طريق الحجاج، المقصود إذا غلب على الظن أنها لقطة حاج، وإلا يذهب .....

س: وإن تكن بالحرم؟

ج: إذا كانت في الحرم.

س: الخمسة ريـال والعشرة ريـال ما يسأل عنها؟

ج: نعم، بالنسبة لوقتنا هذا وأشباهه ما لها قيمة، الخمسة، والعشرة.

س: الشاة في الحرم؟

ج: ظاهر الأدلة أنها مثل غيرها، تُعرَّف دائمًا، يبيعها ويحفظ ثمنها، وإلا يذبحها ويحفظ ثمنها؛ لأنَّ الحديث عامٌّ في لقطة الحرم.

س: الأخذ من بستان أو من مزرعة؟

ج: الشيء اليسير الذي فيه إثبات، ما يأكل من أجل أن يتزود، يأكل ..... مثلما جاء في الحديث، إذا أخذ بفيه من التمر المعلَّق تمرةً، أو تمرات في فمه، ما يضرُّ، إذا كان محتاجًا، وإلا لا يأخذ شيئًا.

س: ............؟

ج: لا، ما يصلح، يقول النبيُّ ﷺ: مَن أصاب فيها لحاجةٍ فلا شيء عليه، ومَن فرَّط في شيءٍ منه فعليه العقوبة والغرامة.

س: عند العوام مفهوم أنه إذا وجد سكرانًا يأخذ الذي معه، هل صحيح أنه يأخذ أي شيء معه؟

ج: لا، هذا فيه تفصيل: إن تيسر ولا مشقَّة فيه ليحفظه عليه، أو يُسلمه للمحكمة.

س: لا، هو له؟

ج: لا، ما هو له، يحفظه له، يُعطيه أباه، أو يُعطيه أخاه، أو يُعطيه أمه، القائم على السكران، أو يُعطيه إذا صحى.

س: يقولون: على أساس أنه حرام؟

ج: لا، هذا غلط.

س: حديث سعدٍ في الرجل يصيد في الحرم؛ فإنَّ له أن يأخذ سلبه؟

ج: هذا حرم المدينة؟

س: صحيح؟

ج: نعم صحيح، فله سلبه.

س: ويترك ما يستر عورته فقط؟

ج: نعم.

س: يعني: عقوبةً له؟

ج: عقوبة.

س: شخصٌ مريض ............؟

ج: لا، ما يصلح: عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرامٍ.

س: ألا يجب على الأمين أن يلتقط إذا خاف أن اللُّقطة تضيع؟

ج: إذا وثق بنفسه .....، إذا اطمأنَّ أنه سوف يقوم باللازم، وإلا يتركها ويستريح.

س: ما يجب؟

ج: أما إذا كانت تطمئن نفسُه فيُستحب، ما يجب، لها تبعية.

س: إذا كانت تضيع؟

ج: إذا ضاعت تسقط.

س: إذا كان يخشى أن يلتقطها الخائنُ؟

ج: ما يلزم، إن وثق بنفسه وأراد الإحسانَ جزاه الله خيرًا، أما أنه يجب ما يلزم.

س: إذا التقط على نية التَّعريف، ثم هلكت، أو فسدت، لا يضمن؟

ج: إن كان فرَّط يضمن، وإن كان بدون تفريطٍ ما يضمن، إن كان فرَّط يضمن، أو تعدَّى.

س: لو كان طعامًا بالحرم، وخشى أن يتلف؟

ج: يبيعه ويحفظ الثمن، يحفظ صفاته ويبيعه، أو يخشى من الفساد أو غيره، يخشى تلفه فيبيعه ويحفظ ثمنه، أو لباس.

س: ولا يجب عليه الالتقاط في هذه الحالة حتى إذا كان يخشى الفساد؟

ج: لا يجب عليه.

س: حتى لو خشي عليه الفساد؟

ج: ما قال النبيُّ ﷺ: فليأخذها، إنما بيَّن أنَّ عليه كذا وكذا، عليه إذا أخذها كذا وكذا، وإلا ما هو بلازمٍ أن يجبر نفسه.

س: معديكرب، أو كرب؟

ج: معديكرب.

س: عندنا.

ج: ولو كتبها نطقها هكذا.

س: لما سُئل النبيُّ ﷺ عن الشاة قال: هي لك، أو لأخيك، أو للذئب، ما يدخل فيه على وجوب الالتقاط حتى لا ..؟

ج: لا، ما هو بواجبٍ، خلها للذئب.

س: ............؟

ج: لا تُنكر إلا إذا رأيتَ من نفسك القوة والنشاط، وأنك إن شاء الله سوف تقوم باللازم، فجزاك الله خيرًا.

س: ..... وسيبها أهلها فأحياها فهي له؟

ج: إذا تركها أهلُها ما يُريدونها فلا بأس، إذا تركوها استغناءً عنها فلا بأس.

س: لضعفهم؟

ج: ..... مَن أخذها له فلا بأس، أما التَّسييب: فيُسيِّب الناسُ أشياء كثيرة وهم ما سمحوا .....

س: هذا حديث: مَن وجد دابةً قد سيَّبها أهلُها فأخذها فأحياها فهي له؟

ج: ما أعرفه.

س: متى يحلّ مال الذمي؟

ج: ..... أو بالسماح.

س: واللُّقطة؟

ج: .....

 

بَابُ الْفَرَائِضِ

952- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

953- وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، ولَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

954- وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه فِي بِنْتٍ وبِنْتِ ابْنٍ وأُخْتٍ، فقَضَى النَّبِيُّ ﷺ: لِلِابْنَةِ النِّصْف، ولِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُس -تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ- ومَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

955- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، والْأَرْبَعَةُ والتِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ أُسَامَةَ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ حَدِيثَ أُسَامَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذا الباب في الفرائض، والفرائض هي المواريث، سواء كانت عصبًا أو مُقدرةً يُقال لها: فرائض، ويُقال لها: مواريث، ويُقال: أحكام الفرائض، وأحكام المواريث، هذا عُرْفٌ شرعي في أحكام المواريث، يُقال لها: الفرائض.

وهنا الرسول ﷺ قال: ألحقوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ، والله سبحانه لم يُوكِّل تقسيمها إلى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، ولا نبيٍّ مُرْسَلٍ، بل قسمها بنفسه، قسم الفرائض بين الناس بنفسه سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في أول سورة النساء، وفي آخرها، فقال في أولها: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] .. إلى آخر الآيات في هذا المقام ..

956- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي مَاتَ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ؟ فَقَالَ: لَكَ السُّدُسُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: لَكَ سُدُسٌ آخَرُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ السُّدُسَ الْآخَرَ طُعْمَةٌ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.

957- وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَقَوَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ.

958- وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.

أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ سِوَى التِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ.

959- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ابْنِ سَهْلٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالمواريث:

الحديث الأول يدل على أنَّ الأب الفرض الوارث له السدس؛ لقول الله جلَّ وعلا: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، فالقاعدة الشرعية: أنَّ الولد يمنع الأبَ، ويمنع الجدَّ من التَّعصيب إذا كان ذكرًا، ولا يُعطى الأب والجدُّ إلا السدس، أما إذا كان الموجود بنات فإنَّ الأب يأخذ السدسَ، والجدّ كذلك، والباقي يأخذه طعمة كما قال النبيُّ ﷺ، يعني: تعصيبًا، فإذا كان الموجود بنتًا أو بنتين ما بقي يكون طعمةً للأب أو للجد مع السدس، زيادة، وهذا محلُّ إجماعٍ بين أهل العلم.

فإذا مات الميتُ عن أبٍ وبنتين، أو جدٍّ وبنتين، فالأب له السدس، والبنتان لهما الثلثان، والسدس السادس يكون طعمةً للأب أو للجدِّ، تكون من ستٍّ: للأب السدس أو الجد، وللبنتين الثلثان أربعة، والباقي واحدٌ يكون للأب تعصيبًا، أو للجد تعصيبًا.

وهكذا لو كانت بنتًا واحدةً، تُعطى النصف، والأب له السدس أو الجد، والباقي يأخذه الأب أو الجد طعمةً تعصيبًا.

وهذه الصورة لحديث عمران إنما هي في أبٍ مع بنتين فأكثر، فإنَّ البنتين أخذتا الثلثين، والأب أخذ السدس والباقي طعمةً، السدس السادس طعمةً للأب تعصيبًا، وهذا محل إجماعٍ بين أهل العلم، سواء كان أبًا أو جدًّا.

أما إذا كان الموجود من الذرية ذكرًا –ابنه، أو ابن ابنٍ- فإنه ليس للأب إلا السدس، وهكذا الجد ليس له إلا السدس؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، والولد يشمل الذكر والأنثى، فإن كان ذكرًا منعه التَّعصيب، وليس له إلا السدس، وإن كان أنثى أخذ ما بقي طعمةً بعد السدس.

والحديث الثاني حديث بُريدة: يدل على أنَّ الجدة تُعطى السدس إذا لم يكن دونها أمٌّ: إذا هلك هالكٌ عن أمٍّ وأبٍ، أو أمِّ أمٍّ، أو أمِّ أبٍ، الأم أو نحوها تُعطى السدس إذا لم يكن دونها أمٌّ، أما إن كانت الأمُّ موجودةً فإنها تحجب الجدَّة، الأم تحجب الجدَّة لأنها أقرب؛ لأنها مباشرة للولادة، فإذا عُدمت الأمُّ صارت الجدَّة تُعطى السدس، سواء كان من جهتها، أو من جهة الأب: أم أم، أو أم أب، أو أم أب الأب، لا بدّ أن تكون مدليةً بوارثٍ، تكون هذه الجدَّة قد أدلت بوارثٍ: كأم الأم، أو أم الأب، أو أم أب الأب، تُعطى السدس عند عدم الأم مطلقًا، سواء كانت الذريةُ موجودةً، أو ما وُجِدَتْ ذرية، ليس لها إلا السدس.

والحديث الثالث والرابع يدلان على أنَّ الخال وارثُ مَن لا وارثَ له، وهو من ذوي الأرحام، وهذا دليل القول الثاني من أقوال العلماء: أنه إذا لم توجد عصبة ولا أصحاب فروضٍ فإنه يكون لذوي الأرحام، وقال قومٌ: يكون لبيت المال، والأرجح أنه لذوي الأرحام؛ لقوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75]، والخال من ذوي الأرحام.

فهذا الحديث والحديث الذي بعده كلاهما يدلان على أنَّ الخال وارثُ مَن لا وارث له، وهما الدليل على أنَّ ذوي الأرحام يرثون، ويكون في إرثهم تفصيلٌ بيَّنه أهلُ العلم القائلين بتوريث ذوي الأرحام عند عدم أهل الفروض والتَّعصيب، وإرثهم في التنزيل.

فإذا مات ميتٌ عن خالٍ فقط يُعطى المال كلَّه، كما لو مات عن أمٍّ أو جدَّةٍ أو بنتٍ تُعطى المال كله فرض الورثة، فالخال وارث مَن لا وارثَ له، إذا كان وحده ما معه أقارب إلا خال أو خالة أو ابن خال أو ابن خالة يُعطى المال كلَّه كالعاصب، هذا الصحيح في ذوي الأرحام عند أهل العلم؛ لقوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75] يعني: أولى من الأجانب، أولى من بيت المال، وأولى من الأجانب، فإن كان الموجود خالين بينهما، ثلاثة أخوال بينهم، وهكذا على تفصيلٍ مُبَيَّن، بيَّنه أهلُ العلم في ميراث ذوي الأرحام، وبيَّناه في الفوائد الجلية فيما يتعلَّق بذوي الأرحام.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: توريث الابن المسلم من أبيه الكافر دليل عدم توريثه أحسن الله إليك؟

ج: لقوله ﷺ: لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافِرُ المسلمَ في الحديث السابق في أول الباب: لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ، لا توارث بينهما: الكافر والمسلم، الله قطع الولاية بينهما.

س: توريث معاذ رضي الله عنه وبعض الصحابة المسلمين من الكافرين؟

ج: هذا قولٌ ضعيفٌ، يحتجُّون بحديث: الإسلام يعلو ولا يُعْلَى، هذا مجمل، هذا من المشتَبِه، وحديث: لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ هذا مُحْكَم، والمحكم مُقدَّم على المشتَبِه في القرآن والسنة، الله يقول: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7].

س: ما الصحيح في سماع الحسن من عمران؟

ج: الصحيح أنه سمع منه، جاء في بعض الروايات: أخبرني عمران بن حُصين.

س: الصحيح أنه سمع منه يا شيخ؟

ج: نعم، ولهذا قال: وقيل، بصيغة التَّمريض، يُبين أنَّ الصواب أنه سمع منه.

س: إذا كان الأب موجودًا، والجدُّ موجودًا، هل يحجب الأبُ الجدَّ إذا الفرعُ وارث؟ إذا كان الأبُ موجودًا، وله ولدٌ، فهل يحجب الأبُ الجدَّ؟

ج: ما في شكّ، عند جميع أهل العلم، إذا كان الأبُ موجودًا فالجدُّ ما له شيء، وإن كانت الأم موجودةً فالجدَّة ما لها شيء، عند جميع أهل العلم.

س: حديث عمران فيه اختصارٌ؟

ج: قصد المؤلف: الخال وارثُ مَن لا وارثَ له، هذا المقصود من ذوي الأرحام.

س: ..... يتوارثون؟

ج: فيما بينهم يتوارثون، والنصارى يتوارثون، والوثنيون يتوارثون، إذا تحاكموا إلينا.

س: إذا لم يكن هناك وارثٌ بين يهوديٍّ ونصرانيٍّ يرجع إلى بيت مال المُسلمين؟

ج: نعم، إذا كانت تحت ولاية المسلم.

س: حديث عمران في الجدَّة: القصة ثابتة؟

ج: ماذا؟

س: حديث عمران في ميراث الجدَّة فيها اختصار؟

ج: المقصود أنه محلُّ إجماعٍ، ما هو محل خلافٍ، محل إجماعٍ بين المسلمين،        إذا بقي شيءٌ يكون للأبِ والجدِّ.

س: ............؟

ج: تعصيب يُسمَّى: طُعمةً، هي التَّعصيب عند أهل العلم.

س: الرحبية تنصح بها ..... الفرائض؟

ج: الرحبية طيبة .....، أرجوزتها مختصرة طيبة .....

س: ...........؟

ج: ..... نسيتُها، قرأتُها قديمًا لكن نسيتُها، أحكام الوارث واضحة في القرآن والحمد لله، ما فيها مُشتبهات .....، قد بيَّن الله أمرها في كتابه العظيم، وسنة الرسول ﷺ.

س: الخال يكون وليًّا في النِّكاح؟

ج: لا، ليس بوليٍّ.

س: إذا لم يوجد الأبُ؟

ج: الولي: المحكمة، إذا ما وجدت العصبةُ فالمحكمة.

س: العلَّة في أنَّ الخال ما يكون وليًّا؟

ج: السلطان وليُّ مَن لا وليَّ له، الحديث الصحيح: السلطان وليُّ مَن لا وليَّ له، والرسول يقول: لا نكاح إلا بوليٍّ، والولي عند العرب هم العصبة، والرسول ﷺ جاء بلغة العرب، ولي الناس هم عصبتهم.

س: ..... يقول: الأب، ثم الموصي، ثم الحاكم، هل هو وجيهٌ؟

ج: الوصي يقوم مقام الأب، ووصي الجدّ مقام الجدّ.

س: يعني: الأخ لا يكون؟

ج: بعده، بعد الوصي، بعد الأب والجد والأبناء، بعدهم، ثم الإخوة.

 س: ليس للبنت أن تُوصي خالها أو أحدًا ..؟

ج: نعم، وليُّها إذا كان ما لها عصبة: المحكمة، السلطان وليُّ مَن لا وليَّ له كما قال .....

س: الحافظ ابن حجر ذكرها بالمعنى أو ..؟

ج: يذكر ألفاظها، قد يقتصر على المطلوب، ويتحرى ألفاظ النبي عليه الصلاة والسلام.