الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

السؤال:

أحد الإخوة المستمعين يسأل سماحتكم ويقول: ما هي البدعة الاعتقادية؟ وما هي البدعة العملية؟ 

الجواب:

كل ما خالف الشرع؛ فهو بدعة إن كان في الاعتقاد يسمى بدعة مثل دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والاستغاثة بالجن، أو بالملائكة، يظنها دينًا، يعتقد أنها دين يحسب أنها جائزة، هذه بدعة شركية، كفر أكبر، ويسمى بدعة؛ لأنه يظن أنها دين صاحبها، كذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها بدعة، لكنها دون الكفر، وسيلة للكفر إذا بنى مسجدًا على القبر يحسب أنه دين، أو بنى قبة على القبر يحسب أن هذا جائز، هذه بدعة منكرة، ومن وسائل الشرك؛ لقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

أما دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم هذه بدعة شركية، يكون صاحبها كافرًا كفرًا أكبر، ولو زعم أنه جاهل؛ لأن هذا أمر معروف من الدين بالضرورة، معروف بين المسلمين، فهو كافر بذلك، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل من ولي الأمر الحاكم الشرعي.

وهناك بدع كثيرة مثل بدعة المولد، الاحتفال بمولد، النبي ﷺ أو مولد غيره، ومثل بدعة ليلة الإسراء والمعراج سبع وعشرين رجب الاحتفال بها هذه بدعة أيضًا، عملية، ومنكرة لا تجوز، ولكن ليست من الشرك الأكبر إلا إذا كان فيها شرك، إذا كان في المولد، أو في الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج دعاء للنبي ﷺ واستغاثة به، يكون شرك أكبر، أما إن كان مجرد احتفال على الأكل والشرب، والقهوة، والشاي، ولا فيه دعاء، ولا استغاثة بالنبي ﷺ فهذه بدعة منكرة، يمنعها قول النبي ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا -أي: ديننا- ما ليس منه فهو رد أي: فهو مردود، وقوله ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد وقوله ﷺ: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

والبدعة: هي الشيء المحدث في الدين، الذي يحدثه الناس، يتقربون إلى الله، والله ورسوله ما شرعه، ما شرعه الله، ولا رسوله تسمى بدعة، مثل الاحتفال بمولد النبي ﷺ أو بالاحتفال بمولد الصديق، أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو الحسين، أو غيرهم، أو الاحتفال بمولد أبي حنيفة أو الشافعي أو مالك أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو الست نفيسة، أو الست زينب، أو ما أشبه ذلك، كلها بدع منكرة لا تجوز، ومن وسائل الشرك، نعوذ بالله. 

بعض الناس في المولد يشركوا بالله، في مولد النبي ﷺ يدعون النبي ﷺ ويستغيثوا به، هذا الشرك الأكبر، وبعضهم في مولد علي يستغيث بـعلي، يستغيث به، وينذر له، ويدعوه من دون الله، هذا شرك أكبر. وهكذا في الموالد الأخرى يدعون صاحب المولد يستغيثون به هذا الشرك الأكبر -نعوذ بالله- ربنا يقول سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، ويقول سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْْ دُونِهِ من دون الله: مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ[فاطر:13] القطمير اللفافة التي على النواة حقت التمر: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [فاطر:14]، يعني: الأموات والأصنام ونحوهم: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ [فاطر:14]، ما عندهم قدرة يعطونك ما طلبت: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14]، سماه شرك، سمى دعاءهم والاستغاثة بهم شركًا أكبر: وَيَوْمََ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14]، والشرك إذا أطلق فهو الأكبر، وقال سبحانه في آخر سورة المؤمنون: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًاا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، فسمى دعاة غير الله من الأموات والأشجار والأحجار سماهم كفرة قال: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].

والنبي ﷺ حكم على دعاة القبور والأموات والاستغاثة بهم حكم عليهم بأنهم كفار، وقاتلهم، قاتل أهل الطائف الذين يدعون اللات، ويعبدون اللات، وهو قبر، أو صخرة يعبدونها؛ لأنه كانوا يلتوا عليها السويق، وقاتل عباد الشجر عباد العزى، وعباد الحجر، عباد المناة؛ حتى يدعوا ذلك؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وحتى يدعوا الشرك، ويتبرؤوا منه.

وهكذا سائر البدع إن كان فيها دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، أو الذبح لغير الله؛ صارت شركاً أكبر، وإن كان مجرد عمل ما شرعه الله؛ يكون بدعة دون الشرك منكرة، ومن هذا الصلاة عند القبور، كونه يصلي عندها يقول: لعله أفضل يروح جنب القبر، يصلي في المقبرة يقول: لعلها أفضل، هذه بدعة من وسائل الشرك، وهكذا الجلوس عند القبور للدعاء، يرى أن الدعاء أفضل عند القبور للدعاء بدعة. 

كذلك قول بعضهم: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، أو ثلاث ركعات بدعة النية التلفظ بالنية، إذا قام للصلاة ينوي في قلبه ويكفي، ينوي في قلبه أنه قام للظهر، للعصر للمغرب للعشاء، وهكذا جميع الصلوات النافلة ينوي في قلبه ويكفي، أما أن يقول بعد الوقوف: نويت أن أصلي لله أربع ركعات يعني: للظهر أو العصر أو ثلاث ركعات يعني: المغرب أو ركعتين يعني: الفجر أو الجمعة هذه بدعة، ما كان النبي ﷺ يفعله، ولا الصحابة  ولكن تقف خاشعًا ناويًا بقلبك الصلاة، والحمد لله يكفي، فلا حاجة أن تقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، أو نويت أن أطوف، أو أن أسعى، بل تأتي بنية الطواف، وتبدأ بالحجر الأسود ناويًا الطواف، وعند السعي كذلك تبدأ بالصفا ناويًا السعي، ويكفي، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة