الجواب:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين رجالًا ونساء، وهو من أهم واجبات الإسلام، والمصلحة تدعو إلى ذلك، والناس في حاجة إلى القيام بهذا الواجب، قال الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] هذا يدل على أنه فرض على الجميع، على المؤمنين والمؤمنات، وقد قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنََ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وقال : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104].
فالواجب على المسلمين -ولا سيما العلماء والأمراء والأعيان- الواجب عليهم أن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، وهكذا يجب على النساء ولا سيما من لها أمر، ومن لها قدرة؛ فإن هذا متعين على الجميع، تأمر أهل بيتها، تأمر بناتها، خدمها، تأمر أخواتها، تأمر من ترى يقع منه المنكر، تأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، حتى تأمر الرجال، كما أن الرجل يأمر المرأة بالمعروف، وينهاها عن المنكر، كذلك المرأة تأمر الرجل زوجها وأخاها وابنها وغيرهم، تأمرهم بالمعروف، وتنهاهم عن المنكر، هذا واجب على الجميع، لكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن الذي يرغب في الحق، ويسبب قبوله، ولا ينبغي الشدة في هذا؛ لأنها قد تنفر من قبول الحق، يقول الله -جل وعلا-: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، ويقول سبحانه: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ [العنكبوت:46] وهم اليهود والنصارى وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيََ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، يعني إلا من ظلم فله جواب آخر، وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
فالآمر والناهي يأمران بالمعروف .. يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بالأسلوب الحسن، والكلمات المناسبة التي تدعو إلى قبول الحق، وترغب في الخضوع للاستجابة والإنكار ثلاث مراتب كما بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول -عليه الصلاة والسلام-: من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
فباليد للأمراء، والرؤساء، وشيوخ القبائل، والهيئة التي أسند إليها ذلك، عليها أن تنكر باليد لإراقة الخمر، وتفريق المجتمعين على باطل، أمر الناس بالقوة إلى الصلاة، إذا أذن المؤذن أن يقوموا إلى الصلاة إلى أشباه ذلك، وهكذا صاحب البيت يأمر أولاده على بيته، وينكر عليهم المنكر باليد، وهكذا صاحبة البيت تنكر بيدها إذا رأت المنكر على أهل بيتها، إذا كان لها سلطان في البيت بإراقة الخمر إذا وجدته، بكسر آلات اللهو، إلى غير هذا من الإنكار باليد، إتلاف الدخان إذا وجد في البيت، إلى غير هذا إذا كان لها سلطان، قدرة كما يفعل الرجل، فمن عجز عن هذا كغالب الناس، وسائر الناس ينكر باللسان، ولا يقدم بيده إذا كان ذلك يسبب فتنًا ونزاعًا وشرًا بينه وبين الناس، بل يدع هذا لولاة الأمور، ومن أسند إليه الأمر، ولكن ينكر باللسان فقط، يا أخي! اتق الله، هذا لا يجوز، يا أمة الله! هذا لا يجوز، يرى رجلًا يتعاطى الخمر؛ ينكر عليه، يقول: هذا لا يجوز منكر حرام، يرى امرأة متبرجة سافرة في الأسواق؛ ينكر عليها، يقول: يا أمة الله اتقي الله، احتجبي، اتركي التبرج، يرى إنسانًا يسب، يتكلم بكذب وفحش؛ فينكر عليه، ويقول: يا عبدالله! اتق الله، لا يجوز السب والفحش، هكذا ينكر باللسان ما سمع من المنكر، أو شاهد من المنكر، لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك.
أما من عجز عن ذلك لا يستطيع إنكاره لا باللسان ولا بالقلب ولا بالفعل، يخشى أن يضرب، أو يقتل، أو يسجن، ما يستطيع أن يتكلم في أي مكان؛ فإنه ينكر بقلبه، يكره المنكر بقلبه، ويفارق المكان، هذا إنكار بالقلب، يكره بقلبه المنكر ويتغير، يعلم الله من قلبه إنكاره والتغير عند رؤية المنكر، ويغادر المكان، إذا استطاع أن يغادر المكان؛ غادر المكان، ترك المكان؛ حتى لا يشاهد المنكر، هذا هو الإنكار بالقلب، كراهة المنكر، وبغضه، ومحبة إزالته، والمغادرة إذا استطاع أن يغادر المكان؛ حتى لا يشهد المنكر، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.