الجواب:
لا شك أن اختلاط الرجال بالنساء على وجه ليس فيه حشمة، وليس فيه حجاب من أعظم أسباب الفتنة، وذلك لا يجوز، بل لابد أن يكون النساء محتجبات مستورات بعيدات عن أسباب الفتنة إذا خالطن الرجال لحاجة من الحاجات، أو لشراء متاع، أو لأشباه ذلك، ولا يجوز لها الخلوة بالرجل كابن عمها، أو أخي زوجها، أو زوج أختها، لا يجوز لها الخلوة به؛ لقوله ﷺ: لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما.
فالواجب على النساء التحجب، والحذر من أسباب الفتنة، وألا يخالطن الرجال مخالطة تحصل بها الفتنة، وأن لا تخلو المرأة بالرجل وأن لا تسافر معه، كل هذا من أسباب الفتنة.
وهكذا المصافحة ليس لها أن تصافح الرجل، إلا إذا كان محرمًا لها، كأخيها وعمها؛ لأن المصافحة فيها فتن أيضًا، فليس لها أن تصافح الرجل إلا إذا كان محرمًا لها، كعمها وأخيها، ونحو ذلك، وعند الحاجة إلى الاختلاط بالرجال تكون مستورة، متحجبة، بعيدة عن أسباب الفتنة، حتى تأخذ حاجتها من السوق، ثم تنصرف.
يقول الله -جل وعلا- لأزواج نبيه ﷺ: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] معنى قرن، يعني: اقررن في بيوتكم، يعني: الزمن البيوت إلا إذا كان الخروج لحاجة ومصلحة، ثم نهاهن عن التبرج، فقال: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33].
فالتبرج: هو إظهار المحاسن والمفاتن، هذا هو التبرج، إظهار محاسنها، ومفاتنها بين الرجال، كوجهها، أو شعرها، أو رقبتها، أو يدها وقدمها وصدرها، كل هذا من أسباب الفتنة.
فالواجب أن تكون مستورة متحجبة بعيدة عن أسباب الفتنة، وهكذا التغنج بالقول، والخضوع بالقول يمنع؛ لقوله في كتابه العظيم: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] يعني: مرض الشهوة، فالخضوع بالقول للرجال واللين من أسباب الفتنة، بل يجب أن يكون الصوت معتدلًا، ليس فيه عنف، وليس فيه خضوع، ولكن صوت عادي .... مع الرجال، لا بأس بالصوت مع الرجال، ليس بعورة، وإنما العورة خضوعها، وتغنجها، وتكسرها بصوتها مما قد يطمع الرجال فيها، أما الصوت العادي فلا حرج في ذلك، كان النساء يكلمن النبي ﷺ ويسألنه، ويستفتينه، ويكلمن الصحابة لا بأس بهذا. نعم.