الجواب:
عائشة ما كانت تزور القبور، إنما زارت قبر أخيها؛ لأنه مات وهو غائب عنها قرب مكة، فقالت: "لو شهدتك ما زرتك" يعني: لو شهدت موتك ما زرتك، فهذا يدل على أن زيارة القبور للنساء ما هي بمشروعة؛ ولهذا قالت: لو شهدتك ما زرتك.
فلو كانت الزيارة مشروعة للنساء كانت زارته مطلقًا، ولو شهدته، كما ينبغي أن يزور النساء البقيع، والشهداء؛ فلم يكن النساء في عهد النبي ﷺ ولا في عهد الخلفاء يزرن البقيع، ولا قبور الشهداء، فعلم أنه استقر عندهم أن زيارة النساء للقبور غير مشروعة.
والحكمة -والله أعلم- في ذلك أن النساء مثل ما قال مشايخ الندوة قليلات الصبر، ضعيفات البصيرة، فلو زرن القبور لربما وقع منهن من الجزع، والنياحة، والتكشف، والتبرج ما لا يحمد عقباه، وهن فتنة، فمن -رحمة الله- أن منعهن من اتباع الجنائز، ومن زيارة القبور؛ لأنهن لو اتبعن الجنائز لربما حصل فتنة بين الماشي في الجنائز؛ لأنه قل امرأة أن تعتني بالستر، والحجاب، والتحفظ، وهكذا عند زيارة القبور، فيقع فتن في اختلاطهن بالرجال حين الزيارة، وحين تشييع الجنازة.
فالحكمة -والله أعلم- مترتبة من كونهن فتنة، قليلات الصبر، قليلات النظر في العواقب، وربما يحن، وينحن على الميت؛ فيضره ذلك، وربما أبدين شيئًا من الفتنة من شعورهن، أو أجسادهن، فيفتن الرجال الأحياء، ويؤذين الأموات بنياحتهن، وقلة صبرهن، وربك حكيم عليم، جل وعلا.