الجواب:
لا حرج في هذا، إذا تصدقوا عليهم، وجاؤوا لهم بشيء من الغنم، أو شيء من اللحم، لا حرج في ذلك، وإذا صنعه أهل الميت لهم؛ لأنهم ضيوف وأكرموهم بما جاؤوا به من اللحم، أو من الذبائح لا حرج عليهم في ذلك، وإن أعطوهم مالاً أو غنمًا أو غير ذلك فذهبوا ولم يجلسوا مساعدة لأهل الميت فلا بأس بذلك، وقد ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب وهو ابن عمه لما قتل في مؤتة في الشام، قال النبي ﷺ لأهله: ابعثوا لأهل جعفر طعامًا، فقد أتاهم ما يشغلهم فأمر أهله أن يبعثوا إليهم طعامًا مصنوعًا؛ لأنه أتاهم ما يشغلهم، فالأفضل لهؤلاء أن يبعثوا طعامًا مصنوعًا دون الذبائح، يكلفون بها أهل الميت، لكن ما داموا جاؤوا بها، وأعطوها أهل الميت فأهل الميت عليهم أن يضيفوا ضيوفهم، ويحسنوا إليهم، ويكونوا كرماء لا لؤماء، فإذا صنعوا منها طعامًا لهم، وأطعموهم غداءً أو عشاءً فلا حرج في ذلك.
إنما المكروه الذي لا ينبغي، والمنكر الذي يكون من عمل الجاهلية كون أهل الميت يصنعون الطعام من مالهم للناس، يجعلون هذا مأتمًا للميت، يصنعون الطعام للناس هذا هو الذي لا ينبغي، وهو من عمل الجاهلية، قال جرير : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الموت من النياحة يعني: إذا فعله أهل الميت من مالهم.
أما إذا فعلوه للضيوف الذين نزلوا بهم، أو فعلوه من الذبائح التي جاء بها الضيوف، فهذا ليس فيه بأس؛ لأنهم ملزوم بهذا، إكرام الضيف أمر لازم، ولا حرج في إكرام الضيف، بل واجب، النبي ﷺ قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه فإذا جاءهم الضيوف سواء معهم طعام، أو ما معهم طعام، إذا جاءهم الضيوف ونزلوا عندهم، وجلسوا إلى وقت الغداء أو العشاء وضيفوهم فلا بأس، وإذا كانوا معهم غنم، كان معهم غنم أو لحوم كان الأمر أشد وآكد، لكن لا يبدؤون هم، أهل الميت لا يصنعون الطعام، ويجعلوه مأتمًا للناس وعادة، هذا هو الذي ينكر عليهم، وينهون عنه.
والأفضل للذين يزورونهم أن يصنعوا الطعام في بيوتهم، ويبعثوه إليهم مصنوعًا كاملًا حتى لا يكلفوهم صنعة الطعام؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، فالذي فعله الرسول ﷺ وسنه للأمة أن جيرانهم أو أقاربهم يبعثون بالطعام مصنوعًا إليهم حتى يكفوهم المئونة هذا هو الأفضل، وإذا جاءهم الطعام، وقدموه للضيوف ليأكلوا منه، أو دعوا إليه الجيران، أو أقاربهم ليأكلوا فلا حرج في ذلك؛ لأن الطعام لو ترك ضاع بغير فائدة، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.