الجواب:
من نبز الملتزمين بالحق بالتشدد فقد أخطأ وغلط، الملتزم بالحق يوصف بالخير والاستقامة، يوصف بالاعتدال، ويدعى له بالتوفيق والثبات، ما يقال: متشدد، ولا متنطع، بل يقال: ملتزم ومستقيم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[فصلت:30] ويقول سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأحقاف:13-14].
فالله -جل وعلا- أمر عباده بالاستقامة؛ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ[الشورى:15] قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ[هود:112] والاستقامة هي لزوم الحق والثبات عليه بأداء الواجب، وترك المحارم، هذه الاستقامة، هذا هو الالتزام.
فالذي لا يصافح غير المحارم هذا ملتزم مشكور مأجور، والذي يصافح النساء ولسن محارم آثم مفرط متعدٍ جافٍ غير ملتزم.
فالمقصود: أن الذي يصف الملتزمين بطاعة الله، وأداء ما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليهم بالتشديد، أو بالتشدد أو بالتزمت، كل هذا غلط، فعليه أن يستغفر الله، وعليه أن يتوب إلى الله، وأن يترك هذا العمل، ومن قصر عن طاعة الله، وفرط في الواجب هذا يقال له: جافٍ، ويقال له: مقصر وغير ملتزم.
أما المشدد هو الذي يبتدع في الدين، هو الذي ينهى عما أباح الله فيقول مثلًا: لا تصافح المحرم، لا تصافح الرجل، أو يقول مثلًا: لا تجهر بذكر الله بعد الصلاة، يبتدع في الدين، أو يقول: إذا جاء يوم المولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول، فيجعل حفلة بالمولد هذا ابتداع -تشديد-؛ كذلك يقول: اجعل حفلة لعيد أمك، أو عيد ولدك، أو عيد أبيك في وقت من السنة أو في وقت...، هذا كله من الزيادة والتشديد، أو يأتي ببدع أخرى يدعو إليها، يعني: يشرع للناس ما لم يأذن به الله، كأن يقول: إذا كان في ليلة كذا تصلي صلاة كذا، وفي ليلة كذا تصلي صلاة كذا، صلوات ما شرعها الله، هذا يقال له: مبتدع، ويقال له: متشدد، أو يقول للناس: إذا صليتم لا بد أن تكون الصلاة طويلة زائدة على ما شرع الله هذا تشديد.
أو يقول: إذا صمت فلا تكلم الناس، أو لا تبع، ولا تشتر هذا تشديد، وما أشبه ذلك مما يكون فيه النهي عما أباح الله أو تشريع ما لم يأذن به الله، هذا التشديد، نعم.