الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
الاحتفال بالموالد إنما حدث في القرون المتأخرة بعد القرون المفضلة بعد القرن الأول والثاني والثالث، وهو من البدع التي أحدثها بعض الناس استحسانًا وظنًا منه أنها طيبة، والصحيح والحق الذي عليه المحققون من أهل العلم أنها بدعة، الاحتفالات بالموالد كلها بدعة، ومن جملة ذلك الاحتفال بالمولد النبوي، ولماذا؟ لأن الرسول ﷺ لم يفعله، ولا أصحابه، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا القرون المفضلة، كلها لم تفعل هذا الشيء، والخير في اتباعهم لا فيما أحدثه الناس بعدهم، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: إياكم ومحدثات الأمور وقال -عليه الصلاة والسلام-: وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وقال -عليه الصلاة والسلام-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد يعني: مردود.
فالنبي ﷺ وضح الأمر وبين أن الحوادث في الدين منكرة، وأنه ليس لأحد أن يحدث في الدين ما لم يأذن به الله، وقد ذم الله من فعل هذا بقوله سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[الشورى:21] والاحتفال أمر محدث لم يأذن به الله، ولا رسوله -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء، وأحب الناس للنبي ﷺ وأسرع الناس إلى كل خير، ولم يفعلوا هذا، لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، ولا علي ولا بقية العشرة ولا بقية الصحابة، وهكذا التابعون، وأتباع التابعين ما فعلوا هذا، وإنما حدث من بعض الشيعة الفاطميين في مصر في المائة الرابعة كما ذكر هذا بعض المؤرخين، ثم حدث في المائة السادسة في آخرها أو في أول السابعة من ملك إربل ظن أن هذا طيب ففعل ذلك، والحق أنه بدعة؛ لأنها عبادة لم يشرعها الله ، والرسول ﷺ قد بلغ البلاغ المبين، ولم يكتم شيئًا مما شرعه الله، بل بلغ كل ما شرعه الله وأمر به، وقال الله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[المائدة:3].
فالله قد أكمل الدين وأتمه، وليس في ذلك الدين الذي أكمله الله الاحتفال بالموالد، فعلم بهذا أنها بدعة منكرة، لا حسنة، وليس في الدين بدعة حسنة، بل كل البدع ضلالة كلها منكرة، والنبي قال: كل بدعة ضلالة فلا يجوز لأحد من المسلمين أن يقول: إن في البدع شيئًا حسنًا، والرسول ﷺ يقول: كل بدعة ضلالة لأن هذه مناقضة ومحادة للرسول ﷺ، وقد ثبت عنه أنه قال: كل بدعة ضلالة فلا يجوز لنا أن نقول خلاف قوله -عليه الصلاة والسلام-.
وما يظنه بعض الناس أنه بدعة وهو مما جاء به الشرع فليس بدعة مثل كتابة المصاحف، مثل التراويح ليست بدع كل هذه مشروعة، فتسميتها بدعة لا أصل لذلك، وأما ما يروى عن عمر أنه قال في التراويح: «نعمت البدعة» فالمراد بهذا من جهة اللغة لا ليس من جهة الدين، ثم قول عمر لا يناقض ما قاله الرسول ﷺ ولا يخالفه قول الرسول مقدم -عليه الصلاة والسلام- لأنه قال: كل بدعة ضلالة قال: وإياكم ومحدثات الأمور وقال ﷺ في خطبة الجمعة: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة هذا حكمه -عليه الصلاة والسلام-، رواه مسلم في الصحيح.
فلا يجوز لمسلم أن يخالف ما شرعه الله، ولا أن يعاند ما جاء به نبي الله -عليه الصلاة والسلام-، بل يجب عليه الخضوع لشرع الله، والكف عما نهى الله عنه من البدع والمعاصي، رزق الله الجميع الهداية، نعم.