فروض الوضوء وسننه

السؤال:

فضيلة الشيخ عبدالعزيز هذه رسالتان وردتنا من سعيد بن محمد من سلطنة عمان، وسالم محمد سالم أيضًا اتفق بسؤالٍ مع سعيد بن محمد من سلطنة عمان، نبدأ برسالة سعيد من سلطنة عمان، تحمل عدة أسئلة:

أولًا: يثني على مجهود المشايخ، ويطلب لهم العمر المديد على زيادة عمل صالح، يقول: حددوا لنا الوضوء من الفرض والسنة؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإن الله -جل وعلا- شرع لعباده الوضوء عند إرادة الصلاة، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] الآية، فهذا يدل على وجوب استعمال الوضوء الشرعي على ضوء ما ذكرته الآية الكريمة، وقد فسر النبي ﷺ ذلك بفعله -عليه الصلاة والسلام-، فدل ذلك على أنه لا بد لمن قام إلى الصلاة من الوضوء الشرعي إذا كان على غير طهارة، وهو كما بينه الله: غسل الوجه، ثم غسل اليدين مع المرفقين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، وهذا فرض، والمفترض مرةً مرة.

والسنة أن يغسل قبل ذلك يديه ثلاث مرات، قبل إدخالهما في الإناء، كما بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- فيغسل يديه ثلاث مرات، يعني: كفيه، ثم يشرع في الوضوء، وينبغي أن يقدم التسمية على غسل اليدين، فيقول: باسم الله، قبل أن يغسل يديه. 

والجمهور على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسمية مع الذكر، وسقوطها مع الجهل والنسيان؛ لما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه وهو حديث له طرق، وفيها ضعف، لكن مجموعها يدل على أن له أصلًا، وأنه حسن، فينبغي لمن أراد الوضوء أن يسمي الله عند بدئه بغسل اليدين، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه، من منابت الشعر، من الأعلى إلى الذقن من أسفل، وعرضًا إلى فروع الأذنين، هذا الوجه، فيغسله جميعًا، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ومعنى (إلى): مع، يعني: مع المرفقين، ويدل على ذلك فعله ﷺ، فإنه كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد، يعني يغسل مرافقه مع الذراع، ثم يمسح رأسه مع أذنيه، كما جاءت به السنة، وهذا فرض أيضًا، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، يعني: مع الكعبين، ويدل على هذا فعله ﷺ؛ فإنه كان يغسل رجليه حتى يشرع في الساقين، كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة.

هذا هو الوضوء المفترض، غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق مرةً مرة، غسل اليدين مع المرفقين مرة، مسح الرأس مع الأذنين مرة، غسل الرجلين مع الكعبين مرة، هذا المفترض، فإن كرره مرتين؛ فهو أفضل، وسنة، وإن كرره ثلاثًا؛ فهو أكمل وأكمل، كما بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- في عمله، وفعله -عليه الصلاة والسلام-، ويتمضمض ويستنشق مرةً واحدة، وهذا فرض، وإن كرر المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات، فهذا أكمل وأفضل.

ثم بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين هكذا جاء في الحديث الصحيح وهذا سنة، بعد الفراغ، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله رواه مسلم في صحيحه عن عمر ، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ما من عبد يتوضأ فيسبغ الوضوء أو قال: فيبلغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء وهذا فضل عظيم، هذا فضل عظيم في هذه الشهادة، بعد الوضوء، ويستحب أن يزيد: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين؛ لما رواه الترمذي -رحمه الله- بإسناد صحيح، عن المغيرة بهذه الزيادة.

وبهذا يعلم المفترض من الوضوء والسنة، فالتسمية في أول الوضوء سنة، تكرار المضمضة والاستنشاق مرتين أو ثلاث سنة، غسل الوجه أكثر من مرة سنة، غسل اليدين مع المرفقين مرة، هذا فرض، تكرار ذلك مرتين أو ثلاث سنة، مسح الرأس مع الأذنين فرض، ولا يشرع التكرار، غسل الرجلين مع الكعبين مرةً مرة فرض، تكرار ذلك مرتين أو ثلاث سنة، الشهادة بعد الوضوء والدعاء سنة، الذي تقدم ذكره، نعم. 

فتاوى ذات صلة