تفسير قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ...}

السؤال:

على بركة الله، نبدأ هذا اللقاء بتفسير الآية الكريمة، يطلب الأخ تفسير هذه الآيات: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ [آل عمران:18]؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم. 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فهذه الآية الكريمة من أعظم الآيات الواردة في إثبات توحيد الله ، والشهادة بأنه سبحانه هو المعبود بالحق، يبين فيها -جل وعلا- أنه شهيد بنفسه، وهو أعظم شاهد  أنه لا إله إلا هو، كما قال -جل وعلا-: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] وقال سبحانه: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163] وقال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، فشهد في هذه الآية -آية آل عمران- أنه سبحانه لا إله إلا هو، المعنى: لا إله حق سواه، الآلهة كثيرة يعبدها المشركون من أصنام، وجن، وملائكة، وأشجار، وغير ذلك، لكن كلها باطلة، كلها آلهة باطلة، والإله الحق هو الله وحده ؛ ولهذا قال -جل وعلا-: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران:18] وشهد له بذلك أيضًا الملائكة الكرام، وهم من أعدل الشهود، وشهد بذلك أيضًا أولو العلم الذين عرفوا الحق، ودانوا به، وهم أولو العلم بالقرآن والسنة، يشهدون أيضًا لله بالوحدانية.

وهذه الآية فيها منقبة عظيمة للملائكة ولأولي العلم، وأن الله استشهدهم على وحدانيته؛ لأنهم يعلمون ذلك، وهم عدول، فالملائكة من خير عباد الله، كما قال الله -جل وعلا-: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ۝ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ۝ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:27-28] فيشهدون لربهم بأنه الإله الحق منهم: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وغيرهم، وهكذا أولو العلم من سابق الزمان، وآجل الزمان، من عهد آدم -عليه الصلاة والسلام-، ومن بعده من الرسل والعلماء إلى يومنا هذا، وإلى أن يقبض الله أرواح المؤمنين في آخر الزمان، كل العلماء الذين عرفوا الحق، ودرسوا كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، كلهم يشهدون بأنه سبحانه هو الإله الحق، وهم خلفاء الرسل، والرسل هم أئمة العلماء، والأنبياء هم أئمة العلماء، وأتباعهم من أهل العلم يشهدون بهذا، يعني: علماء السنة، علماء الحق الذين تفقهوا في دين الله، وعرفوا ما دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ يشهدون أن الله سبحانه هو الإله الحق، وأنه المستحق للعبادة، وأنه هو لا إله إلا هو ولا رب سواه -جل وعلا-، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة