حكم من يترك السائق يخلو بمحارمه، وحكم استقدام الكفار

السؤال:

هذه الرسالة وردتنا من المخلصة فاطمة بنت علي (ص. ع) بريدة، تقول في رسالتها:

هل يعتبر الشخص الذي يحضر سائقًا لسيارته، ويذهب ويروح بامرأة هذا الرجل، أو بنته من غير ذي محرم، هل يعتبر هذا الرجل ديوثًا، وهذا السائق شاب أنيق، وربما يكون غير مسلم؟ 

علمًا أنه يجلس في البيت مع النساء ورب الأسرة غير موجود.  

الجواب:

هذا عمل قبيح لا ينبغي، لكن لا يقال: إنه ديوث؛ لأنه قد يكون شُبّه عليه، وأحسن ظنه بأهله، ما يعتبر ديوثًا، لكن يخشى عليه من الإثم، وينبغي له أن يكون عنده غيرة، وعنده احتياط، وحرص على سلامة أهله، لكن لا يطلق عليه أنه ديوث؛ لأنه قد يكون له شبهة، قد يكون ما قصد الشر، وغفل بسبب جهله؛ فيعلم ويرشد، ولا يقال له: ديوث، إلا إذا تعمد الباطل، وتساهل حتى صار يرسل امرأته مع الأجنبي من دون محرم، ومن دون مخالط، ويضعه معها، فتكون معه في البيت بدون محرم، وبدون من يخالطهم؛ هذا الدياثة ظاهرة عليه.

فالواجب أنه لا يذهب بالمرأة السائق الأجنبي، وليس معها أحد، بل يكون معها أحد، حتى لا يحصل خلوة، النبي ﷺ قال: لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما فإذا كان معهما ثالث ممن يطمأن إليه فلا خلوة، فإذا ذهبت ومعها امرأة أخرى أو امرأتان، أو معها أخو زوجها، أو عم زوجها؛ فإنه لا خلوة حينئذٍ إذا كان الخروج ليس فيه ريبة، فلا بأس بذلك. 

وفي الحديث الآخر: لا يدخلن رجل على امرأة وإلا ومعه رجل أو رجلان؛ لأن في هذا تزول الخلوة.

فالخلاصة: أنه لا يجوز أن يسوق الرجل الأجنبي بالمرأة وحدها، بل يكون معها غيرها؛ حذرًا من إثم الخلوة؛ وحذرًا من مغبة هذا الشيء، وما قد يحدثه الشيطان من تزيين الباطل، ولا يجلس معها في البيت وحدها، ولا ينبغي أن تجلس معه في البيت، حتى لو كانوا جماعة؛ لأنه ينظر إلى عوراتهم، بل يكون خارج البيت في محل آخر، يكون له محل خارج البيت في الحوش، أو في محل آخر، ولا يكون مع النساء في البيت؛ لأن النساء عورات، ولو كن كثيرات، فإنه إذا كان معهن في وسط البيت قد يرى عوراتهم، وقد يتساهلون معه في أشياء، وقد يفضي إلى خلوة بإحداهن، فلا يجوز أن يكون معهم في البيت، بل يكون على حدة، وبعيد عن اختلاطه بالنساء، ولا يجوز أن يخلو بامرأة لا في البيت ولا في السيارة، بل يكون معه رجل أو امرأة أخرى أو أكثر حتى تزول الخلوة، وحتى يطمأن إلى أسباب السلامة.

ولا ينبغي استخدام الكافر أبدًا، لا في الجزيرة، ولا في غيرها، في الجزيرة أشد؛ لأنها بلاد لا يجوز فيها بقاء الكفرة، الرسول ﷺ أمر بإخراج اليهود والنصارى وغيرهم من الجزيرة، فلا يجوز للمسلم أن يستقدم كافرة أو كافرًا في هذه الجزيرة لتخدم بيته، أو ليسوق بها الرجل، هذا لا يجوز، بل يجب إبعادهم عن الجزيرة، ولا يبقى في الجزيرة إلا أهل الإسلام، ويجب على الدولة أن تلاحظ هذا الشيء، وأن تجتهد في إبعادهم من الجزيرة، وأن لا يبقى فيها إلا من تدعو الضرورة إليه؛ من طبيب تدعو له الضرورة، أو مهندس تدعو له الضرورة، وأما بقية الناس من العمال وغير العمال فالواجب إبعادهم عن هذه الجزيرة.

ولا يخفى ما يترتب على وجود الكفرة من الشر على المسلمين في أخلاقهم وعقائدهم، لكن يجوز استخدام الكافر في غير الجزيرة: في الشام، في مصر، في العراق، في غير الجزيرة، يستخدمه في أعمال لا تضر المسلمين، ولا سيما إذا كان أمينًا معروفًا بصدقه ومعروفًا بأمانته، فلا بأس أن يستخدمه سائقًا يسوق به، أو يستخدمه في عمارة بيت له، أو مزرعة، أو ما أشبه ذلك، والمسلم خير منه، المسلم أولى منه بكل حال في كل مكان، في كل مكان المسلم أولى، المسلم الطيب المسلم المعروف بالاستقامة أولى بكل حال، والكافر لا يؤمن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا [آل عمران:118] فالكافر لا يؤمن ولا يعتمد عليه، ومن طبيعته أنه لا يألونا خبالاً، يعني: نقصًا ودمارًا وتعديًا علينا، ومهما أمكن أن يكون العامل مسلمًا في أي مكان، والعاملة مسلمة في أي مكان، هذا هو الذي ينبغي وهذا هو الأحوط والأولى بعدًا عن الشر وأهله، نعم. 

فتاوى ذات صلة