تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ...}

السؤال:

هذه رسالة من المستمع عزالدين حسن الدليمي، من العراق، محافظة الأنبار، يقول: قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ[البقرة:30] يقول: هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم إذًا: فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض، ويسفك الدماء؟ وما القصد من أن الله جاعل في الأرض خليفة وخليفةً عمن؟

الجواب:

الآية الكريمة تدل على أن الله -جل وعلا- جعل هذا الإنسان، وهو آدم -عليه الصلاة والسلام- خليفةً في الأرض عمن كان فيها من أهل الفساد، وعدم الاستقامة. 

وقول الملائكة يدل على أنه كان هناك قوم يفسدون في الأرض، فبنت ما قالت على ما جرى في الأرض، أو لأسباب أخرى اطلعت عليها، فقالت ما قالت، فأخبرهم الله بأنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة، وأن هذا الخليفة يحكم في الأرض بشرع الله، ودين الله، وينشر الدعوة إلى توحيده، والإخلاص له، والإيمان به، وهكذا ذريته بعده يكون فيهم الأنبياء، ويكون فيهم الرسل والأخيار والعلماء الصالحون والعباد المخلصون إلى غير ذلك مما حصل في الأرض من العبادة لله وحده، وتحكيم شريعته، والأمر بما أمر به، والنهي عما نهى عنه، هكذا جرى من الأنبياء والرسل والعلماء الصالحين والعباد المخلصين إلى غير ذلك، وظهر أمر الله في ذلك، وعلمت الملائكة بعد ذلك هذا الخير العظيم.

ويقال: إن الذي قبل آدم إنهم طوائف من الناس، ومن الخليقة يقال لهم: الجن والحن.
وبكل حال فهو خليفة لمن مضى قبله، وصار قبله في أرض الله، ممن يعلمهم الله ، وليس لدينا أدلة قاطعة في بيان من كان هناك قبل آدم وصفاتهم وأعمالهم، ليس هناك ما يبين هذا الأمر، لكن جعله خليفة يدل على أن هناك من قبله في الأرض فهو يخلفهم في إظهار الحق، وبيان شريعة الله التي شرع له، وبيان ما يرضي الله، ويقرب لديه، وينهى عن الفساد فيها، وهكذا من جاء بعده من ذريته قاموا بهذا الأمر العظيم من الأنبياء والصلحاء والأخيار دعوا إلى الحق، ووضحوا الحق، وأرشدوا إلى دين الله، وعمروا الأرض بطاعة الله وتوحيده، والحكم بشريعته، وأنكروا على من خالف ذلك، نعم، الله المستعان.

المقدم: أحسن الله إليكم وحفظكم.

فتاوى ذات صلة