الجواب:
هذا حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- عن النبي ﷺ أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار، كل طور أربعون، يعني: أربعة أشهر يدخل عليه ملك، ويأمره الله بكتب رزقه، وأجله، وعمله، ويكتب هل هو شقي، أو سعيد؟ هل هو يعني من أهل النار، أو من أهل الجنة؟ فالشقي من أهل النار، والسعيد من أهل الجنة.
والله -جل وعلا- يكتب أعماله كلها، ولا ينافي هذا الأمر، أو النهي، القدر ماضٍ في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل مثلما قال النبي ﷺ لما قال الصحابة: يا رسول الله، إذا كانت الأعمال تكتب شقاء وسعادة ففيم العمل؟ قال النبي ﷺ: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة.
فالعمل على ما كتب له، كتب له الشقاوة في الدنيا والآخرة، فهو شقي، كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة، يكتب له شيء في الدنيا، شقاوة في الدنيا دون الآخرة، أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا، قد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا، ثم يموت على عمل أهل النار، فيدخل النار -نسأل الله العافية- وقد يكون شقيًا في الدنيا بأعمال أهل النار، ثم يكتب الله له التوبة، فيموت فيتوب عند موته قبل أن يموت، فيكون من أهل السعادة. فكل شيء يكتب على العبد شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل، الواجب عليه أن يتقي الله، وألا يقول هذا كتب علي، وأنا أجلس لا، مثلما أمر النبي ﷺ الصحابة: اعملوا فكل ميسر لما خلق له والله يقول سبحانه: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105].
الإنسان مأمور بالعمل، ويقول ﷺ في الحديث الصحيح: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي عن أن يقتل نفسه، مأمور بالكف عن المعاصي، إلى غير ذلك، فعليه أن يمتثل الأوامر، ويحذر النواهي، ويجتهد في ذلك، ولا يتأخر عن شيء أمر الله به، ولا يقدم على شيء نهى الله عنه، وهو مع هذا ميسر لما خلق له، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.