الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد.
فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتركها كفر أكبر عند جميع العلماء إذا جحد وجوبها، وإن صلى، إذا جحد وجوبها؛ كفر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، الله يقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43] ويقول -جل وعلا-: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] ويقول -جل وعلا-: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].
وإن تركها، ولم يجحد وجوبها، أو ترك بعضها كفر أيضًا في أصح قولي العلماء، سواء ترك الخمس، أو ترك الظهر وحدها، أو العصر وحدها، أو الفجر وحدها، أو الجمعة وحدها يكفر بذلك؛ لقول النبي ﷺ: بين الرجل، وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم في الصحيح، والكفر والشرك إذا أطلق المعرف، فهو الكفر الأكبر، هذا هو أصح قولي العلماء في هذا.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: العهد الذي بيننا، وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة .
وسأل الصحابة النبي ﷺ عن الأمراء الذين لا يقيمون الصلاة... الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، قالوا: أفنقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة في لفظ: إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان فدل على أن الأمراء -الملوك والخلفاء- الذين لا يقيمون الصلاة كفرهم كفر بواح، أي: لا شبهة فيه.
فالواجب على جميع المسلمين من الأمراء، والملوك، والوزراء، وغيرهم، رجالًا ونساء، الواجب على الجميع العناية بالصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها، فمن تركها، وأعرض عنها، فقد كفر كفرًا أكبر في أصح قولي العلماء.
وقال جماعة من أهل العلم: إنه كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، إذا كان يقر بوجوبها، ولا يجحده، ولكن هذا القول ضعيف.
والصواب أنه كفر أكبر، فيجب الحذر من ذلك، ويجب التواصي بالمحافظة عليها، وإقامتها في الجماعة في أوقاتها، يجب على الرجال أن يقيموها في الجماعة في بيوت الله، جميع الأوقات الخمسة: الفجر الظهر والعصر المغرب والعشاء، كثير من الناس قد يتساهل بالفجر، فيصليها في البيت، أو بعد الشمس، وهذا منكر عظيم، يجب الحذر من ذلك، والتواصي بترك ذلك؛ فإن هذا من عمل المنافقين.
وهكذا النساء يجب عليهن أن يصلوها في الوقت، يجب على النساء أن يصلينها في الوقت، جميع الأوقات الخمسة، مع المحافظة على الطمأنينة، والخشوع، فإن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها؛ حفظ دينه، ومن ضيعها؛ فهو لما سواها أضيع.
وثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: من حافظ على الصلاة؛ كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها؛ لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون، و هامان، وقارون، وأبي بن خلف خرجه الإمام أحمد -رحمه الله- بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما.
وهذا الحديث يبين أن تارك الصلاة قد أتى جريمةً عظيمة، وأنه كافر، يحشر مع فرعون، وقارون، وأبي بن خلف، هؤلاء من صناديد الكفرة، ومن رؤساء الكفرة، ووجه حشره معهم؛ لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة، والملك؛ صار شبيهًا بفرعون، شغله ملكه، وكبره عن اتباع الحق، وإن شغله عن الصلاة، الوزارة، والوظيفة شابه هامان وزير فرعون؛ فيحشر معه يوم القيامة، نسأل الله العافية.
وإن شغله عن الصلاة المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب كبره، واشتغاله بالمال عن طاعة الله ورسوله، وإن شغلته التجارة، والبيع والشراء عن الصلاة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة الذي قتل يوم أحد، قتله النبي ﷺ بنفسه.
فالواجب الحذر من التساهل بالصلاة، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه العظيم أن التكاسل عنها، والتثاقل عنها من صفات أهل النفاق، قال تعالى في سورة النساء: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142] هذه من صفاتهم الخبيثة، وقال -جل وعلا- في سورة التوبة: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54].
فالواجب الحذر، والعناية بالصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها من الرجال والنساء، ويجب الحذر بوجه خاص من تضييع صلاة الفجر في الجماعة بسبب السهر، يجب الحذر من السهر الذي يحملك على ترك الصلاة في الوقت، أو في الجماعة، وهذا عام للرجال والنساء، يجب الحذر من ترك الصلاة كلها، والحذر من إضاعتها في الجماعة في حق الرجل، والحذر بوجه أخص من إضاعة صلاة الفجر من الرجال، والنساء جميعًا؛ لأنه تشبه ظاهر بأهل النفاق، ويجب التواصي بهذا؛ لأن الله سبحانه يقول: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3] ويقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] ويقول النبي ﷺ: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟! قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
فمن النصيحة لأهل بيتك ولإخوانك أن تحذرهم من السهر، والعكوف على التلفاز، أو الدش، أو غير ذلك.
أما السهر في طاعة الله، التهجد قراءة القرآن في مطالعة العلم، في الدراسة؛ فلا بأس سهرًا قليلًا، لا يحمل على ترك الصلاة في الجماعة، إذا سهر قليلًا في العلم في طاعة الله ورسوله، في دراسة العلم، في التهجد، هذا أمر مطلوب، وهو مأجور، لكن يحذر أن يكون هذا السهر يشغله عن الفريضة، وقد أوصى النبي ﷺ أبا هريرة، و أبا الدرداء أن يوترا في أول الليل لما كانا يدرسان العلم، فيشق عليهما القيام في آخر الليل.
لكن من قوي أن يقوم في آخر الليل؛ فلينم مبكرًا؛ حتى يقوم آخر الليل، ويصلي من الليل، ويصلي صلاة الفجر في الجماعة حتى يجمع بين الخير كله، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية، وصلاح النية والعمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.