حكم مَن يُلزم بالعمل في أوقات الصلاة

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحرف (س) من الرياض، أخونا عنون رسالته بقوله: الموضوع: تكاليف في أوقات الصلاة، يقول: مع الأذان للصلاة يكلفونني بالمشاوير، ومليت كثيرًا من هذه التكاليف في وقت الأذان، وكثيرًا من المرات خرجت عن صوابي، وضاق خلقي؛ لأنهم لا يخرجون إلا مع الأذان، أو وقت الصلاة، كنت دائمًا أشكو لهم هذا، وأبين لهم أن الصلاة لها فضل كبير إذا كانت مع الجماعة، ولا يجوز تأجيلها لغرض من الأغراض التي يمكن تأخيرها، لم يستجيبوا لي، وجهوني ووجهوا أمثال هؤلاء، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، والواقع أمامي رسالة أخرى -سماحة الشيخ- تعرض نفس الغرض، فتوجيهكم، وفقكم الله، وجزاكم خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فلا شك أن الواجب على المسلمين العناية بالصلاة، وأن تؤدى في وقتها من الرجال والنساء جميعًا؛ لأنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، ولأنها أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت له الصلاة؛ صلح له بقية عمله، وإن ردت عليه صلاته؛ رد عليه بقية عمله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فالواجب على أهل البيت، وعلى الموظفين في أي دائرة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يتعاونوا على أداء الصلاة في وقتها في الجماعة، وأن يجيبوا المؤذن، وألا يشغل بعضهم بعضًا بأشياء تعوقهم عن الصلاة في الجماعة، أو عن الصلاة في وقتها، هذا يعم الرجال والنساء.

الواجب على أهل البيت أن يجتهدوا في أداء الصلاة في وقتها، والحرص على ذلك، وعلى الرجال أن يصلوها في الجماعة، إذا سمعوا النداء؛ بادروا؛ لقوله ﷺ: من سمع النداء فلم يأت؛ فلا صلاة له إلا من عذر قيل لابن عباس : ما هو العذر؟ قال: خوف، أو مرض».

وثبت عنه ﷺ: «أنه جاءه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي ﷺ: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. خرجه مسلم في الصحيح.

فإذا كان أعمى، ليس له قائد، يقال له: أجب .. يصلي في الجماعة في المسجد، فكيف بغيره من الناس؟! فالواجب على جميع الرجال المستطيعين أن يصلوا في المسجد، وأن يجيبوا المؤذن، وأن يخرجوا من بيوتهم، ومنازلهم، ودوائرهم إلى المساجد، إلا من عذره الله، كالمريض، فالمريض يصلي على حسب حاله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

يقول ابن مسعود -الصحابي الجليل-: "لقد رأيتنا، وما يتخلف عنها" يعني: الصلاة في الجماعة "إلا منافق معلوم النفاق، أو مريض" فلا يجوز لمدير الدائرة، أو رئيس الدائرة، أو صاحب البيت أن يشغل أولاده، أو الموظفين؛ بأعمال تمنعهم من صلاة الجماعة، تعوقهم عن الصلاة في الجماعة، بل يجب أن يكونوا متعاونين على المبادرة في أداء الصلاة في الجماعة، وعلى تأجيل الأشغال الأخرى التي قد تعوق إلى ما بعد الصلاة، أو تقديمها قبل الصلاة بوقت.

أما أن يشغل الموظفون بها وقت الصلاة حتى يتخلفوا عن صلاة الجماعة؛ فهذا منكر عظيم، فالواجب تركه، والحذر منه، نسأل الله للجميع التوفيق، والهداية، نعم.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، ما على العامل، أو السائق، أو الخادم إذا جوبه بمثل هذه القضية سماحة الشيخ! هل له، أو تنصحونه بأن ينتقل إلى جهة أخرى تمكنه من تأدية صلاة الجماعة؟

الشيخ: الواجب على السائق، والعامل، وكل موظف: أن يقدم حق الله، يصلي في الجماعة، يوقف السيارة، ويصلي في الجماعة، والحمد لله، والعامل يوقف العمل، ويصلي مع المسلمين، أوقات الصلاة مستثناة، ما هي داخلة في العمل إلا إذا كان حارسًا يصلي في محل حراسته؛ ولا يهمل محله، أو مريضًا؛ فهو معذور، أو معه في السيارة ما يخشى عليه؛ فلا بأس أن يؤديه إلى جهته، ويحرص مستقبلًا على أن يحتاط لهذا الأمر في جميع الأوقات، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، ومن كان عمله في الإمكان أن يؤجل ذلك العمل إلى ما بعد الصلاة، كيف تنصحونه؟

الشيخ: يجب عليه أن يؤجل، وإذا كانت الجهة المسؤولة لا تمكنه؛ ينتقل إلى جهة أخرى، يستقيل، ويطلب جهة أخرى، والله يسهل أمره، يقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] ويقول : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4] والنبي ﷺ يقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ويقول -عليه الصلاة والسلام-: إنما الطاعة في المعروف.

فالرئاسة التي تمنعه من صلاة الجماعة، أو الإدارة، أو رئيس العمل، أو ما أشبه ذلك؛ لا يجوز له أن يطيعه في ذلك.

المقدم: أو رئيس العائلة مثلًا! 

الشيخ: أو رئيس العائلة: إنما الطاعة في المعروف ليس للمكلف أن يطيع أحدًا في معصية الله -جل وعلا- نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة