الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله سلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فهذا السؤال سؤال مهم، وجدير بالعناية؛ لأنه يشتبه الموضوع على كثير من الناس.
فالوسيلة وسيلتان: وسيلة جائزة، بل مشروعة مأمور بها، ووسيلة ممنوعة.
أما الوسيلة المشروعة: فهي التوسل إلى الله بالإيمان، والعمل الصالح، وسائر ما شرعه الله -جل وعلا- وهي المراد في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة:35]، يعني: القربة إليه بطاعته: كالصلاة، والصوم، والصدقة، والحج، وإخلاص العبادة لله، ونحو ذلك، فقوله سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الإسراء:56] يعني: من دون الله، من أصنام، وأشجار، وأحجار، وأنبياء، وغير ذلك، فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا [الإسراء:56] يعني: أولئك المدعوون لا يملكون كشف الضر عن داعيهم من مرض، أو جنون، أو غير ذلك وَلَا تَحْوِيلًا يعني: ولا تحويله من حال إلى حال، من شدة إلى سهولة، أو من عضو إلى عضو، لا يملكون ذلك، بل هم عاجزون عن ذلك، وإنما هو بيد الله .
ثم قال: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ [الإسراء:57] يعني: أولئك الذين يدعوهم هؤلاء المشركون من أنبياء، أو صالحين، أو ملائكة يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ [الإسراء:57] يعني: هم يبتغون ليطلبوا من الله الوسيلة، وهي القربة إليه بطاعته من صلاة، وصوم، وصدقات، وغير ذلك وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ [الإسراء:57] ولهذا عملوا، واجتهدوا في طاعته، ويخافون عذابه .
فهذه الوسيلة هي القيام بحقه من توحيده، وطاعته، بفعل الأوامر، وترك النواهي، وهي الإيمان، والهدى، والتقوى، وهي ما بعث الله به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- من قول وعمل.
فهذه الوسيلة واجبة في الواجبات، مستحبة في المستحبات، فالتوسل إليه بتوحيده، والإخلاص له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، هذا أمر لازم، وفريضة في الحجة الأولى من العمر، وكذلك التوسل إليه بترك المعاصي، أمر لازم، فريضة.
والتوسل إليه بالنوافل مثل صلاة النافلة، وصوم النافلة، وصدقة النافلة، والإكثار من ذكر الله أيضًا مستحب، وقربة، وطاعة، وذلك جعله الله من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار.
أما الوسيلة الأخرى التي لا تجوز: فهي التوسل إليه بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، فهذه الوسيلة شركية، يسميها المشركون: وسيلة، وهي شرك أكبر، وهي المراد في قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] ويقول -جل وعلا-: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] يعني: يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا زلفى، فاتخذوهم وسيلة بهذا المعنى، يعني: بدعائهم، وسؤالهم، وطلب الشفاعة منهم، والنصر على الأعداء، وشفاء المرضى، ونحو ذلك، وزعموا أنهم بهذا يكونون لهم وسيلة، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا هو دين المشركين، نسأل الله العافية.
فإن المشركين يزعمون أن عبادتهم للأنبياء، والملائكة، والصالحين، والجن وسيلة إلى مقاصدهم، وأن هذه المعبودات تشفع لهم عند الله، وتقربهم إلى الله زلفى، فأبطل الله ذلك، وأكذبهم في ذلك، قال تعالى .. جاء في حقهم: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18] بعد قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] أبطل الله ذلك بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ يعني: تخبرون الله بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18].
وقال في آية الزمر: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ يعني: يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:2-3] فأكذبهم الله بقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3] فسماهم كذبة في قولهم: إنها تقربهم إلى الله زلفى، كفرة بهذا العمل، بدعائهم إياهم، واستغاثتهم بهم، ونذرهم لهم، وذبحهم لهم، ونحو ذلك.
فالواجب على جميع المكلفين، بل على جميع الناس الحذر من هذه الوسيلة، فلا يفعلها المكلف، ولا غير المكلف، يجب على المكلف أن يحذرها، وعليه أن يحذر غير المكلفين من أولاده أن يفعلها أيضًا، فالله هو الذي يعبد هو الذي يدعى، هو الذي يرجى، هو الذي يسأل النصر على الأعداء، والشفاء للمرضى، وغير ذلك من حاجات العباد، يقول في كتابه العظيم: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] ويقول عن نبيه ﷺ: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188] فهو نذير وبشير، ليس بمعبود من دون الله، وليس بإله مع الله وقال -جل وعلا-: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجن:18-19]، يعني: محمدًا ﷺ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو يعني: قل يا محمد للناس قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ [الجن:19-23] بل ذلك بيده هذه الأمور بيد الله هو الذي يملك النفع والضر، والعطاء والمنع، والشفاء من الأمراض، والنصر على الأعداء، هو بيده .
وهناك نوع ثانٍ من الوسيلة الممنوعة: هو التوسل بجاه فلان وحق فلان، هذه الوسيلة وسيلة ممنوعة، لكنها ليست شركًا أكبر، بل هي من وسائل الشرك، كأن يقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد، أو بجاه فلان، أو بحق أنبيائك، هذا لا يجوز، هذه بدعة ليس عليها دليل، الله يقول: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]، يدعى بأسمائه وصفاته.
وهكذا يتوسل إليه بالأعمال الصالحة مثل: .. الصلاة، والصوم، بر الوالدين، صلة الرحم، العفة عن الفواحش، هذه وسائل شرعية، كما في قصة أصحاب الغار الذين آواهم المبيت، والمطر إلى غار، فدخلوا فيه، فانطبقت عليهم صخرة سدت عليهم فم الغار، فقالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فسألوا الله، وتوجهوا إليه بصالح أعمالهم، فأحدهم دعا وسأل ربه ببره لوالديه، والآخر توسل إلى الله بعفته عن الزنا بعد قدرته على المرأة، والثالث توسل إلى الله بأداء الأمانة لأجير كان له أجر عنده، فنمى أجره، فلما جاء أعطاه إياه كاملًا، فانفرجت عنهم الصخرة بهذه الوسيلة الصالحة العملية.
لما دعا الأول، وسأل ربه ببره لوالديه، وأنه كان له أبوان شيخان كبيران، لا يغبق قبلهم أهلًا، ولا مالًا، وأنه نأى به طلب الشجر ذات ليلة، فتأخر عليهما، فجاء إليهما بغبوقهما، فوجدهما نائمين، فمكث والقدح على يده ينتظر استيقاظهما، ولم يغبق أهله، ولا أولاده، بل صبر، ولم ير إيقاظهما؛ لئلا يكدر عليهما نومهما، فصبر حتى استيقظا عندما برق الصبح، فسقاهما غبوقهما، ثم قال في دعائه: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه؛ فانفرجت الصخرة شيئًا لا يستطيعون معه الخروج.
ثم دعا الثاني بأنه كانت له ابنة عم يحبها، كأشد ما يحب الرجال النساء، وأنه أرادها عن نفسها يعني: الفاحشة، فأبت عليه، فألمت بها سنة حاجة، فجاءت إليه تطلب منه العون، فقال: لا حتى تمكنيني من نفسك؛ فوافقت على ذلك بسبب شدة حاجتها، فخاف من الله، وترك الزنا، وترك لها الذهب، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه، يعني: تركت الفاحشة مع القدرة خوف الله، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج.
ثم دعا الثالث فقال: اللهم إنه كان لي أجراء، يعني: عمال لهم أجر، فأعطيت كل عامل أجره، إلا واحدًا بقي له أجره، فنميته له، فاشتريت منه إبلًا وبقرًا وغنمًا ورقيقًا، ثم جاءني فقال: يا عبدالله! أعطني أجري، فقلت له: هذا كله من أجرك، فقال: يا عبدالله! لا تستهزئ بي، فقلت له: إني لا أستهزئ بك هو مالك، فاستاقه كله، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وخرجوا يمشون.
هذا من لطف الله، ومن إحسانه -جل وعلا- ومن آياته العظيمة، أن فرج عنهم، وجعل انطباق هذه الصخرة سببًا لتوسلهم بهذه الأعمال؛ ليعلم الناس فضل الأعمال الصالحة، وأنها من أسباب تفريج الكروب، وتيسير الأمور، وأن الواجب على العبد أن يحذر غضب الله، وأسباب عقابه، متى قدر على المعصية؛ فليحذر، وليبتعد عنها، ومتى قدر على البر، والخير؛ فليفعل.
أما توسل عمر بـالعباس، فهذا توسل بدعائه، بدعاء العباس، فإنه كان النبي ﷺ إذا أجدب الناس كان يسأل الله الغيث، وكان الناس يفزعون إليه، ويقولون: يا رسول الله! استغث لنا، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، يعني: بسبب الجدب، فيستغيث الله، ويسأله سبحانه أن يغيث العباد؛ فيغيثهم فلما أجدبوا في عهد عمر؛ قال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا حين كان بين أيدينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم يا عباس! فادع الله لنا، فقام العباس، ودعا لهم، واستغاث؛ فسقاهم الله" والعباس عم النبي ﷺ هذا توسل بدعاء العباس، مثل ما كانوا يتوسلون بدعاء النبي في حياته ﷺ فدل ذلك على أنه بعد وفاته لا يستغاث به، ولا يطلب منه الغوث -عليه الصلاة والسلام- لأنه لا يستطيع ذلك، انقطع عمله المتعلق بالدنيا، ولهذا طلب عمر من العباس أن يدعو الله، وأن يغيث الناس، فقام العباس، ودعا الله، فأغاث الله الناس.
وهكذا فعل معاوية في الشام مع يزيد بن الأسود، طلب من يزيد بن الأسود الصحابي الجليل أن يسأل الله الغوث، فقام يزيد، وسأل الله، فأغاث الناس، هذا لا بأس به، هذه الاستغاثة لا بأس بها شرعية، أن يقول ولي الأمر، أو خطيب المسجد العالم من العلماء، أو بعض الأخيار: ادع الله يا فلان للمسلمين أن الله يغيثهم؛ فلا بأس، كما فعل عمر مع العباس، وكما فعل معاوية مع يزيد بن الأسود .
وهكذا الإنسان يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى أن تغيثنا.. أن ترحمنا.. أن تنزل علينا المطر.. أن تغفر لنا، الله يقول سبحانه: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] فأنت تسأل، وهكذا غيرك يسأل، يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، ويدعو الله للمسلمين في وقت الجدب، وفي غيره.
وبهذا يتضح أن الوسيلة ثلاثة أقسام:
قسم مشروع: وهو التوسل إلى الله بتوحيده، والإيمان به، والأعمال الصالحات، وبأسمائه وصفاته.
وقسم شرك: وهو التوسل إلى الله بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، أو التوسل بالأصنام، أو بالأشجار، والأحجار، أو بالجن، فهذا شرك أكبر.
القسم الثالث: بدعة، لا يجوز، وليس بشرك، وليس مشروعًا، بل هو بدعة، وهو التوسل بحق فلان، أو جاه فلان، أو بجاه النبي، أو بجاه فلان، أو حق الأنبياء، هذا هو المنكر، وهذا بدعة، ومن وسائل الشرك.
ومن الوسائل الشرعية -كما تقدم-: التوسل بالأعمال الصالحات -كما تقدم- التوسل بأسماء الله وصفاته، والتوسل بالأعمال الصالحات، هذا كله توسل مشروع، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، هل يتعرض سماحتكم لشبه أولئك الذين يتوسلون بالمخلوقين؟
الشيخ: هذه الشبه لا أساس لها، بل هي باطلة، بعضهم يشبه، يقول: إذا جاز التوسل بجاه فلان، أو حق فلان؛ دل على أنه يدعى، ويسأل، هذا باطل؛ لأن التوسل بالجاه ما هو بجائز بدعة، ثم لو جاز ما صلح أن يكون دليلًا على أن يستغاث بالإنسان؛ لأن التوسل بالجاه سؤال لله، يسأل من الله بجاه فلان، فهذا سؤال لله، ليس سؤال لمخلوق، لكن الوسيلة هي التي منكرة، بدعة بجاه فلان وحق فلان.
أما لو سأل الله بأسمائه وصفاته، أو سأل الله، ولم يتوسل بشيء قال: اللهم أنجنا من النار.. اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا، كله طيب، وإذا قال: اللهم أغثنا بفضلك.. بأسمائك وصفاتك.. برحمتك طيب.
أما الشبهة بأن الأنبياء لهم جاه، ولهم عند الله منزلة؛ فندعوهم حتى يشفعوا لنا، هذا باطل؛ لأن جاههم، ومنزلتهم التي عند الله لم يجعلها الله مسوغة للمشركين أن يعبدوهم مع الله، قد أنكر عليهم لما استغاثوا بهم، وطلبوهم الشفاعة، وطلبوهم أن يقربوهم إلى الله زلفى؛ أنكر عليهم ذلك، وسماهم: كذبةً كفرة، وأخبر أن ما فعلوه باطل يتنزه الله عنه، في قوله : قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18] وقال : إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3].
فهذه الوسيلة التي فعلها المشركون مع الأصنام، ومع الأنبياء، ومع الجن، واستغاثوا بهم، ونذروا لهم، وزعموا أنهم يشفعون لهم، هذه باطلة، أبطلها الله، وأبطلها الرسول ﷺ وحذر منها الأمة، وأمرهم أن يخصلوا العبادة لله وحده نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.