الجواب:
الأولى والأفضل أن يقدم للزوجة مهرها، وما تم بينهما، فإن سمحت وأجلت عليه فلا حرج، وقصة فاطمة لعلها -رضي الله عنها- أبت أن يدخل عليها حتى يعطيها شيئًا، فأمر النبي ﷺ بذلك، أمر عليًا أن يعطيها الدرع الحطمية، ثم دخل عليها، فلعل السبب أن فاطمة أرادت ذلك وطلبت ذلك، وهذا حق لها، فلهذا أمره ﷺ أن يسلمها إياه يعني: الدرع، أما المرأة الأخرى فقد رضيت فلا حرج.
المقصود: أن المهر حق المرأة، فإذا طلبته وهو معجل ليس بمؤجل فإنه يلزمه أن يسلمه لها، ولا يلزمها أن تسلم نفسها حتى يعطيها مهرها الذي شرطته، أو شرطه وليها برضاها، أما إذا كان المهر مؤجلًا أو سمحت أن تؤجله، وأن تؤخره عليه، فالحق لها ولا حرج.
فحديث فاطمة ..قصة فاطمة محمول على أن فاطمة -رضي الله عنها- لم ترض إلا بتقديم الدرع، أو أن النبي ﷺ رأى أن تقديم الدرع لا بد منه لأسباب اقتضت ذلك، والنصوص لا يخالف بعضها بعضًا، ولا ينقض بعضها بعضًا، بل هي متوافقة يفسر بعضها بعضًا، ويشرح بعضها بعضًا.
وهذا هو التوفيق بين النصوص: أن المرأة إذا شرطت مهرها أن يقدم لها فإنه يقدم، وهكذا لو شرطت بعضه يقدم ما شرطت، وما رضيت أنه يؤخر، يؤخر ولا حرج، حتى ولو كانت شرطت أنه يقدم إذا سمحت، وأجلته عليه، أو أسقطته عنه، فلا حرج، إذا كانت رشيدة لها أن تسقطه بالكلية، قال الله -جل وعلا- في كتابه الكريم: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] فإذا طابت نفسها بشيء من المهر، أو بكله فلا بأس على الزوج أن يأكله هنيئًا مريئًا، إذا كانت رشيدة، فهذا الشيء يرجع إلى المرأة، وأوليائها ينظرون في المرأة ............. فإذا رأت المرأة الرشيدة، أو أولياؤها تقديم المهر قدم، وإذا رأوا تأجيله أجل، وإذا رأوا تأجيل بعضه، وتعجيل بعضه فلا بأس. نعم.