الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالتلقين للميت بعد الدفن لم يثبت عن النبي ﷺ، ولا عن أصحابه ، وإنما ورد في حديثٍ موضوع، رواه الطبراني من حديث أبي أمامة الباهلي، وهو ليس بثابت، وليس بصحيح، بل هو موضوع، ويروى عن جماعة من أهل الشام فعل ذلك، والصواب أنه بدعة، لا يشرع، والميت على ما مات عليه، وإنما التلقين قبل خروج الروح، يقول النبي ﷺ: لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله، يعني: المحتضرين، يلقن قبل أن يموت هذه الكلمة العظيمة، وهي: (لا إله إلا الله)؛ لأنه ﷺ قال: من كان آخر كلامه:لا إله إلا الله، دخل الجنة فإذا قالها عن صدق، وعن إخلاص، وإيمان بما دلت عليه من توحيد الله والإخلاص له، والبراءة من الشرك وأهله، فإن الله جل وعلا يجعل ذلك من أسباب نجاته وسعادته، إذا لم يكن مصرًا على شيء من الكبائر، وإلا فهو تحت مشيئة الله، من مات على المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها.
ثم بعد التطهير في النار يخرجه الله من النار إلى الجنة إذا كان مات على التوحيد، عند أهل السنة والجماعة، هذا هو الحق، خلافًا للمعتزلة ومن سار على نهجهم، وخلافًا للخوارج؛ فإنهم يقولون: إنه مخلدٌ في النار -العاصي- والخوارج تكفره بذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، أن من مات على التوحيد وعنده معاصي لا يكفر عندهم، ولا يخلد في النار إن دخل النار، بل هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، وعفا عنه بتوحيده، وإيمانه، وأعماله الصالحة، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها من الكبائر، من الزنا، أو السرقة، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، أو أكل الربا، أو نحو ذلك من الكبائر، لقول الله في كتابه العظيم في آيتين من سورة النساء، يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
فأخبر سبحانه أنه لا يغفر لمن مات على الشرك، وأنه يغفر ما دون ذلك لما دون الشرك، لمن يشاء، فدل ذلك على أنه ليس بكافر؛ لأن العاصي الذي مات على شيء من الكبائر ليس بكافر، إذا مات موحدًا مسلمًا، فإذا مات على الزنا، ما تاب من الزنا، أو عقوق الوالدين، أو أحدهما، أو أكل الربا، لم يتب، ولم يستحل ذلك، فهو تحت مشيئة الله، وهكذا صاحب الغيبة والنميمة، وما أشبهه من المعاصي، هو تحت مشيئة الله ، عند أهل الحق، عند أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة، ومن سار على نهجهم، للآية الكريمة ولأنه ثبت بالتواتر، عن النبي ﷺ أنه يشفع يوم القيامة لمن دخل النار من المسلمين وهو على التوحيد، فيحد الله له حدًا، فيخرجه من النار، ثم يشفع، ثم يشفع، ثم يشفع، كلما شفع حد الله له حدًا فأخرجه من النار.
وهكذا يشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون، والأفراط، ويبقى بقية من أهل التوحيد في النار، يخرجهم الله سبحانه من النار، بفضل رحمته جل وعلا، بعدما جرى تعذيبهم فيها المدة التي شاءها الله ، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي ﷺ ومن بعدهم.
أما التلقين بعد الدفن، هو بدعة، كونه يقف عند القبر عند رأسه ويقول: اذكر كذا.. اذكر كذا هذا لا أصل له في الشرع، وإنما هو من فعل بعض العلماء، ولم يفعله النبي ﷺ ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.