وصايا في الاستقامة على دين الله تعالى وعبادته

السؤال:

لها قضية مطولة لاحظتها في نهاية رسالتها تقول فيها: عندما أقرأ عن سيرة الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام أرى خشيتهم وإيمانهم عميقين، وإذا قرءوا القرآن يبكون كثيرًا، فأنا عندما أقرأ عنهم تمنيت أن أكون مثلهم، وتمنيت لو كنت في عصرهم وأخشع مثلهم، ولكن بهذا الزمان فتن كثيرة، وغزو فكري خطير يشكك المسلم في دينه.

وأنا الآن في ضيق شديد، أريد أن يطمئن قلبي بالإيمان واليقين، وأنال خشية الله، وأن يشرح صدري، وأريد أن يكون حب الله ورسوله أحب إلي من الدنيا وما فيها، ويجعل الدنيا بيدي، ولا يجعلها في قلبي، وأقصر الأمل، وأريد أن أتلذذ بطاعة الله ويجعل الله قرة عيني الصلاة، ولكن لم أستطع، قرأت القرآن ولم يحدث في قلبي خشية إلا قليل، وأنا خائفة أن يدركني الموت ولم أنل تقوى الله حق التقوى، وخشيته حق الخشية.

كيف أرشدوني فإني - تقول كلمة ليتها لم تصف بها نفسها- في حيرة، وهذا السؤال مهم جدًا في حياتي، بل هو حياتي كلها، لأني لم أخلق إلا لعبادة الله! هذه هي الرسالة، بل هذه هي القضية شيخ عبد العزيز ، أرجو أن تلقى عنايتكم جزاكم الله خيرًا؟

الجواب:

أيها الأخت في الله! أبشري بالخير العظيم.

ما دمت بهذه المثابة والحرص على الخير ومحبة السلف الصالح، وتمنيك أن تكوني في زمانهم، وعلى طريقتهم فاحمدي الله على هذا الخير، يقول النبي ﷺ لما سئل: «قال له رجل: يا رسول الله! المرء يحب القوم ولما يلحق بهم، قال عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب.

فأنت مع من أحببت، وعليك أن تجتهدي في طاعة الله وترك معصيته، والإكثار من ذكره سبحانه والاستغفار والدعاء، وقراءة القرآن الكريم بتدبر والتعقل في الأوقات المناسبة من الليل أو النهار وأبشري بالخير، أبشري بالخير والعاقبة الحميدة، فالله جل وعلا رءوف رحيم وقريب مجيب  وهو يحب من عباده أن يسألوه ويضرعوا إليه، كما في الحديث الصحيح والسلام: يقول الله : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني.

فعليك بحسن الظن بالله، وعليك بالإكثار من دعائه وسؤاله أن يهديك وأن يصلح قلبك وعملك، وأن يميتك على الإسلام، وأن يمنحك خشيته ومراقبته وتعظيم أمره ونهيه، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] وهو القائل: سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].

فإياك والقنوط، وإياك والشك في فضل الله وكرمه، وعليك بحسن الظن بالله، أحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، وعليك ببذل المستطاع في طاعة الله ورسوله، وفي حب الله ورسوله، وفي إيثار محاب الله ورسوله، وفي ترك ما نهى الله عنه ورسوله.

ولك العقبى الحميدة كما قال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49] ، جعلنا الله وإياكم من المتقين، نعم.

المقدم: اللهم آمين. ترجو دعاءكم شيخ عبد العزيز هذا فيما ترجو ....

الشيخ: أصلح الله قلبها وعملها، أصلح الله قلبها وعملها، ورزقها الخشية العظيمة لله، والاستقامة على أمره.

المقدم: وصفت نفسها بوصف لم أقرأه في ثنايا الرسالة شيخ عبد العزيز، والآن أعرضه وأستشير سماحتكم فيه، تقول عن نفسها: إنها في ضلال، هل يجوز للمسلم وإن كان يؤنب ضميره، هل يجوز له أن يصف نفسه بهذا الوصف؟

الشيخ: لا ما يصلح هذا، ولكن يقول: إني ظلمت نفسي مثلما قال النبي ﷺ للصديق «لما سأله قال: علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ... الحديث، وكذلك النبي ﷺ كان يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره وما أشبه ذلك من الدعاء، فهي تدعو ربها أن الله يغفر لها ذنوبها وظلمها لنفسها، وهكذا تسأل ربها دائمًا أن يهديها صراطه المستقيم، وأن يغفر لها ذنوبها. هذه وصيتي للأخت في الله. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. أيضًا ترجو من سماحتكم الدعاء في ظهر الغيب، وتقول: إنه دعاء مستجاب.

الشيخ: وهذا دعاء في ظهر الغيب، هذا الدعاء الذي حصل هو دعاء في ظهر الغيب؛ لأنها ليست حاضرة.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنها، ونسأل الله أن يصلح قلوبنا جميعًا. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة