ج: هذا الحديث مكذوب وموضوع على الرسول ﷺ، وليس لذلك أصل في السنة المطهرة، وهكذا قول من قال: من سمى محمدًا فإنه له ذمة من محمد ويوشك أن يدخله بذلك الجنة، وهكذا من قال: من كان اسمه محمدا فإن بيته يكون لهم كذا وكذا، فكل هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، فالاعتبار باتباع محمد، وليس باسمه ﷺ، فكم ممن سمي محمدا وهو خبيث؛ لأنه لم يتبع محمدا ولم ينقد لشريعته، فالأسماء لا تطهر الناس، وإنما تطهرهم أعمالهم الصالحة وتقواهم لله جل وعلا، فمن تسمى بأحمد أو بمحمد أو بأبي القاسم وهو كافر أو فاسق لم ينفعه ذلك، بل الواجب على العبد أن يتقي الله ويعمل بطاعة الله ويلتزم بشريعة الله التي بعث بها نبيه محمدا، فهذا هو الذي ينفعه، وهو طريق النجاة والسلامة، أما مجرد الأسماء من دون عمل بالشرع المطهر فلا يتعلق به نجاة ولا عقاب. ولقد أخطأ البوصيري في بردته حيث قال:
فإن لي ذمة منه بتسميتي | محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم |
وأخطأ خطأ أكبر من ذلك بقوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به | سواك عند حلول الحادث العمم |
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي | فضلا وإلا فقل يا زلة القدم |
فإن من جودك الدنيا وضرتها | ومن علومك علم اللوح والقلم |
فجعل هذا المسكين لَياذه في الآخرة بالرسول ﷺ دون الله ، وذكر أنه هالك إن لم يأخذ بيده، ونسي الله سبحانه الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع وهو الذي ينجي أولياءه وأهل طاعته، وجعل الرسول ﷺ هو مالك الدنيا والآخرة، وأنها بعض جوده، وجعله يعلم الغيب، وأن من علومه علم ما في اللوح والقلم، وهذا كفر صريح وغلوّ ليس فوقه غلو، نسأل الله العافية والسلامة. فإن كان مات على ذلك ولم يتب فقد مات على أقبح الكفر والضلال، فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا الغلو، وألا يغتر بالبردة وصاحبها. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله[1].
- من برنامج (نور على الدرب)، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 6/ 466).