الجواب:
قد شرع الله لعباده تعدد النساء إذا استطاع الزوج ذلك، ولم يخف الجور والعول في قوله جل وعلا: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] ، وقد تزوج النبي ﷺ عدة من النساء، وتوفي ﷺ وعنده تسع، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام فيما زاد عن أربع.
أما الأمة فليس لهم إلا أربع فقط، قد فرق النبي ﷺ بين من أسلم على أكثر من أربع، وأمره أن يفارق الزائد، وخيره أن يختار أربعًا ويفارق ما زاد على ذلك.
فالواجب على المسلم أن يقف عند حد الله، وأن لا يزيد على ما شرع الله وهو الأربع، فإذا استطاع أن يتزوج أربعًا وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له إذا استطاع ذلك لما في ذلك من المصالح من: عفة فرجه، وغض بصره، وتكثير الأمة، وتكثير النسل الذي قد ينفع الله به الأمة، وقد يعبد الله ويدعو لوالديه فيحصل لهم بذلك الخير العظيم.
ولولا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع وفيه مصالح جمة لما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أفضل الناس وخير الناس وأحرصهم على كل خير عليه الصلاة والسلام، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام من طريق النساء، ومن طريق الرجال.
فإذا تزوج المؤمن ثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا لمصالح شرعية؛ لأنه يحتاج إلى ذلك، أو لقصد تكثير الأولاد أو لقصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد لا تكفيه الواحدة أو الاثنتان أو الثلاث، فكل هذا أمر مطلوب شرعي، ولا يجوز لأي مسلم ولا لأي مسلمة الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام أن تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام أن ينشر مقالًا لمن يعترض على ذلك، لا في الوسائل المقروءة ولا في الوسائل المسموعة، ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزراء الإعلام في الدول الإسلامية أن يحذروا ذلك، وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله .
وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت! والإنسان يستطيع يأخذ ثنتين وثلاثًا وأربعًا، هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو يراه مسلم يخاف الله ويرجوه.
وهل يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك، وهي تعلم يقينًا أن كونها مع زوج عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث خير لها من بقائها بدون زوج حتى تموت عانسة لا زوج لها، وربما رزقها الله بهذا الزوج الذي ليس لها إلا جزء منه، ربما رزقها الله ذرية صالحة تنفعها في الدنيا والآخرة، وربما حصل لها بذلك عفة فرجها وغض بصرها وحسن سمعتها وسلامة عرضها.
فالواجب على الدول الإسلامية عامة وعلى حكومتنا خاصة إظهار هذا الأمر وتأييد هذا الأمر، والإنكار على من عارض هذا الأمر في أي وسيلة مرئية أو مسموعة أو مقروءة، بل يجب إنكار ذلك.
وإنه ليسوءني كثيرًا ويسوء كل مسلم يخاف الله أن يسمع في إذاعة أو يشاهد في تلفاز أو يقرأ في صحيفة من يعترض على شرع الله، ويدعو إلى الاقتصار على الواحدة، إلا على الوجه الشرعي إذا خاف ألا يقوم بالواجب، أو عجز عن أن يقوم باثنتين، فهذا قد وضحه الله لكن من استطاع أن يتزوج ثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا فلا حرج عليه، بل هو مأجور ومشكور إذا نوى بذلك إظهار دين الله وتكثير الأمة وغض بصره وإحصان فرجه، والإحسان إلى أخواته في الله المحتاجات إلى النكاح، فهو مشكور ومأجور.
والواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المسلمات أن يرضوا بما شرع الله، وأن يحذروا الاعتراض على ما شرعه الله، وأن يخافوا نقمته سبحانه وعقابه في اعتراضهم ومخالفتهم لأمر الله ، وقد قال الله في كتابه العظيم: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:9] ، فأخشى على من كره هذا المشروع أن يحبط عمله وأن يخرج من دينه وهو لا يشعر، نسأل الله العافية.
وقال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:28].
فالمقصود أنه يجب على المؤمن أن يرضى بما شرعه الله، وأن يبغض ما أبغضه الله، وأن يكره ما كرهه الله، وأن يحب ما أحبه الله في جميع الأمور، إذا كان مسلمًا مؤمنًا يخاف الله ويرجوه، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا الواقع سماحة الشيخ وأنتم تتفضلون بهذا التوجيه المخلص كثيرًا ما نسمع عن كثرة العوانس في البيوت، لعل لكم من كلمة سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذا ثابت عندنا، ولهذا نوصي جميع النساء أن لا يمتنعن من الزوج الذي عنده زوجة، نوصيهن جميعًا أن يحرصن على عفتهن وسمعتهن الحسنة، وعلى حفظ فروجهن وغض أبصارهن، وعلى حفظ أعراضهن أن يبادرن بالزواج ولو كن جارات، ولو كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة، فأنا أوصي بهذا، وأسأل الله أن يهدينا جميعًا لما يرضيه، وأوصي الأزواج القادرين أن يتزوجوا وأن يعفوا كثيرًا من نساء أمتهم، وأن يحرصوا على تكثير النسل، وعلى حفظ فروجهم وغض أبصارهم بما أحل الله لا ما حرم الله.
كثير من الناس -نعوذ بالله- يأبى أن يتزوج ثانية، ولكنه يرضى بالصديقات فيما حرم الله، وتعلم زوجته ذلك، وذلك قد يكون أحب إليها من زوجة مسلمة على الوجه الشرعي، فهي تعلم عنه أنه يذهب إلى المحرمات وإلى الصديقات وإلى الزنا، ولكن لا يهمها ذلك، لكن لو تزوج لغضبت وأنكرت ولا حول ولا قوة إلا بالله، فترضى بالحرام أو تقر الحرام ولكن لا ترضى بالحلال، هذه من المصائب، ومن ضعف الدين ومن ضعف الإيمان وقلة البصيرة، نسأل الله الهداية والسلامة.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.