الجواب:
كان النساء في أول الإسلام وفي أول الهجرة مباح لهن الكشف، ثم نزلت آية الحجاب، فكونهن يكشفن في المجتمعات كان أولًا، تكشف عن وجهها ويديها، ثم إن الله أمر بالحجاب حماية للمرأة وصيانة لها، عن الابتذال وعن فتنة الرجال بها، فأنزل في هذا قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وأنزل في هذا قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ .. [النور:31]، والزينة: هي المحاسن من شعرٍ ووجه ويد وقدم وصدر ونحو ذلك.
فالواجب على النساء بعد نزول هذه الآيات هو الحجاب، والوجه أحسن الزينة، وهو عنوان المرأة، عنوان جمالها ودمامتها، فالواجب ستره عملًا بهذه الآيات، وقد ثبت عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها لما سمعت صوت صفوان المعطل في غزوة الإفك، لما تخلفت عن الغزو ورآها صفوان المعطل متخلفة استرجع، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فلما سمعت صوته؛ خمرت وجهها، قالت: وكان قد رآني قبل الحجاب، هكذا جاء في الصحيحين عن عائشة.
فدل ذلك على أن المرأة كانت قبل الحجاب يرى وجهها، أما بعد الحجاب فقد منع من ذلك الرجل، ولا يجوز أن يقال: إن هذا خاص بأمهات المؤمنين فإنهن وغيرهن سواء في هذا، ولم يرد ما يدل على التخصيص، والأصل عدم التخصيص؛ ولهذا قال في المؤمنات: لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور:31]، وعمم، ولم يقل: أزواج النبي ﷺ فالحكم عام لجميع المؤمنات، من أزواج النبي ﷺ وغيرهن.
ومن قال: إنه خاص بهن فعليه الدليل، ولا دليل يخصهن بذلك، بل هو قول بغير علم وبغير حقيقة، وبغير دليل، ثم عمل المسلمين على ذلك من عهده ﷺ بعدما نزلت هذه الآيات على الحجاب، وعدم سفور المرأة؛ لأن ذلك مما يسبب الفتنة بها، ووقوع الفواحش، وتطلب الرجل للمرأة بسبب ما يرى من جمالها وحسنها، والواجب على الرجال والنساء العمل بأسباب السلامة، والحذر من أسباب الفتنة. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.