حكم أداء الذكر بعد الصلاة بصفة جماعية

السؤال:

نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة أحد الإخوة المستمعين، يقول المرسل (ي . م . ر)، أخونا عرضنا جزءًا من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: رأيت في أحد المساجد في بعض البلدان الإسلامية عندما ينتهون من كل صلاة فريضة يسبحون الله بشكل جماعي، أي: يقول الإمام: سبحان الله، فيقول المأمومون: سبحان الله، إلى أن ينتهوا إلى ثلاث وثلاثين، ويقول الإمام: الحمد لله، ويقول المأمومون مثل قوله، وهكذا.. أفيدونا عن حكم مثل هذا العمل، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه؛ نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا العمل الذي ذكره السائل، وهو أن الإمام والمأمومين يسبحون ويحمدون ويكبرون بصفة جماعية بعد كل صلاة هذا لا أصل له، وليس من السنن المشروعة بل هو من البدع.

الرسول ﷺ رغب الناس أن يسبحوا ويحمدوا ويكبروا ثلاثًا وثلاثين بعد كل صلاة، ولم يكن يفعل ذلك معهم بصفة جماعية بل كان يذكر الله في نفسه، وكل واحد من الجماعة يذكر الله في نفسه، هذا هو المشروع، فكل واحد يشتغل بنفسه، فالإمام بنفسه، وكل واحد من الجماعة كذلك، فيقول بعد السلام (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، هذه السنة، لما ثبت عن ثوبان مولى النبي ﷺ قال: كان النبي ﷺ إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وثبت عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أنه: كان الرسول ﷺ إذا فرغ من قوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن الإمام يأتي بهذا قبل أن ينصرف، حال كونه مستقبلاً القبلة.

ثم ينصرف إلى الناس فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير وإن زاد قال: يحيي ويميت، فكل هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول أيضًا: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد هذا ثبت من فعل النبي ﷺ بعضه من حديث المغيرة بن شعبة وبعضه من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عن الجميع.

وقال عليه الصلاة والسلام: من سبح الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر خرجه مسلم في صحيحه، فهذا يدل على شرعية هذا الذكر، وأن كل واحد يقوله بنفسه، ما يحتاج إلى أن يكون معه غيره، فأداء ذلك بصفة جماعية من الجماعة أو من الجماعة مع الإمام كل ذلك لا أصل له، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد يعني: فهو مردود، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، متفق على صحته.

فنصيحتي لمن يفعل هذا أن يدع ذلك وأن يسبح كل واحد بنفسه مستقلاً من دون مشاركة غيره، رزق الله الجميع التوفيق واتباع السنة . نعم.

المقدم: اللهم آمين. 

فتاوى ذات صلة