الجواب:
ترك الصلاة من أعظم الجرائم، ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام؛ ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدًا لوجوبها، أو مستهزئًا بها.. ساخرًا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرًا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدًا عن الإسلام إذا تركها جاحدًا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها، فإن هذا يعتبر كافرًا كفرًا أكبر ومرتدًا عن الإسلام بإجماع المسلمين.
أما إذا تركها تكاسلًا وتساهلًا، وهو يعلم أنها واجبة وليس ساخرًا بها ولا مستهزئًا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلًا وتكاسلًا كما يفعل بعض الناس في صلاة الفجر لا يصليها، وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء أو نحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرًا كفرًا أكبر، ويحتج بالحديثين الذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد، وخرجه أيضًا أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي ، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
والحديث الثاني قوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر، وهكذا الشرك إذا عرف فهو الشرك الأكبر، فمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدًا ومن تركها متكاسلًا، وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلًا يكون كافرًا كفرًا أكبر، ويدل على هذا أيضًا الحديث الثالث وهو قوله ﷺ لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال للناس: إنه سيلي عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، قالوا: يا رسول الله! أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم من الله فيه برهان، هكذا جاء في الحديث الصحيح في الصحيحين، وفي رواية قال: ما أقاموا فيكم الصلاة فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح، الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك، ويعتبر بذلك كافرًا كفرًا بواحًا، يجب أن يقام عليه من المسلمين حتى يولى غيره على المسلمين.
فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفرًا بواحًا.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر، وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها، بل يكون عاصيًا، وقد أتى جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافرًا كفرًا أكبر، وهذا هو المعروف من مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة و جماعة، ولكن القول الأول أصح وأصوب وأقرب للدليل.
فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يستقيم على أداء الصلاة، وأن لا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك وأن يكون قويًا على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوا فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، فهذه نصيحتي لكل مسلم، فليتق الله كل مسلم، وليحذر ترك الصلاة، فإن تركها من أعظم الجرائم بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء، بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجته المسلمة، بل عليها أن تفارقه، وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله من ترك الصلاة. رزق الله الجميع العافية والهداية.
المقدم: اللهم آمين. إذًا إذا أذن لي سماحة الشيخ في ملخص للإجابة: من تركها تكاسلًا وتهاونًا فهو كافر؟
الشيخ: نعم كفر أكبر في الصحيح.. في أصح قولي العلماء.
المقدم: كمن تركها جاحدًا لوجوبها ؟
الشيخ: كمن تركها جاحدًا، لكن من تركها جاحدًا هذا بالإجماع.
المقدم: من تركها جاحدًا ...
الشيخ: فقد أجمع المسلمون على أنه كافر كفرًا أكبر، لكن من تركها تكاسلًا وهو يعلم أنها واجبة، ويعترف أنها واجبة، ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها فهذا هو الذي فيه الخلاف، والصواب أنه يكون كافرًا كفرًا أكبر للأحاديث التي سمعت في الجواب . نعم .
المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم، وهدى المسلمين إلى صلاح دينهم.
الشيخ: آمين .. آمين .. آمين.