ما صحة حديث: «كل مولود يولد على الفطرة» ومعناه؟

السؤال:

رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين من مكة المكرمة يقول: طالب علم (ح. ف. ح) أخونا يسأل ويقول: قال ﷺ: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ... الحديث، ما معنى هذا الحديث؟ وهل هذا الحديث على سبيل المجاز، أم على سبيل الحقيقة؟ أفيدونا بارك الله فيكم. 

الجواب:

الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، وهو على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز، بل مولود على الفطرة، وفي اللفظ الآخر: على هذه الملة، ملة الإسلام هكذا جاء في الحديث الصحيح، يقول ﷺ: ما من مولود يولد إلا على الفطرة، وفي اللفظ الآخر عند البخاري وغيره: على هذه الملة، وفي اللفظ الآخر: على ملة الإسلام، هذا معناه واضح وهو أنه يولد مسلمًا على فطرة الله الذي فطر عليها الناس.

وفي حديث رواه مسلم في الصحيح يقول الله : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، فبين سبحانه أنه خلق عباده حنفاء موحدين ولكن طرأ الشرك عليهم بعد ذلك بسبب المضللين من آبائهم وأمهاتهم وغيرهم، ولهذا قال: فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، يعني: يدعونه إلى ذلك ويربونه على الشرك فيخرج عن الفطرة بسبب تربية والديه على اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو غيرها من أنواع الكفر، وقد يربيه غير والديه أيضًا ممن يتولى تربيته من أعمامه وأقاربه وأخواله عند فقد والديه، وقد ينشأ في بيئة مشركة فيتربى على ما يربونه عليه، وهذا معنى قوله ﷺ عن الله أنه قال: إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، فالشياطين تشمل شياطين الإنس والجن، وكذلك ما يفعله الإنس هو من تزيين الشياطين، .. شياطين الجن لهم حتى يجروهم إلى هذا الباطل بوساوسهم وتزيينهم.

فشياطين الإنس تدعو إلى الشرك وهكذا شياطين الجن، والأصل في المولود أنه ولد على الفطرة فلو استمر عليها وسلم من هؤلاء وعاش بين أهل الخير عاش على الفطرة والهدى والتوحيد، لكن إذا ابتلي بمربين ضالين أخرجوه عن فطرته بتربيتهم وتزيينهم الباطل إلا من عصم الله ورحم بأن قيض له من يربيه التربية الإسلامية ويدعوه إليها. 

المقدم: بارك الله فيكم. قد يخطر ببال أحد المستمعين سماحة الشيخ ما حدث لنبي الله نوح مع ابنه، فماذا هو توجيهكم لو تكرمتم؟

الشيخ: كفر الولد أو شركه بالله أو معصيته لا ينقذه من ذلك أبوه ولو كان أبوه أصلح الناس كـنوح عليه الصلاة والسلام فإنه رسول ومع هذا لم يملك هداية ابنه بل دعاه إلى أن يركب معه في السفينة فأبى ولم يستجب فصار من الهالكين ومع الغارقين على كفره وضلاله.

فالمقصود أن نوحًا عليه الصلاة والسلام لم يستطع هداية ابنه، كما أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يستطع هداية أبيه، وكما أن محمدًا ﷺ لم يستطع هداية عميه؛ أبي لهب وأبي طالب، فالأمر بيد الله هو الذي يقول سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272].

فتاوى ذات صلة