تفسير {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ..}

السؤال:
أخٌ يسأل -أحسن الله إليك- يقول تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، هذه الآية يحتجُّ بها كثيرٌ من الناس من طلاب العلم، فهل وردت في سببٍ خاصٍّ أو يجوز الاستشهاد بها في كل مناسبةٍ؟

الجواب:
معناها واضح، يعني: يرى الله هذا في الدنيا، لكن المؤمنين والرسولﷺ إنما يراه في الآخرة، ما هو في الدنيا، الرسول ﷺ يرى عملَ الناس من زمانه الصحابة من حوله يراهم، لكن بعد موته لا يرى إلا ما يقدم يوم القيامة، فإن الأعمال تُنشر يوم القيامة ويعلمها الناس، ويُنادي عليهم في الموقف، ويعقد الدواوين أمامهم، ويقول المؤمن: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [الحاقة:19] الأعمال التي يعلمها المؤمنون يوم القيامة، ما هو في الدنيا.
أما المؤمن: ما يعلم في الدنيا إلا مَن كان حوله حال حياته، النبي ﷺ إذا بعثه الله يوم القيامة ووقف على الحوض عليه الصلاة والسلام يسقي أمته، قال: فيُذاد أناسٌ عن حوضي، فيقول: يا ربّ، أصحابي، يا ربّ، أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنَّهم لم يزالوا مُرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، قال: فأقول كما قال العبدُ الصالح –يعني: عيسى عليه الصلاة والسلام: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:117].
فالمراد بـفَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ: يراه الله في الدنيا والآخرة، ويعلمه جلَّ وعلا، والمؤمنون يرونه في الدنيا ما داموا يُشاهدون أعمالهم منذ زمانه...، والرسول ﷺ في حياته كذلك، ويراهم المؤمنون والرسول ﷺ يوم القيامة، فالآية تطبق على ما دلَّ عليه الشرعُ.
فتاوى ذات صلة