الجواب:
أما حبُّك في الله: والله جلَّ وعلا يُجازيك عنه خيرًا، ونقول: أحبَّك الله الذي أحببتنا له، وقد تقدَّم الكلامُ في ذلك، وأن الحبَّ في الله والبغضَ في الله أوثقُ عُرى الإيمان، والرسول عليه السلام قال: لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه، وقال عليه الصلاة والسلام: ثلاثٌ مَن كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يُحبَّ المرء لا يُحبُّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يُقذف في النار.
وأما ما يتعلق بالقدر: فقد تقدَّم في المحاضرة التي مضت في الأسبوع الماضي في الحرس بيان مراتب القدر، وأهل السنة والجماعة يُؤمنون بالقدر، وأنه حقٌّ، وأن العباد يمضون في قدر الله، فقد ثبت عنه ﷺ أنهم سألوه -سأله الصحابة- قالوا: يا رسول الله، أرأيتَ ما نعمل فيه ونكدح: هل هو في أمرٍ مضى قد فُرغ منه وكُتب أم في أمرٍ مُستأنفٍ؟ قال: بل في أمرٍ قد مضى وفُرغ منه، قالوا: يا رسول الله، ففيمَ العمل؟ قال: اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له: أما أهل السَّعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السَّعادة، وأما أهل الشَّقاوة فيُيَسَّرون لعمل أهل الشَّقاوة، ثم تلا قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5- 10].
فالإيمان بالقدر على مراتب أربع، مَن جمعها جمع الإيمانَ بالقدر:
الأول: الإيمان بعلم الله بالأشياء، وأنه يعلم كلَّ شيءٍ من أعمالنا وآجالنا وأرزاقنا وغير ذلك.
المرتبة الثانية: الكتابة، وأنه كتب ذلك سبحانه وتعالى عنده، كما قال تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ [الحج:70]، وقال: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75]، وقال : لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12].
الثالث: أنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في ملكه ما لا يُريد، قال تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:112]، وقال: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:28- 29]، وقال سبحانه: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [المدثر:55- 56]، فلا بدّ من الإيمان بمشيئة الله، وأنه لا يقع شيءٌ في ملك الله بدون مشيئته ، فأعمالنا وسائر حركاتنا وسكناتنا كلها بمشيئة الله ، ولا نشاء شيئًا إلا بعد مشيئته جلَّ وعلا.
الرابعة: الإيمان بأنه خالقُ الأشياء ومُقدِّرها، الله خالق كل شيءٍ ، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22].
هذه مراتب القدر: العلم، والكتابة، والإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بأنه خالق الأشياء، ومُوجِدها، هذه أربع مراتب نبَّه عليها شيخُ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية"، ونبَّه عليها العلماء في كُتبهم، ونبَّه عليها العلامةُ ابن القيم في كتابه "شفاء العليل".
فالإنسان مُخيَّرٌ ومُسَيَّرٌ، أعطاه الله عقلًا، وأعطاه الله إرادةً، وأعطاه مشيئةً، فهو مُخيَّرٌ من هذه الحيثية، يعمل عن مشيئةٍ، وعن إرادةٍ، كما قال تعالى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ [الأنفال:67]، وقال: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وقال: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [آل عمران:153]، بِمَا يَفْعَلُونَ [يونس:36]، فلهم فعلٌ، ولهم مشيئةٌ، ولهم اختيارٌ، ولكن لا يشاؤون إلا ما شاءه الله، كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:29]، هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22].
فهو مخيَّرٌ من جهة أنَّ له إرادةً، وله مشيئةً، وله اختيارًا، يعرف الضَّارَّ من النافع، والطيبَ من الخبيث، يأكل ويشرب باختياره، يزور إخوانه باختياره، ينام باختياره، يقوم باختياره، له اختيار، يأتي الطاعة باختياره، ويأتي المعصية باختياره، لكن هذا له مشيئة سابقة، وله قدر من الله سابق ، لا يخرج عن ملك الله، ولا عن إرادته جلَّ وعلا: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] .
فهو مُخيَّرٌ من جهة ما أعطاه الله من المشيئة والقُدرة والاختيار والفهم، ومُسَيَّرٌ من جهة أنه لا يخرج عن قدر الله.
وأما ما يتعلق بالقدر: فقد تقدَّم في المحاضرة التي مضت في الأسبوع الماضي في الحرس بيان مراتب القدر، وأهل السنة والجماعة يُؤمنون بالقدر، وأنه حقٌّ، وأن العباد يمضون في قدر الله، فقد ثبت عنه ﷺ أنهم سألوه -سأله الصحابة- قالوا: يا رسول الله، أرأيتَ ما نعمل فيه ونكدح: هل هو في أمرٍ مضى قد فُرغ منه وكُتب أم في أمرٍ مُستأنفٍ؟ قال: بل في أمرٍ قد مضى وفُرغ منه، قالوا: يا رسول الله، ففيمَ العمل؟ قال: اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له: أما أهل السَّعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السَّعادة، وأما أهل الشَّقاوة فيُيَسَّرون لعمل أهل الشَّقاوة، ثم تلا قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5- 10].
فالإيمان بالقدر على مراتب أربع، مَن جمعها جمع الإيمانَ بالقدر:
الأول: الإيمان بعلم الله بالأشياء، وأنه يعلم كلَّ شيءٍ من أعمالنا وآجالنا وأرزاقنا وغير ذلك.
المرتبة الثانية: الكتابة، وأنه كتب ذلك سبحانه وتعالى عنده، كما قال تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ [الحج:70]، وقال: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75]، وقال : لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12].
الثالث: أنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في ملكه ما لا يُريد، قال تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:112]، وقال: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:28- 29]، وقال سبحانه: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [المدثر:55- 56]، فلا بدّ من الإيمان بمشيئة الله، وأنه لا يقع شيءٌ في ملك الله بدون مشيئته ، فأعمالنا وسائر حركاتنا وسكناتنا كلها بمشيئة الله ، ولا نشاء شيئًا إلا بعد مشيئته جلَّ وعلا.
الرابعة: الإيمان بأنه خالقُ الأشياء ومُقدِّرها، الله خالق كل شيءٍ ، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22].
هذه مراتب القدر: العلم، والكتابة، والإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بأنه خالق الأشياء، ومُوجِدها، هذه أربع مراتب نبَّه عليها شيخُ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية"، ونبَّه عليها العلماء في كُتبهم، ونبَّه عليها العلامةُ ابن القيم في كتابه "شفاء العليل".
فالإنسان مُخيَّرٌ ومُسَيَّرٌ، أعطاه الله عقلًا، وأعطاه الله إرادةً، وأعطاه مشيئةً، فهو مُخيَّرٌ من هذه الحيثية، يعمل عن مشيئةٍ، وعن إرادةٍ، كما قال تعالى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ [الأنفال:67]، وقال: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وقال: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [آل عمران:153]، بِمَا يَفْعَلُونَ [يونس:36]، فلهم فعلٌ، ولهم مشيئةٌ، ولهم اختيارٌ، ولكن لا يشاؤون إلا ما شاءه الله، كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:29]، هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22].
فهو مخيَّرٌ من جهة أنَّ له إرادةً، وله مشيئةً، وله اختيارًا، يعرف الضَّارَّ من النافع، والطيبَ من الخبيث، يأكل ويشرب باختياره، يزور إخوانه باختياره، ينام باختياره، يقوم باختياره، له اختيار، يأتي الطاعة باختياره، ويأتي المعصية باختياره، لكن هذا له مشيئة سابقة، وله قدر من الله سابق ، لا يخرج عن ملك الله، ولا عن إرادته جلَّ وعلا: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] .
فهو مُخيَّرٌ من جهة ما أعطاه الله من المشيئة والقُدرة والاختيار والفهم، ومُسَيَّرٌ من جهة أنه لا يخرج عن قدر الله.