معنى ما جاء في خلود بعض العصاة بالنار

السؤال:
جاء في "صحيح البخاري" أنَّ مَن قتل نفسه خالد مُخلَّد في النار، وعقيدة أهل السنة والجماعة أنَّ صاحب الكبيرة لا يُخلَّد في النار. نرجو التوضيح أفادكم الله.

الجواب:
الخلود خلودان:
خلود الكفرة، وهو الذي ليس له نهاية، فهذا يختص بالكفرة.
وأما الخلود الذي هو طول الإقامة؛ فهذا قد يقع لبعض العصاة: كقاتل نفسه، فإن الرسول ﷺ قال: إنه في النار خالدًا مُخَلَّدًا فيها يعني: مُقيمًا طويلًا -نسأل الله العافية- والعرب تقول فيمَن أطال الإقامة: أقاموا فأخلدوا، أي: طوَّلوا، وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:68- 69]، فجعل المشرك والزاني والقاتل في عذابٍ وخلودٍ، وقال جلَّ وعلا في القاتل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، هذا الخلود عند أهل السنة خلودٌ له نهاية، إذا كان لم يستحلّ ذلك، أما إذا استحلَّ القتلَ والزنا صار كافرًا مُخَلَّدًا خلود الكفار، لكن إذا قتل وهو يعلم أنه عاصٍ، أو زنا وهو يعلم أنه عاصٍ، فهذا لا يُخلَّد خلود الكفار، ولكنه خلود له نهاية.
فالعُصاة على حسب مراتبهم في المعاصي، مَن دخل النارَ منهم فهم متفاوتون في ذلك: منهم مَن تطول إقامته، ومنهم مَن لا تطول، على حسب حاله في المعاصي، وقد يعفو الله عن بعضهم فلا يدخل النار، كما قال تعالى: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وقد يعفو عن بعضهم لأعمالٍ صالحةٍ، وكثرة خيرٍ.
ولكن مَن دخلها منهم فهم على أقسامٍ وعلى درجات، لكنَّهم لا يُخلَّدون خلود الكفار، بل مَن كثرت معاصيه وعظمت -كالقاتل والزاني- فهذا يُخلَّد خلودًا له نهاية، وهكذا قاتل نفسه، يعني: خلودًا طويلًا، إقامة طويلة، لكن لها نهاية، ما يُخلَّد خلود الكفار أبدًا عند أهل السنة والجماعة، ولكنه خلود له أمد، وله نهاية، نسأل الله السلامة والعافية.
فتاوى ذات صلة