ما حكم من تاب ويخشى أنه لا يُغفر له؟

السؤال: 

أنا إنسانٌ أكثرتُ في المعاصي، ومن المعاصي والذنوب، ولكن الحمد لله ربّ العالمين الذي مَنَّ عليَّ بالهداية، فلقد تغيرت حياتي، ولكن أحسّ في قلبي أنَّ الله لن يغفر لي ذنوبي التي ارتكبتُ من قبل، فبماذا تنصحني؟
وبهذه المناسبة المباركة أسألك بالله الذي لا إله غيره أن تدعو لي ولكلِّ واحدٍ مثلي في هذا المكان المُبارك الطيب دعوةً بالمغفرة والقبول، لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنَّا، ويجزيكم عنا.

الجواب:

أسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يُصلح قلبك وعملك وسائر المسلمين، أسأل الله أن يُصلح قلوبنا وأعمالنا جميعًا، وأن يمُنَّ علينا بالتوبة النَّصوح، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
وننصحك بحُسن الظن بالله، عليك بحُسن الظنِّ بالله، وإياك والوساوس وسُوء الظنِّ بالله، ما دمت تبتَ من سيئاتك فاحمد الله، واسأله أن يتقبَّل منك، واحذر العودة إلى الشرِّ والمعاصي، واحذر العودة إلى صُحبة الأشرار، لا تصحب الأشرار، وعليك بصُحبة الأخيار، وأحسن ظنّك بربك، يقول النبيُّ ﷺ: يقول الله : أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني، فمَن أحسن ظنَّه بالله ربح غاية الربح.
فعليك أن تُحسن ظنك بالله، وأن تدعوه أن يُثبتك على الحقِّ، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يُحسن لك الختام، واحذر وساوس الشيطان، وسوء الظن بالله ، ويقول عليه الصلاة والسلام: لا يموتنَّ أحدٌ منكم إلا وهو يُحسن ظنّه بالله، فالشيطان حريصٌ على إضلال بني آدم، وإفساد أعمالهم، وإذا تابوا وسوس لهم بأنَّ توبتكم غير مقبولةٍ، وأن معاصيكم الماضية عظيمة، وأنَّكم لا تسلمون من شرِّها، وهذا كله من خداعه، وكله من ظلمه وعدوانه، فعليك بالحذر من وساوس الشيطان، واذكر قوله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [التحريم:8]، وعسى من الله واجبة.
ويقول النبيُّ ﷺ: التَّائب من الذنب كمَن لا ذنبَ له، ويقول عليه الصلاة والسلام: التوبة تهدم ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، فمَن تاب توبةً صادقةً بالندم على الماضي، والإقلاع منه، والعزم الصادق ألا يعود فيه؛ تاب الله عليه، وعفا عنه ، وإن كانت التوبةُ من حقِّ المخلوق فلا بد من أمرٍ رابعٍ، وهو: ردّ الحقِّ إلى أهله، كالسرقة والغصب ونحو ذلك، لا بد من ردِّ الحقِّ إلى صاحبه، أو استسماحه واستحلاله حتى تتم التوبةُ.
فالشروط ثلاثة، التوبة لها شروط ثلاثة:
النَّدم على الماضي.
والإقلاع من المعصية وتركها خوفًا من الله، وتعظيمًا له.
والأمر الثالث: العزم الصادق ألا تعود في ذلك.
وهناك أمرٌ رابعٌ إذا كانت المعصيةُ تتعلق بالمخلوق: أنه لا بد من استسماحه، أو ردّ حقّه إليه، كالقاتل والسارق والغاصب، لا بد من ردِّ الحقِّ إلى أهله، أو يستسمحهم، وإلا فالتوبة تكون غير تامَّةٍ.
فتاوى ذات صلة