الجواب:
ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى أن يبيع حاضر لباد، وهذا ثابت في الصحيحين، وفي غير الصحيحين، في أحاديث كثيرة نهى عن بيع الحاضر للبادي، والحاضر هو الذي يتولى بيع سلعته، والبادي هو الذي يتولى بيع سلعته، ولا يتولاه الحاضر؛ لأن الحاضر قد عرف السلع، وعرف قيمها؛ فيكون بيعه عن البادي فيه مشقة على الناس، والرسول ﷺ يقول: دعوا الناس يرزق الله بعضهم ببعض.
فالذي يجلبه البادي من السلع من الإبل، والبقر، أو الدهن، أو الأقط، أو غير ذلك يترك هو الذي يتولى البيع؛ حتى لا يشدد على الناس، وحتى يتسع الخير للناس، إذا باعه لا يشدد، أما إذا باع حافظ له، ودلال له؛ فقد يشدد، وقد لا يبيع إلا بأغلى الأثمان؛ فيكون في توليه لذلك مشقة على الناس.
وهل يدخل حكم السيارة في ذلك؟ هذا محل نظر، هل تدخل فيما ذكره النبي ﷺ أما لا؟ محل نظر، والأقرب -والله أعلم- دخولها إذا جاء أهل البوادي من مكان بعيد، ومعهم سياراتهم، وجلبوها في الأسواق عند المعارض، ووكلوا صاحب المعرض أن يبيعها، هل تدخل في هذا، أو ما تدخل؟ محل نظر.
والأقرب -والله أعلم- دخولها للعموم، وقد يقال: لا تدخل؛ لأنهم عرفوا السلع، وعرفوا الأثمان، ولا بقي فيها إشكال، فهم يبيعون برضاهم، وبمشاورتهم أشياء يعرفونها، وليست مجهولة لهم، بخلاف البوادي أولًا في بعض الأمور التي يجلبونها، لا يعرفون قيمها، أما الأسواق فقد تقاربت الآن، والناس قد عرفوا السلع، والبادية صارت كالحاضرة في معرفة -الآن- السلع، ومعرفة قيم السيارات، اشتروهاـ واستعملوها، وعرفوا قيمها، فقد يقال في هذه الحال: إن العلة التي قالها النبي ﷺ منتفية الآن؛ لأن البادي لو تولى ما يبيع إلا بالأسعار التي يعرفها الناس، ويعرفها الحاضرة؛ فلا يكون في هذا خطر على الناس، قد يقال هذا وهو قريب، وقوي.