ج: لا ريب أن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء ، فالمحبة والكراهة أمران بيد الله ، لكن لهما أسباب، فإذا كانت الوالدة ذات عطف على البنت وعناية بشئونها فإن هذا من أسباب المحبة. وإذا كانت الوالدة ليست كذلك عندها إعراض عن البنت وعدم اكتراث بها أو طالت غيبتها عنها- كما هو حال السائلة- فإن هذا قد يسبب شيئا من الكراهة والجفوة.
والواجب على الفتاة المذكورة تقوى الله في ذلك، وأن تحرص على صلة أمها والإحسان إليها والكلام الطيب معها في جميع الأحوال، وأن تسأل ربها بأن يشرح صدرها لمحبة والدتها، فإن حق الوالدة عظيم، فإن لم تستطع ذلك فالأمر بيد الله ولا يضرها ذلك، ولهذا كان من دعاء النبي ﷺ: اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب، صرف قلبي على طاعتك فالقلوب بيد الله ، وهو يقلبها كيف يشاء سبحانه.
فالواجب أن تضرع البنت المذكورة إلى الله سبحانه، وتسأله أن يشرح صدرها لمحبة أمها والقيام بحقها كما شرع الله. وعليها أن تفعل ما تستطيع من البر والصلة والهدايا وغير ذلك من أنواع البر، فإذا صدقت في ذلك هيأ الله لها كل خير، يقول الله : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا [البقرة:286][1].
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 318).