عقيدة أهل السنة في أصحاب الكبائر

السؤال: 

عقيدة أهل السنة، والجماعة أن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار، فهل يخلد صاحب الربا، وما وجه الجمع بين قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] إلى آخر الآية، ودلالة آية الربا على الخلود في النار؟ 

الجواب: 

الكبائر جاء في بعضها الخلود في النار، كبائر الذنوب أنواع، وضابطها المختار عند أهل العلم: أن كل ذنب جاء فيه الوعيد بالنار، أو بغضب الله، أو باللعنة، أو بحد في الدنيا أن هذا كبيرة، وما لم يأت فيه شيء يسمى معصية، ولا يسمى كبيرة. 

والكبائر جاء في بعضها الخلود مثل: الزنا، والقتل جاء فيه الخلود، وجاء في الربا: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275] وجاء فيمن يقتل نفسه أنه مخلد في النار إذا قتل نفسه، وهذه الذنوب، وأشباهها الخلود فيها ليس الخلود الذي وعد الله به الكفار لا، الخلود خلودان:

خلود مؤبد لا نهاية له، بل أبد الآباد، هذا خلود الكفار -نعوذ بالله- كما قال الله في حقهم: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37] وقال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] هذه حال الكفار -نعوذ بالله- أبد الآباد.

والخلود الثاني: خلود طويل؛ لأنه مدة طويلة، لكنه ينتهي، إذا كان خلود القاتل لنفسه والذي يقتل الناس كما قال الله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93] هذا خلود مؤقت، وهكذا خلود المرابي الذي مات على الربا، ما تاب هذا خلود مؤقت، له نهاية يعلمها الله  ثم بعد النهاية يخرجهم الله من النار إلى نهر الحياة، كما جاء في الحديث الصحيح: أن النبي ﷺ يشفع في أهل الكبائر أربع شفاعات، كل مرة يشفع، يحد الله له حدًا، فيخرجهم من النار، ويلقون في نهر الحياة، وينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، وجاء أن الله يخرجهم ظبائر ظبائر ... سود قد امتحشوا –احترقوا- فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فهؤلاء لا يخلدون الخلود الدائم، ولكنه خلود له نهاية.

وبهذا يزول الإشكال عن الأحاديث الواردة في هذا الباب، والآيات، فالخلود خلودان كما قال أهل العلم: خلود لا نهاية له، وهذا خلود الكفار، والمشركين، واليهود، والنصارى، وعباد الأوثان، والشيوعيين، وأشباههم المرتدين، وأشباههم من كل كافر كفراً أكبر مات على حاله .. فهذا يخلد في النار أبد الآباد، النار مؤبدة، وخلودهم مؤبد فيها، نعوذ بالله.

أما الخلود الثاني: خلود مؤقت له نهاية يختلف، فهذا يخلد مليار سنة، وهذا يخلد مقدار مائة سنة، وهذا يخلد مقدار ألف سنة، هذا يخلد أكثر، أقل على حسب جرائمهم، لكن لهم نهاية، لهم نهاية في النار يعلمها الله  وهذا خلود أهل الكبائر، خلود مؤقت، والعرب تقول لمن أقام وطول الإقامة أخلد، يقول الشاعر:

أقاموا فأخلدوا

يعني أقاموا فطولوا الإقامة، العرب في لغتها تسمي من أقام طويلًا قد أخلد في مكانه إذا طول المقام.

 

فتاوى ذات صلة