الجواب:
لا أعلم سببًا لهذه الذلة وهذا التَّفرق إلا عدم استقامتهم على دين الله، وعدم تحقيقهم لشريعة الله، وعدم اعتصامهم بحبل الله جميعًا، فإنَّ الله جلَّ وعلا وعد عباده المؤمنين المُستقيمين بالنصر والتأييد، قال جلَّ وعلا: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:40- 41]، وقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ الآية [النور:55]، فالله وعدهم بالنصر والاستخلاف إذا آمنوا وعملوا الصَّالحات، إذا نصروا دين الله، إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولا فعل بهم اليوم ما وقع؛ من الاختلاف، والتأخُّر عن نصر دين الله، والجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
هذا هو السر في تأخُّر المسلمين وذلّهم، هو عدم اعتصامهم بحبل الله، وعدم التعاون على البر والتقوى، وعدم قيامهم بالواجب من الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ونصر دين الله، وعلى حسب قيام مَن قام منهم بذلك حصل له بعضُ النصر، فدولتنا السعودية لما قامت ببعض الواجب حصل لها من النصر والخير والطُّمأنينة والأمن ما لم يحصل لغيرها، ولو أنها قامت بكل الواجب وعُنيت بكل الواجب لرأيتم من النصر والتَّأييد والعزة العظيمة والسَّعة الباهرة ما لا يخطر في البال، ولكن بسبب ما فرّطنا فيه وبسبب نقصنا وتقصيرنا في بعض الأمور وبعض الواجب؛ حصل ما حصل من النقص فيما عندنا.
وهكذا الدول الأخرى؛ كل دولةٍ بحسب حالها، فكل دولةٍ عندها شيءٌ من خيرٍ، وشيءٌ من إيمانٍ، وشيءٌ من تقوى يحصل لها بعضُ الخير، وكلما زاد شرُّها وفسادُها زاد بلاؤها، وزاد الفسادُ فيها، وزاد اختلال الأمن فيها، إلى غير ذلك؛ جزاءً وفاقًا: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46] .