تحريم الربا ليس مرتبطا بمعرفة الحكمة

السؤال:

باستقراء آيات الربا في القرآن الكريم يتبين أن صاحب رأس المال هو المستفيد، وهو صاحب المنفعة وحده، والفقير هو المتضرر، وهو المظلوم، أما المعاملات المصرفية الموجودة اليوم في البنوك فالمستفيد هو صاحب رأس المال الصغير والمنفعة متبادلة، فهو يختلف عن الربا، بل هو عكس الربا، فما رأي سماحتكم في هذا، ألا ترون فيه تيسيرًا للمسلمين، ودفعًا للحرج عنهم؟

الجواب:

لا هذا غلط، هذه مغالطة، فالمستفيد هذا وهذا، المقترض قد يستفيد يبني له عمارة، يتزوج، يقضي دينه، هو يصبر على الزيادة التي سموها الفائدة، والبنك يستفيد؛ لأنه يصرف هذه الأموال في جهات كثيرة، يصرفها في معاملات كثيرة، في شراء سلع، وفي صرف أموال بأموال، يستفيد.

وآخذ القرض قد يستفيد أيضًا فيما اقترض لأجله، في شراء سيارة يستعملها، في تزوج، في عمارة، في قضاء دين عليه قد أشغله صاحبه، إلى غير ذلك، قد يستفيد هذا وهذا، فكل منهما مستفيد، وإن كان بعض أهل الدين قد يكون مضطرًا، قد يكون محتاجًا إلى الدين، وإلى الزيادة التي يسمونها الفائدة، لكن هو مستفيد، وذاك مستفيد، كلاهما مستفيد. 

فالذي أعطى المال ويعطى الفائدة هو مستفيد، والبنوك مستفيدة فائدة أكثر؛ لأنها تتصرف تصرفات كثيرة بأموال عظيمة، ويحصل لها فوائد كثيرة، فهي أيضًا مستفيدة.

والربا محرم، سواء استفاد هذا أو هذا أو كلاهما، علينا أن نلتزم ما قاله الله ورسوله، وأن نحذر ما حرم الله ورسوله، وأما مراعاة الحكمة وتحققها وعدمها فهذا شيء آخر، إذا تحققت فنور على نور، وإذا تحققت الحكمة أو لم تعرف الحكمة لم يضرك ذلك، والحكمة في هذا واضحة؛ لأنهم يتساهلون في هذه الأمور ما دام يرجو هذه الفائدة، فهو يعطي الأموال الكثيرة، يرجو هذه الفائدة، وقد ينزل الله بها بأسه، فتتلف عليه أمواله، وتنزل العقوبة بصاحب المال، فيفلس وتذهب الأموال الكثيرة هدرًا من غير فائدة لهذا الذي وضع المال؛ فيخسر هذا وهذا، نسأل الله العافية.

ثم لو قدرنا أنه ربح ربحًا كثيرًا، وأنه أراد الربح؛ فليس هذا علة في الربا، بل هذا مما يحرم الربا، إذا كان المضطر يمنع من الربا وهو مضطر ومحتاج، فكيف بالذي هو متساهل يريد الزيادة، ويريد الفضل، ويريد التمتع بالزيادات وليس مضطرًا إليها؟! فهو أولى بأن يمنع من تعاطي الربا.

فتاوى ذات صلة