حكم الوعظ والإرشاد عند المقبرة

السؤال:

أقدم لسماحتكم هذه الوجيزة مستفتيًا عن حكم الإرشاد في المقبرة، وذلك أن يقوم شخص من بين الحضور في المقبرة، أو بيت الميت بالإرشاد والدعوة إلى الله، وإن كان جائزًا فما الدليل على جوازه من السنة، أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟

الجواب:

الإرشاد مطلوب في جميع الأوقات، والنصيحة في جميع الأوقات ليس لها حد محدود، النصيحة والإرشاد مطلوب في المقابر، وفي البيوت، وفي المساجد، وفي المجتمعات، في الطائرة، وفي السيارة، وفي القطار، وفي المركبات الفضائية، وفي كل مكان، النصيحة مطلوبة في كل وقت.

وثبت عن النبي ﷺ أنه كان ذات يوم في المقبرة عند قبر ينتظرون دفنه عند الميت، فشرع ينصحهم -عليه الصلاة والسلام- ويعلمهم، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: إن الميت إذا حضره أجله؛ نزل إليه ملائكة بيض الوجوه إذا كان مؤمنًا بيض الوجوه معهم كفن من الجنة، وحنوط من الجنة، فيجلسون منه مد البصر، فإذا خرجت روحه وقبضها ملك الموت؛ لم يدعها في يده حتى يأخذوها منه، ويضعوها في ذلك الحنوط، وذلك الكفن ثم ذكر حال الكافر وروحه، والملائكة سود الوجوه من جهته إلى غير ذلك .

ذكر في مجلس آخر أيضًا في مقبرة حين جاء ولم يتم حفر القبر، ولم يدفن الميت، جلس مع أصحابه، وقال لهم وهو عند القبر: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: يا رسول الله ففيم العمل إذا كانت مقاعدنا معلومة من الجنة والنار ففيم العمل، يعني: فلماذا نعمل؟ ألا نتكل على كتابنا، وندع العمل؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله تعالى:  فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ۝ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۝ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ۝ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10] 

فهذا يدل على أن الإرشاد والنصيحة والتوجيه عند المقبرة أمر مطلوب، ولا بأس به؛ لأن الناس عند المقبرة عندهم قلوب مقبلة، وعندهم شيء من اللين لمشاهدة الميت، والمقابر، فهم حريون بأن يتأثروا، وهكذا في البيوت إذا عزى المصابين، إذا جاءهم وزارهم وعزاهم، يذكرهم ويعظهم، ويقول: هذه سنة الله في عباده، الموت حق، ومن لم يمت اليوم مات غدًا، الطريق ماشٍ، وينصح، ويقول لهم: أبشروا واصبروا وصابروا والله يقول: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155] وما أشبه ذلك من الوعظ، والتذكير.

السؤال: أحد الإخوان قام وخطب فوق القبر، وكثير من الإخوان أنكروا عليه، وقالوا ما يجوز؟

الجواب: الذي نعلم أنه مشروع تذكير الناس على حسب الحال، إن كان المكان يعني المدة طويلة؛ بسط، وإن كان الناس مشغولين؛ خفف، لكن إذا كان الناس جالسين ينتظرون، والقبر لم يكمل، بعض الأحيان يكون القبر يحتاج إلى حفر، وإلى تحسين، وإلى إصلاح، فيجلسون، ويستمعون، وتارة قد يكون جهز كل شيء، فإذا ذكرهم؛ ولو قليلًا، ولو بكلمات قليلة؛ يكون أنفع، تأسيا بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

السؤال: لكن يا شيخ فعل هذا جائز؟

الجواب: مشروع، ومن قال: لا، يراجع السنة هي حاكمة على الجميع.

فتاوى ذات صلة