ج: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، أما بعد:
فقد ذكر لي بعض الثقات: أن بعض البادية يستعملون التيمم للصلاة مع توافر الماء لديهم، وهذا منكر عظيم يجب التنبيه عليه؛ وذلك لأن الوضوء للصلاة شرط من شروط صحتها عند وجود الماء، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة: 6].
وفي الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وقد أباح الله التيمم، وأقامه مقام الوضوء في حال فقد الماء، أو العجز عن استعماله لمرض ونحوه؛ للآية السابقة، ولقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 43].
وعن عمران بن حصين قال كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فصلى بالناس، فإذا هو برجل، معتزل فقال: ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال ﷺ: عليك بالصعيد فإنه يكفيك متفق عليه.
ومن هذا يعلم: أن التيمم للصلاة لا يجوز مع وجود الماء والقدرة على استعماله، بل الواجب على المسلم أن يستعمل الماء في وضوئه وغسله من الجنابة أينما كان، ما دام قادرًا عليه، وليس بمعذور في تركه والاكتفاء بالتيمم، وتكون صلاته حينئذ غير صحيحة؛ لفقد شرط من شروطها، هو: الطهارة بالماء عند القدرة عليه.
وكثير من البادية -هداهم الله- وغيرهم ممن يذهب إلى النزهة يستعملون التيمم، والماء عندهم كثير، والوصول إليه ميسر، وهذا بلا شك تساهل قبيح، وعمل منكر لا يجوز فعله؛ لكونه خلاف الأدلة الشرعية، وإنما يعذر المسلم في استعمال التيمم إذا بعد عنه الماء، أو لم يبق عنده منه إلا اليسير الذي يحفظه لإنقاذ حياته وأهله وبهائمه، مع بعد الماء عنه.
فالواجب على كل مسلم أينما كان أن يتقي الله سبحانه في جميع أموره، وأن يحذر ما حرمه الله عليه، ومن ذلك: التيمم مع وجود الماء والقدرة على استعماله.
وأسأل الله أن يوفقنا والمسلمين جميعا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وأهله وصحبه[1].
فقد ذكر لي بعض الثقات: أن بعض البادية يستعملون التيمم للصلاة مع توافر الماء لديهم، وهذا منكر عظيم يجب التنبيه عليه؛ وذلك لأن الوضوء للصلاة شرط من شروط صحتها عند وجود الماء، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة: 6].
وفي الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وقد أباح الله التيمم، وأقامه مقام الوضوء في حال فقد الماء، أو العجز عن استعماله لمرض ونحوه؛ للآية السابقة، ولقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 43].
وعن عمران بن حصين قال كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فصلى بالناس، فإذا هو برجل، معتزل فقال: ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال ﷺ: عليك بالصعيد فإنه يكفيك متفق عليه.
ومن هذا يعلم: أن التيمم للصلاة لا يجوز مع وجود الماء والقدرة على استعماله، بل الواجب على المسلم أن يستعمل الماء في وضوئه وغسله من الجنابة أينما كان، ما دام قادرًا عليه، وليس بمعذور في تركه والاكتفاء بالتيمم، وتكون صلاته حينئذ غير صحيحة؛ لفقد شرط من شروطها، هو: الطهارة بالماء عند القدرة عليه.
وكثير من البادية -هداهم الله- وغيرهم ممن يذهب إلى النزهة يستعملون التيمم، والماء عندهم كثير، والوصول إليه ميسر، وهذا بلا شك تساهل قبيح، وعمل منكر لا يجوز فعله؛ لكونه خلاف الأدلة الشرعية، وإنما يعذر المسلم في استعمال التيمم إذا بعد عنه الماء، أو لم يبق عنده منه إلا اليسير الذي يحفظه لإنقاذ حياته وأهله وبهائمه، مع بعد الماء عنه.
فالواجب على كل مسلم أينما كان أن يتقي الله سبحانه في جميع أموره، وأن يحذر ما حرمه الله عليه، ومن ذلك: التيمم مع وجود الماء والقدرة على استعماله.
وأسأل الله أن يوفقنا والمسلمين جميعا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وأهله وصحبه[1].
- نشرت في المجلة العربية في العدد (94) لشهر ذي القعدة من عام 1405هـ. وفي كتاب الدعوة (الفتاوى) لسماحته الجزء الثاني ص 52-54، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 10/ 190).