الجواب: الأحاديث الصحيحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في حال قضاء الحاجة كثيرة، تدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها في قضاء الحاجة، البول أو الغائط، وهذا في الصحراء أمر واضح وهو الحق؛ لأن الأحاديث صريحة في ذلك، فلا ينبغي ولا يجوز أبداً استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بالبول والغائط، أما في البنيان فاختلف العلماء في ذلك أكثر، فقال بعضهم: يجوز في البناء؛ لأنه ثبت عن رسول الله ﷺ أنه في بيت حفصة قضى حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة كما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قالوا: فهذا يدل على أنه لا بأس باستقبالها واستدبارها في البناء، لأن الإنسان مستور بالأبنية، والأصل أنه يفعل ذلك للتشريع ويتأسى به عليه الصلاة والسلام في أفعاله، فلما فعل ذلك دل على جوازه؛ لأنه قضى حاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة، فهذا يدل على جوازه في البناء، وقال آخرون: هذا لعله خاص به؛ لأنه إنما فعله في البيت ولم يشتهر ولم يفعله في الصحراء، فيدل هذا على أنه خاص به، وأنه يجب على المسلمين عدم الاستقبال وعدم الاستدبار حتى في البناء، عملاً بالأحاديث العامة التي فيها التعميم وعدم التخصيص، وهذا القول أظهر؛ أنه ينبغي عدم الاستقبال وعدم الاستدبار مطلقاً في البناء والصحراء، لكن كونه محرماً في البناء محل نظر؛ لأن الأصل عدم التخصيص به ﷺ، لكنه يحتمل أن يكون هذا قبل النهي، ويحتمل أنه خاص به عليه الصلاة والسلام، فلهذا لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء، فالأولى بالمؤمن أن لا يستقبل في الصحراء ولا في البناء وألا يستدبر، لكن في البناء أسهل وأيسر، ولا سيما عند عدم تيسر ذلك لوجود المراحيض الكثيرة إلى القبلة، فحينئذٍ يكون الإنسان معذوراً لأمرين:
الأمر الأول: وجود المراحيض التي إلى القبلة ويشق عليه الانحراف عنها.
والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي ﷺ للشام واستدباره الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة ، فهذا يدل على الجواز، والأصل عدم التخصيص له ﷺ بذلك، فيكون الفعل جائزاً، مع أن الأولى ترك ذلك في البناء، ويكون في الصحراء محرماً لعدم ما يخص ذلك، هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله جل وعلا أعلم.
المقدم: أحسنتم
الأمر الأول: وجود المراحيض التي إلى القبلة ويشق عليه الانحراف عنها.
والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي ﷺ للشام واستدباره الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة ، فهذا يدل على الجواز، والأصل عدم التخصيص له ﷺ بذلك، فيكون الفعل جائزاً، مع أن الأولى ترك ذلك في البناء، ويكون في الصحراء محرماً لعدم ما يخص ذلك، هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله جل وعلا أعلم.
المقدم: أحسنتم