معنى حديث «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه»

السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة سماحة الشيخ رسالة وصلت إلى البرنامج من الطائف باعثها أخونا محمد بن زرعة يسأل عن قول النبي ﷺ: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه نرجو أن تتفضلوا ببيان المقصود من قوله ﷺ: وأوتيت مثله معه؟ 

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومعنى (ومثله معه) يعني: أن الله أعطاه وحياً آخر وهو السنة التي تفسر القرآن وتبين معناه، كما قال الله : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44] فهو ﷺ أوحى الله إليه القرآن وأوحى إليه أيضاً السنة، وهي الأحاديث التي ثبتت عنه عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاملات وغير ذلك، فالسنة وحي ثاني أوحاه الله إليه عليه الصلاة والسلام، وهو يعبر عن ذلك بأحاديثه التي بينها للأمة، وتلاها على الأمة عليه الصلاة والسلام.
مثل قوله عليه الصلاة والسلام: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ومثل قوله ﷺ: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول ومثل قوله ﷺ: الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر إلى غير هذا.
فأحاديثه ﷺ وحي ثاني غير وحي القرآن، ومعناها وحي وألفاظها من النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يكون بعضها أحاديث قدسية من كلام الرب أوحاها الله إلى نبيه عليه الصلاة والسلام فتسمى أحاديث قدسية، وهي من كلام الله عز وجل وهي وحي ثاني غير وحي القرآن.
فالقرآن أنزل للإعجاز، وأما الأحاديث القدسية فهي أنزلت لما فيها من العظة والتذكير والأحكام التي تنفع الأمة، فهي وحي ثاني من الله للرسول عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4] فالوحي على هذا أنواع ثلاثة:
القرآن الكريم: وهو الذي جعله الله معجزة عظيمة مستمرة لرسول الله عليه الصلاة والسلام لفظه ومعناه، وبين فيه أحكامه ، وهو كلامه  لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
والوحي الثاني: أحاديث قدسية من كلام الله عز وجل، أوحاها الله لنبيه ﷺ وليس من القرآن، مثل قوله ﷺ عن الله أنه قال سبحانه: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديتهه فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم،، يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني إلى آخره، في أحاديث أخرى عن الله .
والوحي الثالث: وحي أوحاه الله إليه وخبر عنه النبي ﷺ وبينه للأمة، فهو من الله وحي وهو من كلام النبي ﷺ لا من كلام الله مثلما تقدم في قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ومثل قوله ﷺ: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ومثل قوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ومثل قوله ﷺ في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة عنه عليه الصلاة والسلام.
فهي كلها وحي لكنها وحي بالمعنى وألفاظها ألفاظ النبي عليه الصلاة والسلام.
وهي من جهة الله أوحاها الله إلى نبيه، وأخبره بها ونزل بها الوحي إليه عليه الصلاة والسلام ليبلغها الناس في أحكام دينهم من العبادات وغيرها. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً المثلية من حيث الوحي سماحة الشيخ من حيث كون..
الشيخ: من حيث الوحي نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة