بيان أنساك الحج الثلاثة

السؤال: أخونا السوداني الكسلاوي بابكر صالح الشريسابي يسأل ويقول: أعلم أن الحج ثلاثة أقسام: قران، وتمتع، وإفراد، وأريد منكم أن تحدثوني عن كل جزاكم الله خيرًا؟

الجواب: نعم، هو كما ذكرت، الأنساك ثلاثة: حج مفرد، وعمرة مفردة، وقران بينهما، وقد أجمع العلماء على جواز الأنساك الثلاثة والحمد لله، وإنما اختلفوا في الأفضل، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الأفضل هو التمتع بالعمرة، كون المتوجه من بلده إلى مكة يحرم بالعمرة أولًا، إذا كان في أشهر الحج يحرم بالعمرة متمتعًا بها إلى الحج فيلبي فيقول: اللهم لبيك عمرة، أو اللهم قد أوجبت عمرة ونحو هذه العبارة، بعدما يتأهب لذلك، بعدما يغتسل ويتطيب هذا هو الأفضل، يغتسل ويتطيب في بيته أو في المطار أو في بيت إن كان قريب من المطار أو في الطريق يغتسل ويتنظف ويأخذ ما يحتاج إلى أخذه من قص شارب أو قلم ظفر أو نتف إبط أو حلق عانة إذا دعت الحاجة إلى ذلك من باب النظافة، ويتطيب في بدنه في لحيته ورأسه وبدنه لا في الملابس بل في بدنه، ثم يلبس ملابس الإحرام إزارًا ورداء إن كان رجلًا، والمرأة تلبس ما شاءت من الملابس لكن تكون ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر حتى لا تفتن أحدًا بسبب الخلطة في المطاف بالطواف وغيره، ثم بعد هذا كله يركب المؤمن أو المؤمنة السيارة فيلبي وهو في السيارة راكبًا؛ لأن الرسول ﷺ كان يلبي إذا انبعثت به راحتله إذا قام به جمله لبى بعد ذلك وهو راكب عليه الصلاة والسلام هذا هو الأفضل، وإن أحرم وهو في الأرض قبل أن يركب فلا بأس، لكن الأفضل أنه يتأهب وهو في الأرض بما شرع الله من الغسل والطيب والتنظف ثم يلبس ملابس الإحرام ثم يركب، ثم يلبي بعد الركوب فيقول: اللهم لبيك عمرة؛ إذا كان متمتعًا بالعمرة إلى الحج، أو كان قصد العمرة في غير أوقات الحج كرمضان وغيره.
فإذا وصل إلى مكة وهو متمتع بالعمرة إلى الحج بعد رمضان طاف وسعى وقصر وتحلل، فإذا طاف بالبيت سبعة أشواط، ثم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، ... بدأها بالصفا وختم بالمروة.
أما الطواف يبدأ بالحجر الأسود ويختم به، بالحجر الأسود يبدأ به ويختم به سبعة أشواط من وراء الحجر لا يدخل الحِجر، لا يدخل في الفرجة التي في الحِجر لا، بل يطوف من وراء الحِجر وقد يغلط بعض الحجاج في ذلك، فالواجب أن يطوف من وراء الحِجر سبعة أشواط من الحَجر إلى الحَجر، ثم يصلي ركعتين، ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان من الحرم، ثم بعد ذلك يذهب إلى السعي فيسعى سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، ويمشي مشي العادة إلا في بطن الوادي فإنه يهرول بين العلمين الموضوعين هناك، ويكبر على الصفا والمروة، يكبر الله، ويذكره، ويدعوه ثلاث مرات، كما أنه يذكر الله ويدعوه في الطواف بما يسر الله له، وإن قرأ القرآن فلا بأس، ليس فيه شيء محتم ما تيسر ، يذكر الله في طوافه ويدعو في طوافه ويقرأ القرآن كله طيب والحمد لله.
وهكذا في السعي يدعو الله بما تيسر ويذكر الله بما تيسر ويقرأ القرآن إذا أحب، وعلى الصفا يكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات كما فعله النبي ﷺ، وهكذا على المروة، فالبدء يكون بالصفا والختام يكون بالمروة، ثم يحلق إن كان رجلًا أو يقصر وتمت العمرة، والمرأة تقصر فقط ليس لها حلق لا تحلق رأسها، ولكن تقصر من كل أطراف الشعر قليلًا، إن كان الشعر مفتول من كل عميلة قليل، وإن كان غير مفتول بل منقوض جمعت شعرها وقصت من أطرافه قليلًا والرجل كذلك، وبهذا تمت العمرة، وحل للرجل والمرأة كل شيء حرم عليهم بالإحرام، حل له جماع زوجته، حل له لبس المخيط، حل له الطيب كسائر الحلال كسائر المحلين.
فإذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة لبى بالحج الرجل والمرأة، هذا هو الأفضل وهذا هو الذي أمر به النبي ﷺ أصحابه في حجة الوداع لما قدموا وبعضهم قد أحرم بالحج مفردا، وبعضهم قد أحرم بالحج والعمرة جميعًا قارنًا، قال لهم: اجعلوها عمرة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، فلما كان يوم الثامن أمرهم أن يلبوا بالحج عند توجههم إلى منى، أما هو ﷺ فكان قد أحرم بالحج والعمرة جميعًا قارنًا لأن معه الهدي، لأنه قد ساق معه إبلًا من المدينة هديًا تذبح في مكة، والمهدي لا يحل؛ فلهذا أحرم بالحج والعمرة جميعًا فمن كان مثل النبي ﷺ أحرم بالحج والعمرة جميعًا، إذا كان مهديًا إبلًا أو بقرًا أو غنمًا يلبي بالحج والعمرة جميعًا هذا هو الأفضل، ولا يحل حتى يحل يوم النحر.
النسك الثاني: الإحرام بالحج والعمرة جميعًا، يقول: اللهم لبيك عمرة وحجًا. في الميقات ميقات بلده، هذا هو النسك الثاني، والأفضل تركه، وهو أن يقول: اللهم لبيك عمرة وحجًا، أو يقول: اللهم لبيك عمرة، ثم في أثناء الطريق يلبي الحج ويدخله على العمرة فيكون قارنًا بين الحج والعمرة، فإن كان معه هدي فهذا هو الأفضل له، ويبقى على إحرامه حتى يوم العيد مثلما فعل النبي ﷺ، وإن كان ما معه هدي شرع له أن يحل كما حل الصحابة بأمر النبي ﷺ فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة، وإن كان قد لبى بالحج والعمرة جميعًا عند الميقات، فالسنة له أن يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ويجعل إحرامه عمرة ويسمى فسخًا يقال: فسخ إحرامه من القران إلى العمرة كما أمر النبي أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام.
وهكذا يفعل من أحرم بالحج من الميقات مفردًا وهو النسك الثالث قال: اللهم لبيك حجا، أو اللهم قد أوجبت حجا، يعني: في الميقات، فإن كان معه هدي يبقى على إحرامه ولا يحل حتى يحل يوم العيد، وإن كان ما معه هدي ليس معه إبل ولا بقر ولا غنم؛ فإنه يفسخ حجه بالعمرة مثلما فعل القارن سابقًا، فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، تكون عمرة، كما أمر النبي ﷺ أصحابه المفردين بذلك، فإذا كان اليوم الثامن لبى بالحج قال: اللهم لبيك حجا، يعني: يغتسل ويتطيب مثلما فعل في الميقات، إذا تيسر يغتسل ويتطيب ويتنظف إن احتاج إلى ذلك من قص الشارب ونحوه ثم يلبي بالحج وهو في منزله في خيمته .. في الأبطح .. في داخل مكة، في أي مكان، يفعل ما يشرع من الآداب الشرعية عند إحرامه .. الغسل والطيب ونحو ذلك، ثم يلبي في مكانه ما في حاجة يدخل إلى مكة حتى يطوف، ما في وداع عند الخروج إلى منى ما في وداع، يحرم من منزله سواء كان في الأبطح أو كان في ...، أو كان في أي مكان من مكة أو في ضواحيها يحرم من مكانه في الخيام أو في المنازل هذه السنة، وإن دخل مكة وطاف فلا حرج، لكن خلاف السنة، السنة أنه يحرم من مكانه ويتوجه إلى منى ملبيًا، والأفضل إذا كان عنده مركوب؛ ألا يلبي حتى يركب كما تقدم في الميقات هذا هو الأفضل، فإن كان ماشيًا على قدميه إلى منى فعند توجهه ماشيًا يلبي، يقول: اللهم لبيك حجًا، ثم يكثر من التلبية في الطريق من الميقات، الذي أحرم من الميقات يلبي، والذي أحرم من منزله بالحج يلبي كلهم يلبون، من الميقات إلى مكة، ومن منزله حين خروجه إلى منى كذلك يلبي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، النبي كان يلبي بهذه التلبية عليه الصلاة والسلام في طريقه من المدينة إلى أن وصل مكة يكثر منها ويرفع صوته عليه الصلاة والسلام، يقول: «إن جبرائيل أمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال» يعني: بالتلبية، فكان يلبي ويجهر ويأمر أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام؛ لأن هذا شعار الحج شعار عظيم، فالسنة رفع الأصوات بذلك ... رفعًا لا يضر أحدًا، هذا هو السنة، وهذه هي الأنساك الثلاثة وهذه أعمالها. نعم..
المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة