الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد علم أن ترك الصلاة تهاونًا من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر.
واختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تاركها هل يكون كافرًا كفرًا أكبر، أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر؟ على قولين لأهل العلم فمنهم من قال: إنه يكون كافرًا كفرًا أصغر كما ذكره السائل عن الشافعية وهكذا عن المالكية والحنفية وبعض الحنابلة، وقالوا: إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر، وتعلقوا بالأحاديث الدالة على أن من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة، وهذا موحد مات على توحيد الله فلا يكون كافرًا كفرًا أكبر.
أما إذا جحد وجوبها قال: إنها غير واجبة، فهذا قد أجمع العلماء على كفره إذا اعتقد أنها غير واجبة وقال: أنها لا تجب من شاء صلى ومن شاء ترك، فهذا قد أجمع علماء المسلمين على أنه كافر كفرًا أكبر، عند الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وغيرهم من أهل العلم، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونًا فقط وهو يؤمن بوجوبها.
وقال بعض أهل العلم: إنه يكون كافرًا كفرًا أكبر، وهو المنقول عن الصحابة عن أصحاب النبي ﷺ فإنه ثبت من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله ﷺ يرون شيئًا تركه كفر غير الصلاة ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة على الميت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنه كفر أصغر، فعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر، ليس من جنس ما ورد في النصوص تسميته كفرًا وهو كفر أصغر.
واحتجوا أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، واحتجوا أيضًا بما رواه الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، وبقوله ﷺ لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وفي اللفظ الآخر: إلا أن تروا كفرًا بواح.
فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح فيه أدلة أخرى، وهذا هو القول الصواب وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر، لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس، يقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10].
فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر ولو كان ذلك تهاونًا من غير جحد للوجوب.
أما بعد: فقد علم أن ترك الصلاة تهاونًا من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر.
واختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تاركها هل يكون كافرًا كفرًا أكبر، أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر؟ على قولين لأهل العلم فمنهم من قال: إنه يكون كافرًا كفرًا أصغر كما ذكره السائل عن الشافعية وهكذا عن المالكية والحنفية وبعض الحنابلة، وقالوا: إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر، وتعلقوا بالأحاديث الدالة على أن من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة، وهذا موحد مات على توحيد الله فلا يكون كافرًا كفرًا أكبر.
أما إذا جحد وجوبها قال: إنها غير واجبة، فهذا قد أجمع العلماء على كفره إذا اعتقد أنها غير واجبة وقال: أنها لا تجب من شاء صلى ومن شاء ترك، فهذا قد أجمع علماء المسلمين على أنه كافر كفرًا أكبر، عند الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وغيرهم من أهل العلم، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونًا فقط وهو يؤمن بوجوبها.
وقال بعض أهل العلم: إنه يكون كافرًا كفرًا أكبر، وهو المنقول عن الصحابة عن أصحاب النبي ﷺ فإنه ثبت من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله ﷺ يرون شيئًا تركه كفر غير الصلاة ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة على الميت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنه كفر أصغر، فعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر، ليس من جنس ما ورد في النصوص تسميته كفرًا وهو كفر أصغر.
واحتجوا أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، واحتجوا أيضًا بما رواه الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، وبقوله ﷺ لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وفي اللفظ الآخر: إلا أن تروا كفرًا بواح.
فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح فيه أدلة أخرى، وهذا هو القول الصواب وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر، لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس، يقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10].
فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر ولو كان ذلك تهاونًا من غير جحد للوجوب.
وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد فيقال: إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد بل يكون مات على الكفر، قوله ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها والصلاة من حقها.
ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في الصحيحين يقول ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله، ويقول جل وعلا عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر:42-46].
فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، ذكر أن من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، نسأل الله العافية، فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة تهاونًا أو جحدًا لوجوبها، ومن جحد وجوبها كفر إجماعًا، ومن تركها تهاونًا وتساهلًا بها كفر في أصح قولي العلماء، فالواجب الحذر، نسأل الله للمسلمين العافية والسلامة. نعم.
ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في الصحيحين يقول ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله، ويقول جل وعلا عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر:42-46].
فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، ذكر أن من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، نسأل الله العافية، فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة تهاونًا أو جحدًا لوجوبها، ومن جحد وجوبها كفر إجماعًا، ومن تركها تهاونًا وتساهلًا بها كفر في أصح قولي العلماء، فالواجب الحذر، نسأل الله للمسلمين العافية والسلامة. نعم.
المقدم: إذن ما قيل في البرنامج هو الصحيح وهو الراجح؟
الشيخ: نعم، هو الصواب. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ بالنسبة للمتأوِّلين عن علم أو عن غير علم كقولهم مثلاً: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، بعضهم مثلاً نوقش في موضوع الصلاة فقال: إن رسول الله ﷺ يقول: الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس في فهم النصوص وكيف يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد.
الشيخ: يقول النبي ﷺ: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهما إذا اجتنب الكبائر، هكذا جاء الحديث: إذا اجتنب الكبائر وترك الصلاة من أكبر الكبائر حتى على القول بأنها ليس تركها كفرًا أكبر فتركها من أكبر الكبائر.
وفي لفظ آخر قال: ما لم تُغْشَ الكبائر فمن أتى الكبائر لم تكفر عنه الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ولا الجمعة ولا غير ذلك، ولهذا قال جمهور أهل العلم: إن أداء الفرائض وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال جل وعلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] يعني: الصغائر وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا[النساء:31]، فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة؛ فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر.
المقدم: بشرط.
الشيخ: اجتناب الكبائر، مثل قوله ﷺ: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وقوله: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه، يعني: إذا ترك المعاصي ترك الكبائر، ولهذا قال: لم يرفث ولم يفسق، وهكذا قوله: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، المبرور ليس معه إصرار على الكبائر، وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول ﷺ تكفير السيئات بالعمل الصالح يعني: عند اجتناب الكبائر، كقوله ﷺ: إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده، يعني: عند اجتناب الكبائر، هكذا قوله ﷺ في صوم يوم عاشوراء إنه يكفر السنة التي قبله يعني: عند اجتناب الكبائر؛ لقوله سبحانه وتعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، ولقوله ﷺ: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر، إذا اجتنب الكبائر، ما اجتنبت الكبائر ألفاظ جاءت في الحديث عن النبي ﷺ، ولما ذكر الوضوء عليه الصلاة والسلام وأن من توضأ نحو وضوئه ﷺ غفر له قال: ما لم تصب المقتلة قال العلماء: والمقتلة هي الكبيرة، يعني عند اجتناب الكبائر، نسأل الله السلامة والعافية. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذه الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذه المعاصي العظيمة الكبيرة، المعاصي العظيمة التي جاء فيها الوعيد إما بغضب أو لعنة أو نار أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة، والزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل أموال اليتامى، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، والقتل للنفس بغير حق، وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد إما بغضب من الله على فاعله أو لعنة أو وعيد من نار أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك، هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم أن الكبيرة: ما كان فيه حدٌّ في الدنيا أو جاء فيه وعيد بنار أو غضب أو لعن.
وقال بعض أهل العلم: يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها، أو يتبرأ منه النبي ﷺ فإنه تلحق بالكبائر، كقوله ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة يعني: عند المصيبة، الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها، والحالقة: التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة: التي تشق ثوبها.
وفي اللفظ الآخر: ليس منا من شق الجيوب أو ضرب الخدود أو دعا بدعوى الجاهلية، فهذا يدل على أن هذه من الكبائر عند جمع من أهل العلم لأجل هذا الوعيد (ليس منا) (أنا بريء) ونفي الإيمان مثل قوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقوله ﷺ: والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه يعني: ظلمه وعدوانه، وما أشبه ذلك من النصوص.
هذا يقول بعض أهل العلم: إنها أيضاً تلحق بالكبائر، إذا نفي الإيمان عن صاحبه أو تبرأ منه النبي ﷺ أو قال فيه: (ليس منا)، فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة أو الغضب أو الوعيد بالنار أو فيها الحد؛ حد السرقة وحد الزنا وحد القذف ونحو ذلك. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، لا أدري عن السحر عن الغيبة عن النميمة سماحة الشيخ هل تلحق بالكبائر أو لا؟
الشيخ: السحر كفر أكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بالشرك بعبادة الجن ودعوتهم من دون الله، ولهذا قال سبحانه في السحر عن الملكين: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فجعلوا تعليم السحر وتعلمه كفر نسأل الله العافية، وقال في هذه الآيات سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ [البقرة:102] يعني: السحر مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] أي: من حظ ولا نصيب، وقال: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103]، فدل على أنه ضد الإيمان وضد التقوى نسأل الله العافية.
فالسحر يتوصل إليه بعبادة الشياطين عبادة الجن من دون الله، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور ونحو ذلك، فلهذا روي عنه ﷺ أنه قال: من سحر فقد أشرك، وقال عليه الصلاة والسلام: اجتنبوا السبع الموبقات. قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات رواه البخاري و مسلم في الصحيحين.
فجعل السحر قرين الشرك وقدمه على القتل؛ لأنه ضرب من الشرك وعبادة للجن من دون الله والتقرب إليهم مما يريدون منه من دعاء أو استغاثة أو ذبح أو نذر حتى يعلموه بعض الشيء، وهو من طريق الشياطين كما قال سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فجعل تعليمهم الناس السحر كفراً وضلالاً نسأل الله العافية.
وكذلك الغيبة والنميمة من الكبائر لما جاء فيهما من الوعيد، والغيبة: ذكر الإنسان أخاه بما يكره؛ بخيل.. جبان.. شرس الأخلاق.. كذا كذا وكذا، والنميمة: نقل الكلام الذي يسبب الفتنة من شخص إلى شخص، أو من جماعة إلى جماعة، أو من قبيلة إلى قبيلة، كأن يقول: سمعت فلان يقول فيكم كذا أنكم بخلاء أنكم جبناء، أو يقول لزيد: سمعت فلان يقول فيك: إنك زناء أنك خبيث أنك جبان أنك تتبع مواقف التهم أنك .. يعني: يأتي بأشياء تسبب الفتنة بينه وبين المنقول عنه، هذه هي النميمة، والله يقول سبحانه: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10-11]، ويقول الله جل وعلا: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12] ويقول النبي ﷺ لما سئل عن الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: يا رسول الله! إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته، فصار المغتاب على شر إن صدق فهو مغتاب وإن كذب فهو باهت.
وقال ﷺ: رأيت ليلة أسري بي رجالاً لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لي: هؤلاء الذي يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، فهذا يدل على شدة الوعيد في هذا وأنها من الكبائر، وقال عليه الصلاة والسلام: لا يدخل الجنة نمام متفق على صحته، فدل ذلك على أن النميمة والغيبة من الكبائر نسأل الله العافية.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
الشيخ: نعم، هو الصواب. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ بالنسبة للمتأوِّلين عن علم أو عن غير علم كقولهم مثلاً: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، بعضهم مثلاً نوقش في موضوع الصلاة فقال: إن رسول الله ﷺ يقول: الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس في فهم النصوص وكيف يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد.
الشيخ: يقول النبي ﷺ: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهما إذا اجتنب الكبائر، هكذا جاء الحديث: إذا اجتنب الكبائر وترك الصلاة من أكبر الكبائر حتى على القول بأنها ليس تركها كفرًا أكبر فتركها من أكبر الكبائر.
وفي لفظ آخر قال: ما لم تُغْشَ الكبائر فمن أتى الكبائر لم تكفر عنه الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ولا الجمعة ولا غير ذلك، ولهذا قال جمهور أهل العلم: إن أداء الفرائض وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال جل وعلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] يعني: الصغائر وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا[النساء:31]، فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة؛ فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر.
المقدم: بشرط.
الشيخ: اجتناب الكبائر، مثل قوله ﷺ: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وقوله: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه، يعني: إذا ترك المعاصي ترك الكبائر، ولهذا قال: لم يرفث ولم يفسق، وهكذا قوله: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، المبرور ليس معه إصرار على الكبائر، وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول ﷺ تكفير السيئات بالعمل الصالح يعني: عند اجتناب الكبائر، كقوله ﷺ: إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده، يعني: عند اجتناب الكبائر، هكذا قوله ﷺ في صوم يوم عاشوراء إنه يكفر السنة التي قبله يعني: عند اجتناب الكبائر؛ لقوله سبحانه وتعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، ولقوله ﷺ: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر، إذا اجتنب الكبائر، ما اجتنبت الكبائر ألفاظ جاءت في الحديث عن النبي ﷺ، ولما ذكر الوضوء عليه الصلاة والسلام وأن من توضأ نحو وضوئه ﷺ غفر له قال: ما لم تصب المقتلة قال العلماء: والمقتلة هي الكبيرة، يعني عند اجتناب الكبائر، نسأل الله السلامة والعافية. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. هذه الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذه المعاصي العظيمة الكبيرة، المعاصي العظيمة التي جاء فيها الوعيد إما بغضب أو لعنة أو نار أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة، والزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل أموال اليتامى، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، والقتل للنفس بغير حق، وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد إما بغضب من الله على فاعله أو لعنة أو وعيد من نار أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك، هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم أن الكبيرة: ما كان فيه حدٌّ في الدنيا أو جاء فيه وعيد بنار أو غضب أو لعن.
وقال بعض أهل العلم: يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها، أو يتبرأ منه النبي ﷺ فإنه تلحق بالكبائر، كقوله ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة يعني: عند المصيبة، الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها، والحالقة: التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة: التي تشق ثوبها.
وفي اللفظ الآخر: ليس منا من شق الجيوب أو ضرب الخدود أو دعا بدعوى الجاهلية، فهذا يدل على أن هذه من الكبائر عند جمع من أهل العلم لأجل هذا الوعيد (ليس منا) (أنا بريء) ونفي الإيمان مثل قوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقوله ﷺ: والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه يعني: ظلمه وعدوانه، وما أشبه ذلك من النصوص.
هذا يقول بعض أهل العلم: إنها أيضاً تلحق بالكبائر، إذا نفي الإيمان عن صاحبه أو تبرأ منه النبي ﷺ أو قال فيه: (ليس منا)، فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة أو الغضب أو الوعيد بالنار أو فيها الحد؛ حد السرقة وحد الزنا وحد القذف ونحو ذلك. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، لا أدري عن السحر عن الغيبة عن النميمة سماحة الشيخ هل تلحق بالكبائر أو لا؟
الشيخ: السحر كفر أكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بالشرك بعبادة الجن ودعوتهم من دون الله، ولهذا قال سبحانه في السحر عن الملكين: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فجعلوا تعليم السحر وتعلمه كفر نسأل الله العافية، وقال في هذه الآيات سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ [البقرة:102] يعني: السحر مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] أي: من حظ ولا نصيب، وقال: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103]، فدل على أنه ضد الإيمان وضد التقوى نسأل الله العافية.
فالسحر يتوصل إليه بعبادة الشياطين عبادة الجن من دون الله، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور ونحو ذلك، فلهذا روي عنه ﷺ أنه قال: من سحر فقد أشرك، وقال عليه الصلاة والسلام: اجتنبوا السبع الموبقات. قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات رواه البخاري و مسلم في الصحيحين.
فجعل السحر قرين الشرك وقدمه على القتل؛ لأنه ضرب من الشرك وعبادة للجن من دون الله والتقرب إليهم مما يريدون منه من دعاء أو استغاثة أو ذبح أو نذر حتى يعلموه بعض الشيء، وهو من طريق الشياطين كما قال سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فجعل تعليمهم الناس السحر كفراً وضلالاً نسأل الله العافية.
وكذلك الغيبة والنميمة من الكبائر لما جاء فيهما من الوعيد، والغيبة: ذكر الإنسان أخاه بما يكره؛ بخيل.. جبان.. شرس الأخلاق.. كذا كذا وكذا، والنميمة: نقل الكلام الذي يسبب الفتنة من شخص إلى شخص، أو من جماعة إلى جماعة، أو من قبيلة إلى قبيلة، كأن يقول: سمعت فلان يقول فيكم كذا أنكم بخلاء أنكم جبناء، أو يقول لزيد: سمعت فلان يقول فيك: إنك زناء أنك خبيث أنك جبان أنك تتبع مواقف التهم أنك .. يعني: يأتي بأشياء تسبب الفتنة بينه وبين المنقول عنه، هذه هي النميمة، والله يقول سبحانه: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10-11]، ويقول الله جل وعلا: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12] ويقول النبي ﷺ لما سئل عن الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: يا رسول الله! إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته، فصار المغتاب على شر إن صدق فهو مغتاب وإن كذب فهو باهت.
وقال ﷺ: رأيت ليلة أسري بي رجالاً لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لي: هؤلاء الذي يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، فهذا يدل على شدة الوعيد في هذا وأنها من الكبائر، وقال عليه الصلاة والسلام: لا يدخل الجنة نمام متفق على صحته، فدل ذلك على أن النميمة والغيبة من الكبائر نسأل الله العافية.
المقدم: جزاكم الله خيراً.