كيفية التخلص من الوسوسة

السؤال: سماحة الشيخ تذكرت الآن رسالة وصلت إلى البرنامج عن طريق هذا البريد المسمى بالبريد الإلكتروني وباعث هذه الرسالة أحد الإخوة رمز إلى اسمه بقوله في نهاية الرسالة: ثلاثة ثلاثة، ألف وأربعمائة وثمانية مما استطعت فهمه في تلكم الرسالة نظرًا لرداءة التصوير أن أخانا أصيب بالوسوسة في كثير من الأمور وأهمها الوضوء حيث وصل به الحال إلى أن يترك من يتابعه ويعد مرات غسله لأعضائه، ويناقش في الإجابة المتوقعة حتى إنه يقول: ستقول سماحة الشيخ: اتقوا الله ما استطعتم. فكيف تكون استطاعتي؟ ويقول: إن مرضه لخصه الأطباء بأنه من الوسوسة القهرية. ويرجو توجيهه جزاكم الله خيرا؟

الجواب: هذه الوساوس التي يبتلى بها بعض الناس في الوضوء أو في الصلاة أو في غير ذلك كلها من الشيطان، والله أرشدنا سبحانه للتعوذ منه، فقال : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4] فعليك أن تتعوذ بالله من شر هذا العدو دائمًا، عند الوضوء وعند الصلاة وفي غير هذا من شئونك، إذا هجم عليك بالوسوسة فهو عدوك كما قال الله سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] ، ويقول : وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200] فعليك أن تستعيذ بالله عند الوضوء وعند الصلاة، حاربه محاربة قوية، فإذا توضأت فلا ترجع تقول: ما توضأت. وأنت ترى يديك مغسولة وترى وجهك مغسول .. ترى رجليك مغسولة، تكذب عينك وترجع إلى طاعة الشيطان، استقم إذا توضأت لا ترجع سو مرة أو مرتين أو ثلاث، النهاية ثلاث، إذا غسلت العضو ثلاث مرات انتهى لا تزيد على هذا شيء، فالنبي ﷺ ما زاد على الثلاث، وجاء عنه ﷺ أنه قال: من زاد فقد أساء وتعدى وظلم فليس لك الزيادة، إذا تمضمضت واستنشقت مرة أو مرتين أو ثلاث الحمد.. يكفي، ولا توسوس واحذر.
وإذا غسلت وجهك ثلاثًا فهذا هو النهاية بمر الماء، عليه: ثلاث مرات، وهكذا إذا غسلت وجهك ويديك كذلك اليمنى واليسرى كل واحدة ثلاث، ويكفي مرة أن يعمها الماء أو مرتان يكفي، لكن الثلاث هي النهاية، ثم تمسح رأسك مع أذنيك مرة واحدة بالماء، ثم تغسل رجليك، اليمنى ثلاثًا واليسرى ثلاثًا، ويجوز مرتين، ويجوز مرة إذا عمها الماء، فلا تطع الشيطان لابد من حرب مع عدو الله، خلك قوي، يقول النبي ﷺ: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف لا تكن ضعيفًا للشيطان عدوك، لو جاء واحد من الناس يخاصمك أو يطالبك بشيء ألا تكون قويًا في دفع الشر عنك في الخصومة؟ أو يريد ضربك ألا تكون قويًا في دفعه؟ هذا أعدى هذا خبيث يريد هلاكك يريد دخولك النار، فلابد أن تكون قويًا في حربه في الوضوء وفي الصلاة وفي كل شيء، استحضر عقلك اعرف أنك معادى وأنه خصمك، وأنه عدوك، وأنه حرب لك، فكيف تطاوعه؟ لابد من قوة، ولابد من تعوذ بالله من الشيطان حتى تسلم من شره ومكائده، واسأل ربك العافية من شره وكن قويًا لا تتساهل مع ذلك ولا تمل إليه تقول: أخاف أخاف ما كملت، لا، اجزم أنك كملت وأنك أديت الواجب وانتقل إلى العضو الثاني وهكذا، وإذا كملت فلا ترجع تقول: ما توضأت أو ما صليت، لا-الحمد لله- اجزم بأنك فعلت حتى لا يغلبك عدو، حتى لا يستولي عليك فيجعلك ضمن المجانين، نسأل الله لك التوفيق والهداية. نعم.
المقدم: اللهم آمين، هل تنصحونه بأوراد معينة سماحة الشيخ لعل الله سبحانه وتعالى يشفيه من هذا البلاء؟
الشيخ: ننصحه نعم، ننصحه بأن يقول بعد كل صلاة إذا فرغ من الذكر يقرأ آية الكرسي، ويقرأ (قل هو الله أحد) مع المعوذتين بعد كل صلاة، هذا من أسباب السلامة، ويكرر (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم يقرأ آية الكرسي أيضًا ويقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب السلامة، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا اشتد عليه ينفث عن يساره ثلاث مرات يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويذهب عنه إن شاء الله إذا كان قويًا. نعم.
المقدم: تركزون على القوة سماحة الشيخ ... ؟
الشيخ: نعم، لابد من القوة، هو عدو، والعدو يحتاج إلى قوة؛ لأن العدو إذا رأى من خصمه الضعف استولى عليه وهجم عليه وأخذ سلاحه، فلابد يكون قويًا حتى يستطيع أن يرده ويصده عنه بقوة إيمانه وقوة تقواه وثقته بالله وإيمانه به وأنه سبحانه مع من اتقى مع من صلح، الله يقول: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:194] من اتقى الله فهو معه يعينه على عدوه، ويقول: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46] يصبر على محاربته، والقوة في جهاده حتى يسلم من مكائده.
المقدم: تتعدد أوجه القوة سماحة الشيخ ذكرتم بعضًا منها الآن زيدوا أخانا لعل الله ينفع بهذا اللقاء؟
الجواب: يكون قويًا في كل شيء، قويًا في صلاته.. في صومه.. في وضوئه.. في ذكره لله.. في تركه للمحارم.. في حذره من الوساوس وجهاده لها وعلمه بأنها باطلة، وأنها من عند عدو الله حتى يطرحها وحتى يعاديها وحتى يحذرها غاية الحذر، هكذا يكون المؤمن أبدًا قويًا في أموره كلها.
المقدم: ترون من أسباب القوة أو من القوة أن يبعد هؤلاء الذين يراقبونه عند وضوئه لا داعي لهم؟
الجواب: نعم، لا حاجة إليهم، يبعدهم ولا يحتاج إلى هذا، ما دام عاقل معه عقل، إذا كان مجنون ما له صلاة، ما دام عنده عقل يعرف أنه عاقل فلا يدع الشيطان يغلب عليه، ولا يحضر أحد يعد له لا في صلاته ولا في وضوئه هو نفسه يعد، هو نفسه ولا حاجة إلى أحد إلا إذا كان يرى نفسه مجنون، فالمجنون مرفوع عنه القلم.
المقدم: نفع الله بكم .. نفع الله بكم.

فتاوى ذات صلة