الجواب: وهذا مثل ما تقدم؛ لأن مشاهدة صاحب الغيرة وصاحب العلم للمنكرات الكثيرة وقلة المنكرين لها وفشوها في غالب المجتمعات، لاشك أنه يؤلم المؤمن ولاشك أنه يجد منه ..... في قلبه وحسرة في قلبه لكونه يعجز عن إنكار هذا المنكر والقضاء عليه فيتألم لذلك، حتى بلغنا عن بعض السلف أنه كان إذا رأى المنكر يبول دماً من شدة ما يقع في قلبه من التألم.
فالحاصل أن أصحاب الغيرة وأصحاب العلم والفضل يتألمون كثيراً مما يشاهدونه من المنكرات وهم عاجزون عن إنكارها والقضاء عليها، ويفرحون إذا وجد من ينكرها ويستطيع الدعوة إلى تركها، فهذا لاشك أنه يبشر بالخير ولكن نبشرهم أنهم على خير وأنه ينبغي لهم أن لا ييأسوا وأن لا يقنطوا وأن يستمروا في إنكار المنكر حسب طاقتهم وأنه لا يكفي مجرد التألم بل لابد مع التألم من إنكار المنكر بالطرق التي شرعها الله باليد عند القدرة ثم اللسان عند القدرة ثم القلب كراهة المنكر وعدم المجالسة لأهله، هكذا يكون المؤمن أينما كان ولا ييئس أبداً، فالله يقول: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87].
فالواجب على المؤمن وعلى طالب العلم وعلى المؤمنة وعلى طالبة العلم أن يبذل كل منهم ما استطاع في هذا السبيل وأن لا ييئس بل يكون أينما كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر داعياً إلى الله مرشدًا لعباد الله بما أعطاه الله مما علمه الله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ولو هدى الله على يده واحداً كان خيرًا عظيمًا ولو هدى الله على يديها امرأة واحدة كان خيرًا عظيمًا، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لـعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين لما بعثه إلى خيبر ليدعو اليهود -سكان خيبر ذاك الوقت- إلى الإسلام، قال له ﷺ: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم يبين له أن ليس المقصود قتالهم وليس المقصود أخذ أموالهم وليس المقصود سبي ذرياتهم ونسائهم، لا، المقصود دعوتهم إلى الله، المقصود إخراجهم من الظلمات إلى النور، المقصود هدايتهم حتى يدخلوا في الإسلام حتى يسلموا من النار، ولهذا يقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] ما أنزل ليحرقهم أو ليقتلهم، أنزل ليخرجهم ليدلهم على الخير، فهذا هو المطلوب من الدعوة وهو المطلوب من الرسل، لكن عند المعاندة وعند عدم الإجابة من المدعوين ينتقل حينئذ المسلمون معهم إلى الأمر الآخر إلى القتال حتى يردوهم إلى الحق بالقوة وحتى يخلصوا ذرياتهم ونساءهم من هذا الإثم حتى يدخلوهم في الإسلام وحتى يستعينوا بأموالهم وما أعطاهم الله على دين الله وإقامته وعلى دعوة الآخرين إلى الله عز وجل، فالقتال ليس المقصود بالقصد الأول إنما هو المقصود بالقصد الثاني، فإذا تيسر دعاؤهم إلى الخير وهدايتهم وإقبالهم على الحق وقبولهم له هذا هو المطلوب، فإذا عاندوا وكابروا شرع قتالهم حينئذ حتى يدخلوا في الإسلام أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهل الكتاب أو من المجوس كما جاءت به السنة ودل عليه الكتاب العظيم.
فالمقصود من هذا كله: أن الدعوة إلى الله هي الأساس الأول وأن الصبر عليها من أهم المهمات، وأن الشخص الواحد إذا هداه الله على يد الإنسان خير له من الدنيا وما عليها وأن له مثل أجره كما قال ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله هذه غنيمة عظيمة تجعل الداعي إلى الله وتجعل المجاهدين يشمرون عن ساعد الجد ويصبرون على الأذى حتى يدركوا هذا المطلب العظيم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. السؤال الأخير في هذه الحلقة سماحة الشيخ كما تفضلتم وبينتم أن طريق الدعوة طريق معين وله زاد معين، هذا الألم وتلكم الحسرة التي توقف الداعية في وسط الطريق، هل ترضونها من الداعية أم له توجيه معين؟
الشيخ: لا يجوز أن يقف في الطريق بل الواجب أن لا ييأس وأن يكون واسع البال كثير الصبر حتى يدرك إن شاء الله ما أراد أو يموت على ذلك، هكذا يجب، الله يقول: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87] ويقول: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] ويقول جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، فالواجب على الداعي والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن لا يقف في الطريق وأن لا ييأس وأن لا يقنط، بل يكون عنده حسن الظن بالله وعنده الرجاء وعنده الصبر العظيم؛ حتى يدرك مطلوبه أو يموت في الطريق، أما الوقوف فلا، ولهذا يقول الله عز وجل لنبيه ﷺ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[الحجر:99] وهو رسول الله، ويقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] فلابد من الصبر، ويقول سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] ويقول النبي ﷺ: ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر فهذه نصيحتي لكل داعي ولكل مجاهد ولكل آمر بالمعروف وناه عن منكر ولكل مرشد ومعلم ولأشباههم النصيحة للجميع هو الاستمرار في الطريق الطيب والصبر على ذلك والصبر على الأشواك التي قد تؤذي، والصبر على كل ما قد يعوق عن الطريق أو يقف في الطريق من سائر العقبات حتى يبلغ المؤمن والداعي إلى الله مراده أو يموت دون ذلك والله المستعان. نعم.
فالحاصل أن أصحاب الغيرة وأصحاب العلم والفضل يتألمون كثيراً مما يشاهدونه من المنكرات وهم عاجزون عن إنكارها والقضاء عليها، ويفرحون إذا وجد من ينكرها ويستطيع الدعوة إلى تركها، فهذا لاشك أنه يبشر بالخير ولكن نبشرهم أنهم على خير وأنه ينبغي لهم أن لا ييأسوا وأن لا يقنطوا وأن يستمروا في إنكار المنكر حسب طاقتهم وأنه لا يكفي مجرد التألم بل لابد مع التألم من إنكار المنكر بالطرق التي شرعها الله باليد عند القدرة ثم اللسان عند القدرة ثم القلب كراهة المنكر وعدم المجالسة لأهله، هكذا يكون المؤمن أينما كان ولا ييئس أبداً، فالله يقول: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87].
فالواجب على المؤمن وعلى طالب العلم وعلى المؤمنة وعلى طالبة العلم أن يبذل كل منهم ما استطاع في هذا السبيل وأن لا ييئس بل يكون أينما كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر داعياً إلى الله مرشدًا لعباد الله بما أعطاه الله مما علمه الله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ولو هدى الله على يده واحداً كان خيرًا عظيمًا ولو هدى الله على يديها امرأة واحدة كان خيرًا عظيمًا، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لـعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين لما بعثه إلى خيبر ليدعو اليهود -سكان خيبر ذاك الوقت- إلى الإسلام، قال له ﷺ: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم يبين له أن ليس المقصود قتالهم وليس المقصود أخذ أموالهم وليس المقصود سبي ذرياتهم ونسائهم، لا، المقصود دعوتهم إلى الله، المقصود إخراجهم من الظلمات إلى النور، المقصود هدايتهم حتى يدخلوا في الإسلام حتى يسلموا من النار، ولهذا يقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] ما أنزل ليحرقهم أو ليقتلهم، أنزل ليخرجهم ليدلهم على الخير، فهذا هو المطلوب من الدعوة وهو المطلوب من الرسل، لكن عند المعاندة وعند عدم الإجابة من المدعوين ينتقل حينئذ المسلمون معهم إلى الأمر الآخر إلى القتال حتى يردوهم إلى الحق بالقوة وحتى يخلصوا ذرياتهم ونساءهم من هذا الإثم حتى يدخلوهم في الإسلام وحتى يستعينوا بأموالهم وما أعطاهم الله على دين الله وإقامته وعلى دعوة الآخرين إلى الله عز وجل، فالقتال ليس المقصود بالقصد الأول إنما هو المقصود بالقصد الثاني، فإذا تيسر دعاؤهم إلى الخير وهدايتهم وإقبالهم على الحق وقبولهم له هذا هو المطلوب، فإذا عاندوا وكابروا شرع قتالهم حينئذ حتى يدخلوا في الإسلام أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهل الكتاب أو من المجوس كما جاءت به السنة ودل عليه الكتاب العظيم.
فالمقصود من هذا كله: أن الدعوة إلى الله هي الأساس الأول وأن الصبر عليها من أهم المهمات، وأن الشخص الواحد إذا هداه الله على يد الإنسان خير له من الدنيا وما عليها وأن له مثل أجره كما قال ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله هذه غنيمة عظيمة تجعل الداعي إلى الله وتجعل المجاهدين يشمرون عن ساعد الجد ويصبرون على الأذى حتى يدركوا هذا المطلب العظيم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. السؤال الأخير في هذه الحلقة سماحة الشيخ كما تفضلتم وبينتم أن طريق الدعوة طريق معين وله زاد معين، هذا الألم وتلكم الحسرة التي توقف الداعية في وسط الطريق، هل ترضونها من الداعية أم له توجيه معين؟
الشيخ: لا يجوز أن يقف في الطريق بل الواجب أن لا ييأس وأن يكون واسع البال كثير الصبر حتى يدرك إن شاء الله ما أراد أو يموت على ذلك، هكذا يجب، الله يقول: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87] ويقول: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] ويقول جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، فالواجب على الداعي والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن لا يقف في الطريق وأن لا ييأس وأن لا يقنط، بل يكون عنده حسن الظن بالله وعنده الرجاء وعنده الصبر العظيم؛ حتى يدرك مطلوبه أو يموت في الطريق، أما الوقوف فلا، ولهذا يقول الله عز وجل لنبيه ﷺ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[الحجر:99] وهو رسول الله، ويقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] فلابد من الصبر، ويقول سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] ويقول النبي ﷺ: ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر فهذه نصيحتي لكل داعي ولكل مجاهد ولكل آمر بالمعروف وناه عن منكر ولكل مرشد ومعلم ولأشباههم النصيحة للجميع هو الاستمرار في الطريق الطيب والصبر على ذلك والصبر على الأشواك التي قد تؤذي، والصبر على كل ما قد يعوق عن الطريق أو يقف في الطريق من سائر العقبات حتى يبلغ المؤمن والداعي إلى الله مراده أو يموت دون ذلك والله المستعان. نعم.