الجواب: العقود أنواع: فعقد النكاح له شأن، وعقد البيع والإجارة ونحوهما له شأن آخر، فعقد البيع يستحب فيه الإشهاد؛ لأن الله قال: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ [البقرة:282]، فإذا تبايعا وأشهدا شاهدين، فهذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، وإن كان دينًا شرع مع ذلك الكتابة أن يكتبا العقد بينهما، كما قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282].
فالسنة الكتابة مع الإشهاد، أما إذا كانت تجارة حاضرة كفى الإشهاد، فإن تبايعا من دون إشهاد صح البيع، وفاتتهم السنة؛ لأنه ثبت عن النبي ﷺ ما يدل على صحة البيع ولو من دون إشهاد، وإنما هو مستحب.
أما عقد النكاح فله شأن آخر، فلابد من رضا المرأة إذا كانت ثيبًا وقد تزوجت أو بكرًا على الصحيح من أقوال العلماء ولابد مع هذا من الشاهدين يحضران العقد بحضرة الزوج والولي، أما المرأة فلا يشترط حضورها ولا لازم لحضورها، ما دامت راضية بالعقد فلا يحتاج إلى حضورها، وإنما المطلوب أربعة: الزوج، والولي، والشاهدان، هؤلاء هم الذين يحضرون العقد أربعة: الزوج والولي والشاهدان، فإذا حضر الشاهدان كفى؛ لقوله ﷺ: لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل.
فالمقصود: أنه يزوج المأذون الزوج من جهة الولي بحضرة الشاهدين، فيقول الولي: زوجتك ابنتي، أو أختي، أو ابنة أخي -على حسب حال المنكوحة- ويقول الزوج: قبلت هذا الزواج، والشاهدان يسمعان، هذا إذا كانت راضية الزوجة شاهدين يشهدان برضاها، أو المأذون قد حضرت عنده وعرف رضاها، أو أبوها أخبر بذلك وهو ممن يوثق به ويطمئن إليه كفى ذلك.
أما ما يتعلق بالبكر ففيها خلاف مثل ما تقدم، لكن الصحيح أنه لابد من رضاها، وليس لأبيها أن يزوجها بغير رضاها؛ لقول النبي ﷺ: والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها، ولقوله ﷺ: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت فلابد من إذنهما جميعًا، الثيب والبكر، ولو كان الولي هو الأب على الصحيح من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم: إن لأبيها خاصة أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، لما جاء في بعض الروايات قال ﷺ: واليتيمة تستأمر قالوا: مفهومه أن غير اليتيمة لا تستأمر، والصواب: أن هذا لا مفهوم له، وأن الاستئذان لليتيمة وغير اليتيمة، ولكن نص النبي على اليتيمة لشدة الحاجة إلى استئذانها، وإلا فالجميع يستأذن، فجميع النساء يستأذن البكر والثيب، اليتيمة وغير اليتيمة، كل يستأمر، هذا هو الصواب.
وإذا زوجها أبوها بغير إذنها وهي بكر وأجازه الحاكم الشرعي مضى؛ لأن الحاكم حكمه يرفع الخلاف، فإذا أجازه بعض الحكام من القضاة أخذًا بقول من قال: إن البكر لا يستأذنها أبوها وأنه أعلم بمصالحها، هذا قول معروف لأهل العلم، وإذا أجازه الحاكم وأمضاه الحاكم ارتفع الخلاف، ولكن لا يجوز لأبيها أن يتساهل في هذا، ولا أن يتعلق ببعض الخلاف في ذلك؛ لأن الرسول ﷺ قد حكم في الموضوع وهو المشرع عليه الصلاة والسلام، وهو الذي يجب على الأمة أن تأخذ بقوله وتستقيم على شرعه عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الأب لا يؤمن قد يتساهل في هذا؛ إما لكونه ابن أخيه أو لأنه أعطاه مالًا كثيرًا أو لغير هذا من الأسباب، فلا يبالي بالبنت ولا يرحمها ولا يعطف عليها، ولا يبالي برضاها وعدمه؛ فلهذا جاء الشرع بالاستئذان مطلقًا ولو كان أباها ولو كانت بكر.
لابد من الاستئذان على الصحيح دفعًا للمضرة عن البنت، وحرصًا على سلامة مطلوبها؛ ولأن الزوج له شأن عظيم فلابد من رضاها به. نعم.
المقدم: تتفضلون بإعادة صيغة العقد حتى تبتعد الشبهة عن أخينا لو تكرمت؟
الشيخ: نعم، فالعقد يحضره أربعة: الولي وهو أبوها إن كان موجودًا، أو وكيله إن كان غائبًا، فإن كان مفقودًا فابنها إن كان لها ابن كبير مرشد، فإن كانت ليس لها ابن ولا أب أخوها الشقيق ثم أخوها لأب، ثم أقرب العصبة، هكذا يتولى العقد أقربهم وأولاهم الأب إن كان موجودًا ثم الجد إن كان موجودًا بعد الأب بأنفسهما أو بوكيليهما، فإذا عدم الأب والجد مطلقًا صارت إلى الابن ثم ابن الابن، فإن لم يوجد ابن ولا ابن ابن لأنها بنت صغيرة ما لها أولاد زوجها أخوها الشقيق إن كان لها أخ شقيق، فإن عدم فأخوها لأب، فإن عدما فابن أخيها الشقيق فإن عدم فـابن أخيها لأب، وهكذا الأقرب فالأقرب، وليس لهم جبرها على أحد، بل لابد من رضاها، إلا إذا كانت صغيرة دون التسع فلأبيها أن ينظر في مصلحتها للأب خاصة، أن ينظر في مصلحتها إذا كانت دون التسع، ولا تحتاج إلى إذن في هذه الحالة؛ لأن الرسول ﷺ تزوج عائشة من أبيها بغير إذنها؛ لأنها كانت صغيرة دون التسع زوجها وهي بنت سبع أو ست سنين .
أما إذا بلغت تسعًا فإنها لا تزوج إلا بإذنها من أبيها وغير أبيها، نعم، ويحضره أربعة كما تقدم: الأب الولي مطلقا، الزوج، الشاهدان، هؤلاء الأربعة يحضرون النكاح، الولي سواء كان أبًا أو غيره، الزوج، الشاهدان، أما المرأة لا يشترط حضورها.
المقدم: لا يشترط حضورها؟
الشيخ: نعم.
المقدم: وهل تشترط الوكالة بالنسبة للمرأة؟
الشيخ: لا ما يحتاج وكالة، متى شهد الشاهدان برضاها كفى.
المقدم: بارك الله فيكم، إذًا المهم في الموضوع أن يؤخذ رأيها.
الشيخ: نعم.
المقدم: وهذا ما يركز عليه أخونا في رسالته.
الشيخ: لابد من هذا. نعم. ولو كانت بكرًا على الصحيح، إلا أن تكون دون التسع فلأبيها خاصة أن ينظر في مصلحتها وأن يزوجها بمن يراه أهلًا لذلك لوجه مصلحة لا للطمع بل لمصلحة للبنت نفسها. نعم.
حكم نكاح المرأة دون أخذ إذنها
السؤال: الرسالة التالية وصلت من أحد الإخوة المستمعين يقول ابن العلا (س. م. ع. م) أخونا رسالته مطولة بعض الشيء، يقول فيها: من المعروف أن العقد شريعة المتعاقدين، وهذا أمر مسلم به ولا جدال فيه، وأن من شروط صحة العقد أيًا كان هو الرضا من الطرفين المتعاقدين، والشهود العيان، ومحل نشأة العقد، لكن ماذا عن عقد الزواج الذي يتم عن طريق المأذون الشرعي أو القاضي بحضور طرف واحد من أطراف العقد، في حين أن هذا الطرف هو الزوج، والطرف الآخر هو ولي الزوجة، حيث أنه يتم عادة الزواج بهذه الكيفية للعقد دون حضور الزوجة الطرف الثاني الأصلي وصاحبة الشأن، بالرغم من أن الزوجة لم يؤخذ رأيها وقت تقديم الزوج لطلب يدها، وهذه عادة يسير عليها أهالي مدينة كذا -يذكرها شيخ عبد العزيز - بعدم أخذ رأي الفتاة أو التي ترغب في الزواج عندما يتقدم لها أحد حتى ولو فرض أن هذا المتقدم قريب لها، ويستمر على هذا الأسلوب -شيخ عبدالعزيز - ليخلص أن المخطوبة لا يؤخذ رأيها، وعند كتابة العقد لا تكون حاضرة، ويسأل عن الحكم؟